|
|
|
أعلم كما يعلم غيري، أن كلمة بطالة، تلك الكلمة التي لا تتجاوز في كتابتها سوى خمسة أحرف، أنها كلمة موجعة للصدور، ولعل هذه الكلمة تجبر البعض إلى نطقها أو الكتابة عنها، سواء كانوا كتّاباً أو طالبي عمل أو من يهمهم مصلحة أولئك الأشخاص، إلا أن هذا قدر الإنسان على هذه البسيطة، فهي كلمة لا بد من ذكرها طال بنا الزمن أو قصر، لكن المفترض بل الواجب أن يسعى كل ذي شأن بعدم ذكرها على ألسنة المجتمع ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، إلا أن هذا الطلب أو المنال، لا يمكن أن يتأتى بالأماني، فالأماني وحدها لم تكن المنجي الوحيد لتحقيق نجاحات في المجتمع، فلا بد من ترجمة أقوالنا إلى أفعال، والسعي الدؤوب إلى ما من شأنه رفعة الوطن بكل ما أوتينا من قوة، ولعلِّي هنا أقدم شرحاً موجزاً عن ماهية البطالة الاختيارية للقارئ الكريم، قبل أن أشرع بالشرح عن السبب الذي قادني إلى كتابة هذا المقال عن البطالة الاختيارية، فالبطالة الاختيارية هي قسم أو فرع من البطالة بشكل عام، وتعني تواجد فرص وظيفية تتفق ماهيتها مع مخرجات التعليم التي نالها طالب العمل، إلا أن هذا الأخير يرفض قبولها والتي تعد مناسبة له من ناحية ميوله لها وتأهله العلمي لها أيضا، والأسباب في ذلك عديدة، فمنها ما يراه أن العمل في هذه المنشأة أو تلك قد لا يحقق له مركزاً اجتماعياً أو وجاهة يرى أنها ضرورة له بين أقرانه، أو أنه يرى أنه في التحاقه بالعمل المعروض عليه فيه من البعد الجغرافي عن مسكنه الذي يقيم فيه، وهذا السبب الأخير هو الذي قادني إلى كتابة هذا المقال كما ذكرت، فقد تلقيت رسالة بريدية من أحد القراء الشباب، وفهمت منه أنه طالب في المرحلة الثانوية، ويقيم في حي الشفاء بمدينة الرياض، وأنه تقدم إلى مكتب العمل في عطلة الصيف للعام الدراسي 1422هـ 1423هـ للعمل ضمن برنامج التوظيف الصيفي، فوجد فرصة عمل لدى شركة مقرها حي الملز، وكُلف بالعمل في مستودعها الكائن على طريق محافظة الخرج، ويتذمر قائلا إن مقر العمل بعيد عن مسكنه، وبحكم إنني أعيش في مدينة الرياض، وأعرف غالبية طرقها ومقدار المسافات بين حي وآخر، فإنني لا أرى أن جهة عمله هذه بعيدة جداً عن مسكنه، وربما يعد ذلك بعيدا نوعا ما، كون هذا الشاب لا يزال طالبا فربما لا تتوافر له مركبة أو على الأقل مركبة جيدة، إلا أن هذا لا يفترض أن يكون عذراً له أو لغيره بأن تقرب الأعمال إلى مساكنهم أو بالقرب منها، فهذه الأمور من المسلمات التي لا يجب التعدي عليها أو التذرع بها، وإلا ما توافرت فرص عمل للعديدين من البشر، إلا أنني أشارك هذا الشاب الرأي فيما ذهب إليه مقترحاً بإيجاد خدمة مواصلات بأسعار رمزية تذلل للشباب ذهابهم وإيابهم لأعمالهم، فلا بد من تحرك سريع حول هذا الموضوع من لدن شركات النقل لدينا وعلى رأسها شركة النقل الجماعي، التي يجب أن يعم نفعها الخدمي والاقتصادي أكثر من جهة في البلاد، أما ما أحزنني في رسالة هذا الشاب، وهذا بعيد عن موضوع البطالة الاختيارية وإنما يدخل ضمن نطاق البطالة المقنعة وذلك للعاملين المستديمين وليس كحالة هذا الشاب الذي يعتبر عمله وقتياً، ما ذكر لي انه لم يكلف بأي عمل بعد تعيينه في هذه الشركة، وكما قال فهو جالس صامتاً على الكرسي ومتفرج دون عمل أو إشغال لوقته الذي يقضيه أثناء أوقات عمل الشركة، فهذا توجه غير محمود من لدن منشأة كهذه، فلا بد لهذه المنشأة أن تعي وتعرف أن تحويل هذا الشاب للعمل لديها ليس لإعطائه مكافأة مالية فحسب، بل لهدف وطني منشود، هو قضاء أوقات الشباب في عطلة الصيف بما ينفعهم من ناحية، وتدريبهم في هذه السن المبكرة لتأهيلهم لأعمال وظيفية في المستقبل، وهذا أمر يؤسف له، ولأنه يلاحظ حدوثه في أعداد لا بأس بها من منشآتنا الوطنية، وعموماً فإن محاربة البطالة هدف وطني واجب الإتيان به من الجميع مسؤولين حكوميين ومواطنين، سواء طالبي عمل أو أولياء أمورهم، في حثهم على العمل الشريف وعدم التقاعس وتفويت الفرصة تلو الأخرى وصولاً إلى ما يحقق النجاح والتفوق لهذه البلاد الكريمة. |
![]()
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |