Thursday 31th October,200210990العددالخميس 25 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

أسئلة حائرة في العقل الأمريكي أسئلة حائرة في العقل الأمريكي
ستيفن بريفيت (*)

إن قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة وقائية من جانب واحد للعراق في هذا الوقت يعد امرا خاطئا لاسباب اخلاقية وقانونية وعملية ومما لاشك فيه ان صدام حسين يعد ديكتاتورا وحشيا فظا بدأ الحروب وارتكب انتهاكات مروعة في مجال حقوق الانسان ضد شعبه ومن الواضح انه يمثل خطرا على النظام العالمي الا انه لم يثبت انه يشكل - حاليا- تهديدا مباشرا ووشيكا على الولايات المتحدة أو حلفائنا.
لقد طال الجدل حول العراق ولكنه لم يقدم دليلا يدينها والجامعات - مثل جامعاتنا - تعلم الناس ضرورة تتبع الدليل من اجل الوصول الى نتيجة منطقية والسماح للجدل ان يرتفع أو ينخفض بناء على الحقائق الموضوعية بعيدا عن التأثر بالعواطف وليس على اساس الاتجاهات الحزبية أو الايديولوجية.
ان القرارات السياسية المصحوبة بالنتائج الجيدة أو السيئة هي قرارات أخلاقية ينبغي ان يدعمها دليل دامغ وليس المواعظ المثيرة.
ان الوضع العراقي يثير اسئلة خطيرة ينبغي الاجابة عليها قبل اتخاذ أي قرار سياسي: هل سوف تتصرف الولايات المتحدة بشكل مستقل عن الامم المتحدة؟ هل ستتصرف حكومتنا بشكل منفرد ضد العراق كما حدث بالنسبة للقضايا العالمية الاخرى ومنها الالغام الارضية وتجنيد الاطفال في الحروب ونزع السلاح النووي والمحكمة الجنائية الدولية ومعايير البيئة؟ وهل تستأثر واشنطن فقط بكل المعرفة فيما يتعلق بالموضوعات الدولية دون باريس أو روما اوبانكوك أو بكين أو موسكو أو اسطنبول اوالرياض أو مكسيكو سيتي أو ابوجا؟
ان الاساس المنطقي لتوجيه ضربة وقائية من جانب واحد للعراق لاتستوفي المعاييرالكلاسيكية لشن حرب عادلة : الدفاع السلطة الشرعية النية الحسنة تناسب الوسائل مع الهدف احتمالات النجاح لقد اثار الامريكيون هذه المبادىء أو المعايير عندما حثوا الرئيس بوش على التراجع عن حافة الحرب لدينا قرارمن الكونجرس ولكن ليس لدينا دليل قوي يدعم مخاوف الولايات المتحدة من توجيه العراق ضربة مباشرة وشيكة لها أو يؤيد اشتراك العراق في الهجمات الارهابية في سبتمبر 2001 ولم يتم بعد استكشاف الوسائل الاخرى لمخاطبة هذا الوضع بشكل جيد بينما تم استنفاد الكثير من هذه الوسائل وفي هذا الوقت يكون توجيه ضربة عسكرية لصدام حسين بمثابة خطوة اولى وليست اخيرة.
ان الاحتمالات القوية لوقوع خسائر مدنية من الابرياء - القتل وليس الاضرار المصاحبة - تؤدي الى مزيد من التأكل لاي مطالب بالالتزام بالاخلاقيات كما ان التأكيدات الخاصة بأن توجيه ضربة وقائية ضد العراق سوف يكون عملا مشروعا من الناحية الاخلاقية امر يتناقض مع المبادئ الاخلاقية التي قبلها المدافعون عن الاخلاق في الغرب منذ اكثر من الف عام.
ان المادة «51» من ميثاق الأمم المتحدة تسمح بتوجيه ضربة وقائية عسكرية فقط عندما يكون حدوث هجوم مباشر امرا وشيكا وعند استنفاد كل الخيارات الاخرى ومع عدم وجود وقت للمداولات في الوقت الذي لايوجد فيه دليل على ان هناك اسلحة نووية أو بيولوجية أو كيميائية موجهة بشكل مباشر للولايات المتحدة اوان صدام حسين اصبح قاب قوسين أو ادنى من الضغط على الزناد لذا فان الجدل تركز بشكل كبير على وضع نهاية لنظام صدام حسين وليس على العمل مع المجتمع الدولي من اجل اجبار صدام على تغيير سلوكه ويتساءل خبراء السياسة الخارجية والشؤون العسكرية عما اذا كان لدى العراق الان اسلحة نووية أو قدرة على اطلاقها.
تصور ان هناك عالما تلوذ فيه الدول بمبدأ الضربة الوقائية كما يريد لنا البعض ان نفعل ذلك فهل اتيح نفس المدى لكل من الصين أو الهند أو اسرائيل أو باكستان أو روسيا لتجاهل المادة 51 مثلما تفترض الولايات المتحدة ذلك لنفسها؟
انني اتفق مع الباحث القانوني جورج بشارة الذي قال بوضوح «ان قيام الولايات المتحدة بعمل منفرد ضد دولة اخرى يمثل خرقا خطيرا للقانون الدولي» ويحذر الخبراء من ان اندلاع حرب مع العراق من شأنه ان يحمل احتمالات زعزعة استقرار الشرق الاوسط المتفجر جدا ان الوعود الخاصة بتحقيق نصر سهل في العراق هو كلام اجوف مثل التأكيدات التي كانت سارية في مطلع الحرب في فيتنام.
ان قيام أمريكا بعمل منفرد ربما يتسبب في مزيد من العزلة لنا عن المجتمع الدولي ويقوي من حجة اولئك الذين يقولون ان مزاعم امريكا الخاصة بقيادتها للعالم لاتقوم على اساس شيء اكثر من القوة العسكرية والاقتصادية ان نتيجة توجيه ضربة وقائية ضد العراق قد تؤدي الى اثارة نوع من الهجمات تهدف امريكا نفسها لمنعها ومن شأن ذلك ان يترك العالم في حالة من الفوضى اكبر من الفوضى التي صنعها وجود صدام حسين في السلطة.
ان القيام بعمل عسكري وقائي منفرد ضد العراق في هذا الوقت يمثل انتهاك المبادئ الاخلاق الراسخة ولايقدم تأكيدات لاقامة نظام عالمي اكثر استقرارا لتكن النتيجة التي توصلت اليها وموقفي هذا دعوة مفتوحة لاستكشاف الاسئلة المثارة والاجابة عليها ولاينبغي لاحد ان يكبت مثل هذا الجدل بالتأكيد على ان التساؤل هنا يعادل عدم الولاء أو ان الوطنية تقتضي القبول بسياسات وقرارات لايتفق معها الافراد لاسباب قانونية واخلاقية وعملية.

(*)رئيس جامعة سان فرانسيسكو الامريكية
خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص ب «الجزيرة»

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved