Thursday 31th October,200210990العددالخميس 25 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

شعراء الجنوب؟ تحولات التجربة (1/3) عبدالرحمن موكلي.. نموذجاً شعراء الجنوب؟ تحولات التجربة (1/3) عبدالرحمن موكلي.. نموذجاً
محمد الدبيسي

وكأنما الشعر صار لهم وطنا.. يلوذون بحمياه..!
من جنوب الوطن.. ينهمر «الجيزانيون»
شعراً.. وغناء
يصير الشعر ملاذاً.. للجنوبيين
ينحتون في قوافيه حضورهم..
ويغيبون في إيقاعاته غناءهم السافر..!
حسن الصلهبي.. ومحمد ابراهيم يعقوب..
وعبدالرحمن موكلي..
وقبلهم، ابراهيم مفتاح.. وعبدالمحسن يوسف..
وحسين سهيل.. وعلي الأمير.. وعلي الحازمي
يعادلون كفة الوطن.. بكفة الشعر..!
يقطرون شعراً.. وأهازيج..!
حتى باتت ظاهرة إصداراتهم.. حالة شعرية
تحضر بهم.. ونتعايش معها قراءة.. وتلقياً..
«هَمُّهم» الملح على الانوجاد.. والمؤكد على
الحضور المغري بالقراءة..!
** ويعد ما أنجزوه من تجارب شعرية، ملمحاً من ملامح..
دعوى القراءة المحللة للظاهرة الإبداعية
وتشكل «فرسان» كما يصفها عبدالمحسن يوسف مجرات
لأفلاك شعرية..
لا تلبث تجمعهم وتستحث
خطوهم.. باتجاه الشعر..!
وعلى مفارقات شكلية ونوعية..
في مساق تجاربهم..
يظل الثابت لا العابر في مخيلاتهم
قضية تلخص.. مفهوم الشعرية
الجنوبية.. التي ترفض الانزواء..!
وتبزغ في مشهدها الثقافي في متواليات إصدارية،
تمثل علامة ثقافية، على قابلية بيئتهم للإنجاز الثقافي..
بسياق إبداعي، يمثل الشعر نموذجه
ويعبر مفازات السؤال الصامت..
نحو سؤال الحاضر المتجدد، والحضور المباغت
ليصير حضورهم ذاته، حضوراً للقصيدة: «الجنوبية»
بمزاجها الغنائي، والمشكل لأبعاد
التنوع الإيقاعي.. والدلالي.. في رصيد
ما انتجوه من أعمال
** وعبدالرحمن موكلي.. في مجموعته «لما متى وافاطمة»*
يتواصل مع هذا المفهوم عبر مسار حذر
يختصه برسم إيقاع قصيدته..
فحين أسس ابراهيم مفتاح مرجعية تقليدية.. لهذه الشعرية..
عبر تكريسه لحضور التناظرية الجديدة..
ولوّن حسين سهيل وعبدالمحسن يوسف
هذه الشعرية بذائقة «التفعيلة»
مع التنويع العميق في رؤاها.. وتشكيل
تفاصيل بنيتها، بروح شعرية مباغتة
في حضور هويتها، المحرك ركود التناظرية
والباعث على منح القصيدة الجديدة
مناخات تلقي وذائقة قبول..
محفز على التأمل لدى القارئ المعاصر..!
سيما وحضورهم جاء مواكباً للحضور
الزمني للقصيدة التفعيلة..
كشكل شعري جديد في مشهدنا الثقافي..
وفي وقت توقف التقليديون فيه
عند حلول التكرار والنمطية.. وفي الشكل والمضمون والرؤى.
مما ساهم في أن تكون «التفعيلة»
هي متغير الذائقة والرؤية والتصور..
بمنجزاتها المتألقة عربيا آنذاك.. وبنقلها المشهد
الثقافي من التقليد.. إلى التجديد..!
حيث تنسجم «التفعيلة» في حضورها
التراكمي.. كذائقة متلبسة بقابلية
التلقي ومرونته، وفي استيعاب
تحولات التفعيلة.. وانسجامها
مع إمكانات وجودها الجديد..!
حيث لغتها المرنة.. وانتظام إيقاعها
وفقا للصباغة اللغوية.. وجاذبية
التعبير.. والإصغاء لصوت الذات
لمد النص بمكنونها الجمالي..!
** في حين يراوح علي الأمير وعلي الحازمي
في اختصار المسافة إلى هذه النتيجة..
من خلال اقتحام منجزات التفعيلة
والدخول في منجزاتها وزخمها الحضوري
في المشهد الثقافي تلقياً وقراءة.. مباشرة..
ومدها بجماليات الشعرية الناجزة،
والمنحازة إلى فصلها الحاضر.. والمتجدد
والاندغام والتناغم في هذا الحضور..!
الذي تحقق فيه قصيدة التفعيلة حضورها في الذائقة المتلقية التي تأسس عليها تحول الخطاب الإبداعي في السعودية
منذ الثمانينيات، إلى أفق جديد في نماذجه وشروطه القبولية
وخطابه النقدي، وكذا تنوع وتعدد قابليات تلقيه أو رفضه!
في حين يظل محمد ابراهيم يعقوب
وحسن الصلهبي وابراهيم صعابي
يراوحان في خيال التناظرية.. ومدها
الفضفاض.. دونما إضافة جسوره
أو ملفتة.. بالرغم من قابليتهما الجريئة
لغيرها.. وقدرتهما على الانفصال
من أبويتها..!
** أما محمد مسير مباركي.. فلتجربته خصوصية
بنائية وحادة، تكمن أبرز مظاهرها، في تفريغه الشكل
التناظري من حمولته التقليدية..
وإعادة حقنه برؤيته الإبداعية، ومزاجها الحديث..
في التشكيل والدلالة والإيقاع الصوتي، وفي اختيار البحور والأوزان،
حادة القافية، وغنائية الإلقاء، كما ان معجمه اللغوي المختلف..
والمنتقى بعناية، من رصيد المادة اللغوية..
يعزز من قيم وعمق هذه الخصوصية،
إضافة إلى تقابل الصور العقلانية في نصوصه، وحيوية خياله الجمالي الذي يعطي لتجربته خصوصية في البنية والدلالة والتشكيل..!
** وفي مثل هذا الواقع الشعري الراهن..
يتأتى لعبد الرحمن موكلي.. اختطاط
مساره الشعري عبر مجموعته الجديدة..
التي تحاول الخروج على مسار ذلك الواقع..
والانحياز لخط مغاير.. تنبني فيه قصيدته
على قاموس لغوي يجمع، بين المفردة الشعبية
والصياغة الفصحى.. في اجتهاد لتحويل بنيتها
إلى شاهد على اقتناص أمكنة بذاتها..
وأشخاص بذواتهم.. المعبر عنها
مضافة إلى الشاعر.. الذي اعتنى
بتفاصيلها ومزجها بالخط الشعري
عبر خيال جمالي، يتوخى التصور الشفيف
للشعرية.. ويضع هذا الخيال في خانة
المعقول اللامرئي.. دونما غرائبية
أو ربط اعتباطي..!
« لما خرجت.. خرجت أزف المحال
فلمن يتدلل هذا الخيال؟
ينزل من برجه راوياً
الصدى سال في مدن
يا كالسقيم بها والمعافى؟
المعافى هل يقيم عثرة الليث؟» ص11
وزاوج في بنائه المقطعي للنصوص
ما بين نصوص طويلة نسبيا..
وأخرى سطرية.. مرتهنة للتكيف
والأفق البصير.. لتشكيل لغوي
تتقاسم فيه الجملة.. بنية التعبير..
على مساحة سطرية.. تعزز تقسيم
الدال الشعري بفحواه المكثفة..
«فمالك من الرأس يا تنزع قتيلها
***
إلا أن تفيق.
والناس تحدق في فجوة العناد..»ص 37
بالمحذوف المشكل سطريا
يتضاعف بدلالة المنطوق الظاهر
المحدد... بينما يكمل ما ظهر من
الجملة مفهوم المعنى المكثف..!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved