في سلسلة حلقات «حدود الوطن»
هذه ملاحظاتي على حلقات الخرج

حدود الوطن عنوان جميل يتصدر صفحات جريدتنا الغراء الجزيرة تلك الصحيفة التي ما فتأت تتجدد عاما بعد عام لإثراء القراء بما هو مفيد ونافع، ففي تطواف تلك الحلقات في أنحاء المملكة لتقديم الصورة الزاهية لمدننا سواء الكبيرة أو الصغيرة وذلك لإبراز الدور الحيوي لقادة هذه البلاد في البناء وتيسير سبل العيش الرغيد وتوفير الأمن للمواطن والمقيم ويأتي ذلك من خلال البرامج التنموية التي أقرتها الدولة تنفيذاً للخطط الخمسية الهادفة لخدمة الوطن والمواطن.
ومن تلك الحلقات في حدود الوطن حلقة عن الخرج في العدد 10913 وتاريخ 11/6/1423هـ ومابعده في ست حلقات.
وإنني إذ أقدم الشكر الجزيل لرئيس تحرير جريدة الجزيرة والعاملين معه على هذا الجهد الطيب لأثني بالشكر لأخي الأستاذ مسفر القحطاني معد هذه الحلقات والتي كان الفضل الأول بعدالله للأستاذ والمربي الفاضل سعد بن عبدالرحمن الدريهم مؤلف كتاب «الخرج» والذي اعتمد عليه الأخ مسفر اعتماداً كلياً ونوه عنه في أولى الحلقات.
ولقد أبرزت تلك الحلقات أهمية الخرج عبر أطوار التاريخ حتى عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي أولى تلك المحافظة جل اهتمامه وجعله متنزهاً له في نهاية الأسبوع ولضيوف الدولة.
وما تلك الحلقات سوى إلماحة لبعض جوانب النهضة العمرانية والزراعية والثقافية في الخرج، حيث ان كل مدينة في الخرج بحاجة إلى حلقات متعددة لإبراز المظاهر الحضارية والتنموية البارزة للعيان.
ولابد لكل عمل بشري من قصور ولذلك سنقف بعض الوقفات حول بعض الملاحظات التي جاءت عرضاً عن غير قصد مؤكداً أن تلك الملاحظات لا تقلل من القيمة التاريخية والعمل الصحفي لتلك الحلقات بل تضيف أشياء وتصحح خطأ فإلى تلك الملاحظات:
1- إن الإحصائيات والأرقام الواردة في تلك الحلقات قديمة مضى عليها عشر سنوات إذ إن صدور الكتاب كان في عام 1413هـ وكان الأجدى بمعد تلك الحلقات أن يجدد الأرقام الواردة بحيث تعكس بحق حجم الإنجاز.
2- لقد أغفل معد الحلقات الشعر والشعراء في المحافظة ولم يورد شيئاً منه ومعلوم أن للشعر سجلاً حافلاً يعكس مظاهر التنمية العمرانية وغيرها والمحافظة زاخرة بالشعراء الذين سجلوا قصائد تعد تاريخاً وذلك من العصر الجاهلي حتى هذا العهد الزاهر الذي برز فيه الشعراء سواء شعراء الفصيح أو الشعبي.
3- بعض الصور التي نشرت مع الحلقات لا تعكس الواقع الذي تم التعليق عليها على أنها تمثل شيئاً في المحافظة وبعضا لا لزوم له البتة، فمثلاً في الحلقة الثانية نشرت صورة مركز تجميع مياه الصرف الصحي على أنها من عيون الخرج وهذا قلب للحقائق والواقع.
كما أن الصورتين في الحلقة السادسة ليس لهما أي معنى فصورة سور حديقة وصورة سوق الحمام غير مناسبتين، فكان الأولى بمعد الحلقات إبراز الدور الثقافي في المحافظة بوضع صورة المكتبة العامة أو بعض الأنشطة التجارية أو صور للحدائق الجميلة من الداخل وهي كثيرة.
4- أما ما ورد في الحلقة الخامسة فإنني أقف عندها فعندما جاء فيها من غلطات تاريخية فمعد الحلقات أتى بمعلومات لم يأت بها مؤلف الكتاب وتقوَّل عليه بأشياء هي في عرف المؤرخ دخيلة يجب تصحيحها والتنبية عليها، وذلك عند الحديث عن قصر الملك عبدالعزيز في الخرج وعن أسباب إنشائه فقد قال عند بداية الحديث وهذا من عنده «إن الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه عندما وحد المملكة العربية السعودية وعندما انتهى من بناء قصر المربع في عاصمة المملكة الرياض أمر ببناء قصر له في محافظة الخرج وذلك لاستراحته الأسبوعية وسط البساتين الزراعية والعيون والمياه الجارية» ثم أضاف «تم البدء في بناء هذا القصر في العام 1359هـ» إن هذا الكلام يصلح كخبر صحفي ولكن لا يصلح للتاريخ إذ يبرز التناقض بين النص الواحد فبين بناء قصر المربع وبناء قصر الخرج أربعة عقود أي في عام 1359هـ.
وبعد أن أورد وصفاً للقصر ذكر أسباب بنائه فقال: «حماية العاصمة الرياض وتأمين حدودها الجنوبية من أي متمرد على الدولة فالخرج هدف استراتيجي لكل طامع يريد السيطرة على اليمامة ونجد» إن هذين النصين لم يوردهما الأستاذ سعد الدريهم في كتابه فكان الأولى بالأخ مسفر أن يلتزم بما ورد فيه ولا يضيف شيئاً من عنده بمعلومات خاطئة ولم يشر إلى أن تلك المعلومات من عنده، علماً أن النص الأخير متناقض أوله مع آخره.
وهذا النص المغلوط أعرف جيداً من أطلقه منذ عامين عبر إحدى مطبوعات وزارة المعارف عند الحديث عن القصر وأسباب بنائه فالذي أطلق هذا النص الخاطئ هو موظف موكل إليه المحافظة على الآثار في المحافظة وليس مختصاً في التاريخ وليس لديه مستند تاريخي أو روائي من المعاصرين لبنائه فما هو الرابط بين التمرد بعد توحيد المملكة العربية السعودية وبين الطمح في اليمامة ونجد ومن هو الطامع؟
وأقول إن تلك النصوص إذا لم تصحح عبر القنوات الإعلامية فستصبح حقيقة تاريخية يصدقها الأجيال القادمة وهي خاطئة والدليل على ذلك أن مكتب جريدة الرياض بالخرج عند الحديث عن القصر في ملحق اليوم الوطني العدد 12509 في يوم 16/7/1423هـ أورد هذا النص بخطئه نقلاً عن جريدة الجزيرة في تلك الحلقات.
وإليك عزيزي القارئ الحقيقة الناصعة عن سبب بناء الملك عبدالعزيز للقصر المسمى «قصر مشرف»، فعندما فكر الملك عبدالعزيز في استغلال عيون الخرج ذات المياه الوفيرة بدأت الدراسات لإقامة مشروع زراعي وكان ذلك في عام 1354ه وما أن حل عام 1358ه إلا وقد قام المشروع فكانت زيارات الملك عبدالعزيز رحمه الله للخرج للاطلاع على المشروع وتفقده والاستراحة فيه فتم بناء القصر في عام 1359ه وهومعد لاستراحة الملك عبدالعزيز وضيوفه الرسميين وممن يفد إليه من مسؤولي الدولة وذلك للتمتع برؤية هذا المشروع الزراعي الضخم في المملكة آنذاك.
ولعل أكثر من يعرف تلك الحقيقة هم ممن عاصر الملك عبدالعزيز وذهب للسلام عليه في هذا القصر فقد ذكر الشيخ راشد بن صالح بن خنين المستشار بالديوان الملكي حالياً أن قصر مشرف بني لاستراحة الملك عبدالعزيز الأسبوعية ولاستقبال رجالات الدولة والضيوف من خارجها.
وفي مقابلة في جريدة «الجزيرة» العدد 9612 وتاريخ 5/10/1419هـ مع رجل من معاصري الملك عبدالعزيز ورئيس لحراس المصمك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن علي من عسكر حيث قال ما نصه «زارنا الملك عبدالعزيز في الخرج عدة مرات حيث كان يحضر إلى قصره بمشرف لتفقد أمور المواطنين والترويح عن نفسه بمشروع الخرج الزراعي وكذلك تفقد الخيل».
نعم أيها القارئ الكريم هذه أسباب بناء القصر إذ ليس من المعقول بعد أن توحدت المملكة العربية السعودية وسنت الأنظمة وعين الأمراء أن يكون هناك تمرد يطمع في الخرج أو الرياض حيث أصبحت البلاد رقعة واحدة تحت لواء واحد ونعم الناس بالأمن والاستقرار وأصبح الجميع أخوة متحابين واتجهوا إلى البناء والتجارة وغيرها.
وما دام الحديث عن محافظة الخرج لا يفوتني أن أشيد بهذا الأمير الشهم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالعزيز محافظ محافظة الخرج الذي أحدث بتعيينه خلال مدة وجيزة نقلة نوعية في إدارة المدن والربط الاجتماعي بين مدن المحافظة وسعيه الدؤوب في تفعيل الدور التنموي للمحافظة من خلال اجتذاب المؤسسات التعليمية وغيرها وضخ البرامج التوعوية سواء الأمنية والثقافية وغيرها مما سيكون له الأثر في انطلاقة جديدة لنهضة تنموية سنلمس آثارها الإيجابية والتي برز بعضها للعيان ولم يكمل سموه الكريم عامه الأول من التعيين، وقد صدق فيه قول شاعر الخرج الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن العتيبي عندما كتب في استقباله قصيدتين طويلتين نقتطف من الأولى قوله: