ليس عجيباً ولا غريباً ما يحدث بين إخوة هذه الأيام الذين ينزغ الشيطان بينهم ويفرق بينهم في الدنيا وحطامها، فقد فرقت الدنيا منذ بداية الخليقة بين أول أخوين خلقهما الله من صلب آدم وهما هابيل وقابيل، فقتل قابيل هابيل وتآمر إخوة يوسف على أخيهم حسداً من عند أنفسهم لمكانته عند أبيه. وكل هذه أمثلة ضربها الله سبحانه وتعالى لبني البشر. والعجيب أن لا يتعظ بها المسلمون وهم يتلون كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار.
* . وكان أيضا في قوله تعالى:{إنَّهٍ مّن يّتَّقٌ وّيّصًبٌرً فّإنَّ اللهّ لا يٍضٌيعٍ أّجًرّ المٍحًسٌنٌينّ} *يوسف: 90* ، وقد اجتمعت في أهاب شخصية يوسف التقوى والصبر معاً فكيف لا يعطيه ربه أجر المحسنين وهو الذي استجاب لدعوة ربه الذي قال {فّمّنً عّفّا وّأّصًلّحّ فّأّجًرٍهٍ عّلّى اللّهٌ}، فعفا يوسف عن اخوته وأصلح حالهم طمعاً في أجر المحسنين والاحسان أعلى مراتب الايمان.
هذا هو التاريخ الأسود للاخوة كما ورد في كتاب الله، وهذا هو الدرس الأبيض الذي نخلص به من قصتي هابيل وقابيل ويوسف واخوته. ولكن لماذا حدث ذلك كله ليعقوب والد يوسف بما أصابه في هذا الابتلاء العظيم؟!
* فقال جبريل: الله أعلم بما تشكو يا يعقوب.. ثم قال يعقوب: أما ترحم الشيخ الكبير؟ أذهبت بصري وقوست ظهري فأردد عليًّ ريحانتي أشمه شمةً قبل أن أموت ثم إصنع بي ما أردت. فأتاه جبريل فقال: يا يعقوب إن الله يقرئك السلام ويقول لك أبشر وليفرح قلبك، فوعزتي لو كانا ميتين لنشرتهما لك، فاصنع طعاماً للمساكين فإن أحب عبادي إلي الأنبياء والمساكين. وتدري لم أذهبت بصرك وقوست ظهرك وصنع إخوة يوسف به ما صنعوا إنكم ذبحتم شاة فأتاكم مسكين وهو صائم فلم تطعموه منها شيئا. فتعلم يعقوب ذلك الدرس العظيم، فكان إذا جاء الغداء - بعد ذلك - أمر منادياً ينادي: ألا من أراد الغداء من المساكين فليتغد مع يعقوب، وإذا كان صائما نادى في المساكين من يفطر مع يعقوب!.
فما أعظمها من دروس يلقنها الله لأنبيائه ليتعظ بها عباده.
|