Monday 21st October,200210980العددالأثنين 15 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

يارا يارا
بين فخامة مستشفى قوى الأمن وتواضع مستشفى السليمانية
عبدالله بن بخيت

في نفس اليوم الذي انتقل فيه الطفل إلى عالمنا الدنيوي لاحظت الأم أن لونه مائل كثيرا إلى الصفرة فساورها القلق وعندما جاءت الطبيبة لتفقده أفشت لها بوساوسها، ولكن الطبيبة قالت لها بشدة وبثقة: لا لا يوجد أي اصفرار.. اطمأنت الأم وأخذت طفلها إلى البيت بعد أن أذنت لها الطبيبة بالخروج.
في البيت مع الفرحة كان هناك شيء ما يستوجب القلق، فالطفل مازال في نظر أمه مائلاً إلى الصفرة ولكن كلام الطبيبة الاستشارية مازال ماثلا في ذهنها، فحاولت تناسي الموضوع وعدّت ما تراه من قبيل أوهام الأمومة.
وفي اليوم السابع أخذ الوالدان الطفل إلى مستوصف الحرمين الأهلي بالروضة لإجراء عملية الختان وقد اختارا اليوم السابع اتباعا لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام. في غرفة عملية الختان صادف وجود طبيب أطفال وبدون أن يطلب منه أحد لاحظ أن الطفل شديد الاصفرار فطلب على الفور إيقاف عملية الختان لحين إجراء تحليل مخبري. فتبيَّن من التحليل أن نسبة الصفار في الطفل بلغت حد الخطر على خلايا الدماغ، فطلب المستوصف من والديّ الطفل سرعة إعادته إلى المستشفى فهو في حاجة إلى عناية خاصة.
فعاد الأب والأم بطفلهما مرة أخرى إلى مستشفى قوى الأمن بالرياض. كانت الساعة في ذلك الوقت الثامنة بعد صلاة العشاء. فمكثا في قسم الطوارىء حوالي ست ساعات يجادلان مع كل من هب ودب لإقناعه بإدخال الطفل. كان الطفل مهددا بالعطب في أي لحظة. ورغم أن مستشفى قوى الأمن يعي هذه الحقيقة إلا أنه يرفض إدخال الطفل وإسعافه. والشيء المهم أن كل من تجادل مع والدي الطفل كان يؤكد خطورة وضع الطفل ولكنهم جميعا يجيبون: لا يوجد سرير. هذه الإجابة الوحيدة المتوفرة في المستشفى. وأخيرا وعند الساعة الثانية صباحا خرج الوالدان بطفلهما إلى الشارع في حالة من الذهول. لا يمكن لأحد أن يصدق أن مستشفى، أي مستشفى، يصرف طفلا في حالة خطر الساعة الثانية صباحا. كان الأمر بالنسبة لوالدي الطفل حلماً، حلماً سيبقى معهما طويلا. طفل حياته في خطر حقيقي ولايستطيع واحد من أكبر المستشفيات في المملكة العربية السعودية اتخاذ أي شيء لإنقاذه. وعندما قضى الله أن يعيش الطفل وتقر به أعين والديه ساقهما إلهام من الله إلى مستشفى الأطفال بالسليمانية، وهو ذلك المستشفى الذي يعرفه فقراء الرياض، المنزوي في شارع داخلي في حي السليمانية والذي يفتقر للأناقة. فما أن ألقى الطبيب المناوب في مستشفى السليمانية نظرة أولى على الطفل حتى صعق ولم يتردد في التعبير عن ذهوله: كيف تؤخرون الطفل إلى هذه المرحلة المتقدمة. فقال الأب: لم نؤخرة بل كنا من الساعة الثامنة ليلا ونحن نتجادل مع مستشفى قوى الأمن لإنقاذه ولكنهم رفضوا فأنا ضابط (هكذا قال الأب) وكنت أظن أن من حق طفلي العلاج في مستشفى قوى الأمن.
وعلى الفور اتخذ طبيب السليمانية الإجراءات الطبية ولا أقول الإنسانية وخلال عشر دقائق فقط أصبح الطفل في غرفته يقف على رأسه طبيب وممرضة وتحت الرعاية الكاملة وتم بقدرة الله تعالى إنقاذ الطفل من دمار محقق.
العجيب في القصة أن تحاليل مستشفى قوى الأمن الأولية تشير إلى أن نسبة من الصفار في دم الطفل في اليوم الأول من ولادته وأشارت التحاليل في اليوم الثاني أن نسبة الصفار ازدادت في الطفل مما يعني حسب وجهة نظر الخبراء أن الطفل في حاجة إلى أجراء طبي وبقائه في المستشفى إلا أن الطبيبة الاستشارية «!!؟؟»رفضت الأخذ برأي الأم ورأي التحاليل الطبية وأمرت بإخراج الطفل قبل أمه من المستشفى.
دعونا نهنىء والدي الطفل على نجاة طفلهما ونهنىء أنفسنا على وجود مستشفى عملاق خفي اسمه مستشفى السليمانية للأطفال، وما قلناه عن مستشفى قوى الأمن نعلم أن المسئولين لن يسمحوا بتكراره وسوف ينال المتسبب العقاب الذي يستحقه.

فاكس 470216

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved