لا نستغرب أبداً صراخ الأطفال مع آبائهم في المتاجر ومدن الألعاب وتجد هذا متداولاً بين سائر الطبقات.
ويعتقد أطفالنا أننا نملك عصاً سحرية هي تلك «البطاقات» التي نودعها أمامهم إلى مكائن الصرف فتمطرنا مالاً وفيراً.. ولا يعلم أطفالنا أن ذلك تعب شهر كامل وأنه سرعان ما ينضب وبمجرد مرور الأسبوع الأول.
وتباحثنا مع زميلاتي كيف نروِّض رغبة الاستهلاك المستشرية عند أطفالنا.
فمن «الديسكات» إلى القصص إلى القرطاسيات إلى كل ما تعلن عنه «سبيستون».
وأروي لهن أن طفلتي ذات الخمسة الأعوام لا تكف طوال اليوم عن كلمة «أبيه.. هذا أبيه».. «أحبه.. هذا أحبه» وحيث إنها البنت الوحيدة فإنني أضعف أمامها، بل إنني مع والدها نفرح إذا طلبت خاصة ما يتعلَّق بالملابس والزينة ونشعر أن في ذلك نمواً لذوقها الجمالي.
واستحالت المسألة إلى رغبة مجنونة لا ندري كيف نحوها.
وقد قرأت يوماً دراسة تقول أعرض محفظتك الفارغة على أطفالك وأشعرهم بأن النقود نفدت وستجدهم في المرة القادمة يفكِّرون كثيراً في كيفية الصرف..
قالت زميلتي إنها تقسِّم مصروف الألعاب على أطفالها قبل خروجهم من المنزل وتقول هذا هو المبلغ المحدد لهذا الأسبوع.
قابلت بكاءهم أول مرة بصبر وجلادة ثم اعتاد الأطفال هذا الأمر وأصبحت تربط زيادة مصروف الألعاب بانتظامهم في أداء واجباتهم وانضباط عاداتهم السلوكية في المنزل.
وجربت طريقة زميلتي..
وأحرجني أطفالي أول الأمر يحدثون أصدقاءهم من العائلة بأنهم لا يلعبون إلا بمبلغ محدد وأنهم لم يعودوا كما كانوا يقضون وقتاً أسبوعيا طويلاً في مدن الألعاب.
وتحملت وجالدت حتى استوعبوا ما أريد.. بل إن طفلتي صارت تقدم السؤال قبل أن تعلن عن رغباتها الاستهلاكية المنساقة خلف الإعلانات.. فهي تسأل أباها: «عندك فلوس علشان اشتري كذا.. وكذا»..
وتتقبل الإجابة بمنطقية سواء كانت إيجاباً أو سلباً..
وأهم نقطة التفتُّ إليها مع زميلاتي أن مطر مكائن الصرف يجب أن يهطل في خفية عن عيون الأطفال.
خاصة أن طفلتي أصبحت تحمل في حقيبة الروضة كرتاً صحياً قديماً وتقول لمعلِّمتها هذه «بقاقة» الفلوس!!.
** الأطفال عجينة سائغة.. لينة.. بإمكاننا أن نشكِّلها وفق ما نريد.. لكن هل منحناهم الوقت والمساحة والجهد الذي تستحقه تربيتهم.. أم أننا تركناهم للحمى الاستهلاكية تعبث بهم وتريح ضمائرنا قليلا بأننا نعوِّضهم عن طول غيابنا عنهم فنغرقهم أكثر دون أن نعلم أو يعلمون!!!
11496 الرياض 26659 |