Thursday 31th October,200210990العددالخميس 25 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حديث المؤامرة... ومَنْ يخطط لنا؟؟ حديث المؤامرة... ومَنْ يخطط لنا؟؟
تركي بن منصور التركي

لست ممن يذهبون إلى تحميل نتائج ما يحدث للأمة الإسلامية في هذا الوقت وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تحديداً إلى (مؤامرات) نسجت وحيكت بدقة متناهية، ذلك أنه رغم السيطرة التقنية في آلة الحرب وفي مجال المخابرات العالمية وفي توجيه آلة الإعلام بما يخدم أهدافهم، إلا أنه تبقى أمور تستعصي على إرادتهم خاصة إذا تعلقت بأنها تفترض (دفع) الآخرين لأعمال كالتي حدثت في أمريكا، فرغم أن هناك من أسهب بإفراط في تعداد ما اعتبره أدلة دامغة على تورط اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة ذاتها في التخطيط والتنفيذ لهذه العمليات التي غيّرت مجرى العالم بل ومن ذهب منهم بعمالة أسامة بن لادن للمخابرات الأمريكية وأنه نفذ مخططاً مدروساً متقناً لإحكام سيطرة الأمريكيين على العالم وإرساء مواضع أقدام في مناطق ساخنة كانت حلماً للأمريكيين من قبل، أقول ان هذه الآراء افتقدت للمنطقية والموضوعية وصورت الأمم جميعها كتوابع تحركها الصهيونية العالمية لخدمة أهدافها ومنها أمتنا العربية والإسلامية، فثمة حدود للامكانات التي يمكن أن يضطلع بها من له مصلحة كبرى في إفساد الأجواء الأمريكية والأوروبية/ العربية لأن هذه الأعمال تتعلق بآخرين نفذوها لصالح اعتبارات ظنوها جهادية وكانت في أحاديثهم وأحاديث من وقفوا على التخطيط لهذا الأمر كابن الشيبة وخالد الشيخ - مثلا - لسنوات حتى تمكنوا من تنفيذ هذا المخطط.
أقول ذلك وأنا لا أخفي دوراً وأيادي خفية سهلت هذه الأحداث بهدف قلب ظهر المجن على العرب والمسلمين وإظهارهم كجناة بعد أن كانوا هم المجني عليهم قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فما حدث في موتمر دوربان في جنوب افريقيا منتصف العام 2001م والعزلة التي كانت عليها واشنطن بسبب موالاتها وتحيزها الكبير لدولة الكيان الصهيوني والموقف التضامني الكبير التي أبدته غالبية دول العالم ومنها دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين مع الحقوق العربية ومحاولاتها إصدار قرار يعتبر إسرائيل دولة عنصرية لممارستها التنكيل والتعذيب على الشعب الفلسطيني، وما أحدثه هذا الموقف من إحراج كبير لواشنطن كانت تفجيرات أمريكا رصاصة الرحمة التي أخرجتها من هذه العزلة وجعلتها (دائنة) عوضاً عن كونها (مدينة) بحقوق للآخرين.
وحديث المؤامرة كلام يروق لكثيرين، متجاوزين فيه إرادة أمتنا العربية والإسلامية وكأن ما يخطط له ينفذ بجودة وإتقان، ودون أن تكون لنا كلمتنا مهولين من الشأن الغربي وقوة اللوبي الصهيوني الذي لو لم يجد رغبة ممن نفذوا هذه التفجيرات متيحاً لهم الفرصة لما حدث ما حدث..!!
وما طالعته في جريدة الجزيرة في عددها (10983) بخصوص ما توصلت إليه التحقيقات بشأن تفجير ناقلة النفط الفرنسية قرب الشواطئ اليمنية من أن جهات أجنبية هي من نفذ التفجير من خلال زورق بحري أرسل من وسط البحر بواسطة تحكم عن بعد وهوما قالته صراحة بعض الأوساط الإعلامية الفرنسية حينما اتهمت أمريكا بأنها تقف خلف الحادث معللة ذلك بأنها تريد التأثير على موقف باريس الرافض لضرب العراق، لكن الغريب في هذا الحادث انه جاء رغم الاحترازات الأمنية الشديدة في الموانئ اليمنية والاعتقالات الكثيرة التي طالت أفراداً ممن يتهمون بالانتماء لتنظيم القاعدة واستحالة تنفيذهم لأعمال جديدة في ظل هذه الاجراءات الأمنية، كذلك ما صرح به الشيخ باعشير الذي اعتقلته السلطات الإندونيسية بتهمة تعاونه مع تنظيم القاعدة حينما اتهم أمريكا بأنها هي من يقف خلف تفجيرات بالي مبرراً ذلك برغبتها المسبقة بوضع قدمها على الأراضي الإندونيسية كما حدث في الفلبين وأفغانستان وباكستان خاصة إذا ما علمنا أرقام عدد الضحايا المرتفع والقدرة التفجيرية الهائلة للمنتجع التي لا يمكن لعناصر أو خلايا صغيرة تابعة لتنظيم القاعدة أن تنفذ ذلك خاصة مع الرقابة والتشديد الأمني هناك، مع الاهتمام انه لم يكن من بين الضحايا في التفجير أمريكيون وأن المستهدفين كانوا من دول ليست هدفاً لتنظيم القاعدة، وهو ما يكشف ان ما يتم الحديث عنه عن (مؤامرة) تحاك بدقة ودهاء هو حديث لا يبتعد كثيراً عن المصداقية..!!
وفي الشأن الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة ما يكشف - في ظني - صوراً من هذا التمكين للقيام بأعمال تفجيرية تخدم في المقام الأخير مخططات توسعية استيطانية، فالعملية الاستشهادية الأخيرة التي خلفت 14 قتيلا وأكثر من 40 مصاباً تزامنت مع وصول المبعوث الأمريكي وليم بيرنز الذي جاء بمقترحات أمريكية ملزمة للكيان الصهيوني بشأن قيام دولة فلسطينية مستقلة أواخر العام 2003م، وهذه العملية جاءت لتضعف الموقف الفلسطيني وتبرر الأعمال الاجرامية الصهيونية، والغريب ان هذا التزامن ليس الأول فقد نفذت عمليات استشهادية إبان زيارة المبعوث الأوروبي لارسن والمبعوث الأمريكي تينت وقبل كل زيارة لمبعوث أمريكي أو أوروبي يصل للأراضي المحتلة الذي ما يلبث ان يعود الى بلاده مندداً (بالارهاب) الفلسطيني وملتمساً العذر لشارون وجنوده (بالدفاع) عن أنفسهم..!! وأنا هنا لا أزعم أن الجانب الصهيوني هو من نفذ هذه العملية، ولكني أرى أنه منحها الضوء الأخضر كما فعلت أجهزت معينة في واشنطن مع منفذي تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر..!!
هنا.. ومع كل هذا الاتقان والتنفيذ المحكم من قبل جهات (ما) يهمهما إلصاق تهمة (الإرهاب) بالمسلمين مدعومين من قبل آلة إعلامية قوية وضخمة تقدم المتهم ظناً وزوراً وتقنع به الجميع، أتساءل أين الإعلام العربي والإسلامي من مقارعة هذا التفوق الكبير والعمل على كشف الحقائق والبحث عنها في أماكنها بعيداً عما تنقله لنا وكالاتهم وأخبارهم وصحفهم..؟؟ هل ننتظر منهم أن يفعلوا الجرم ثم يقوموا بالكشف عن أنفسهم لننقل عنهم ذلك..؟؟ إن ما حدث في تفجير الناقلة الفرنسية والتفجير الذي حدث في بالي الإندونيسية حقائق حرب بالإعلام العربي والإسلامي التعامل معها وإبراز الأيادي الخفية التي تقف خلفها، والتحذير من الانسياق خلف (التسهيلات) التي تقدم هنا وهناك لأجل تنفيذ عمليات سيتبعها ولاشك ما هو أعظم وأخطر مما يظن أنه تحقق من مكتسبات..!!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved