* القاهرة - مكتب الجزيرة شريف صالح:
جاءت الجلسة الأخيرة للمؤتمر الأول للفكر العربي عن اللغة العربية وروح العصر مسك الختام حيث شارك فيها كل من الدكتور محمود السيد وزير التربية السوري ود.عبدالقادر فهري مدير معهد الدراسات وأبحاث التعريب بجامعة الملك محمد الخامس وجاءت أشبه بلقاء مفتوح بين الجمهور والضيوف، حيث تحدث الروائي الطيب صالح مستفهماً ما روح العصر التي تتعارض معها اللغة العربية؟ وأبدى دهشته قائلاً: لا أعرف أمة مشغولة بان تنظر إلى نفسها بهذه القسوة مثلما ننظر إلى أنفسنا.. مؤكداً ان اللغة كيان حي معايش ومعاصر بالفعل، وان السؤال الذي يشكل منطلقاً لهذا المحور الأخير دليل على مشكلة عقلانية نعاني منها ولانجد مثيلاً لها عند الانجليز أو الفرنسيين في علاقتهم بلغتهم على سبيل المثال.
وأضاف صالح ليس مهماً ان نسأل ما المقابل العربي ل «الهامبرجر» فنقولها كما هي.. معتبراً ان من يشكون من بعض الحروف أو من يطالبون تبسيط النحو، مثل هؤلاء يعانون خوراً في الطريقة لأننا أصبحنا أمة لم تعد واثقة من نفسها تماماً.
وأشار إلى أنه من حسن الحظ ان القرآن الكريم نزل باللغة العربية فأصبحت لغة شريفة ومقدسة، وهذا التقديس لايعني ان نعاملها كوثن، وإنما نعاملها بالاحترام الذي تستأهله، فهي بالفعل لغة شريفة لكل من تمعن فيها ويحب شعرها وأدبها حيث يدرك انها لغة غير عادية وإذا كانت ركيكة وضعيفة فيعني ذلك ان الأمة ضعيفة وركيكة.
واختتم الطبيب صالح كلمته بأن الأمر ليس بالغ السوء.. مؤكدا اننا نسير للأمام رغم وجود مشاكل كثيرة يمكن حملها.. فاللغة العربية لها شرف الاستمرار والتجدد وهي تعيش في اقصى السودان والمغرب وموريتانيا والجزائر رغم فترات التاريخ الحالكة.
أما الدكتور محمود السيد فأشار إلى ما تتسم به اللغة العربية من سمات صوتية كالضاد والحاء، وان الاصوات تقابل الحروف ماعدا كلمات محدودة كما ان هناك ميزة في اختلاف المعاني ووجود مراتب للحزن ومراتب للسرور الذي يساهم في ايضاح المعاني.
وذكر الدكتور السيد اننا نعيش في عصر العولمة والاجتياح المادي وهيمنة الأقوياء على الانفتاح.. مشيراً إلى وجهين للعولمة أحدهما سلبي وآخر ايجابي، فالوجه الايجابي يتمثل في انفتاح الشعوب على بعضها البعض، أما الوجه السلبي فيتمثل في خطر العولمة على أمتنا وشيوع العامية والمصطلحات الأجنبية على اللسان العربي.
وأشار المتحدث إلى ان القرآن جاء فوق اللهجات كما وحد الأمم والقبائل، وان لغة القرآن صامدة ولم تتأثر بعصور الظلام، ودعا السيد إلى توحيد جهود المؤسسات القائمة على اللغة لاحلال المصطلحات العربية مقابل المصطلحات الأجنبية مشيرا إلى كلمة قالها الرئيس كلينتون، مشيراً إلى فصل الثقافة العربية التي استوعبت الثقافات الأخرى في وقت كانت فيه أوروبا منغلقة على نفسها، وفي كلمة الدكتور عبدالقادر فهري، مدير معهد الدراسات وأبحاث التعريب بجامعة الملك محمد الخامس - أشار إلى خاصية فريدة للغة باعتبارها أداة للنمو المعرفي وإنما المسألة تتعلق بالتنمية والاقتصاد والنمو.
كما أشار إلى ضرورة تعلم لغة الآخر وعدم الاكتفاء بتعلم لغتنا فقط بما يثري عملية الاتصال بالآخر والعكس، مؤكدا ان التحديات التي تقابل اللغة العربية هي ان تكون لغة التكنولوجيا ولغة العلم والتعليم ولغة الإعلام والعمل، أي لغة شاملة غير قاصرة على المختصين.
واعتبر المتحدث ان العربية لغة رمزية كونها لغة القرآن التي يتحدثها مليار ونصف المليار، على حين يتحدث الاتحاد الأوروبي العديد من اللغات، من جانبه دافع د.محمد عبدالحافظ في كلمته عن اتهام اللغة العربية بأنها عاجزة عن التعبير وعن مواكبة التاريخ، ووصف من يوجهون هذا الاتهام بأنهم يجهلون قراءة التاريخ، حيث كانت اللغة العربية عنصراً أساسياً في ازدهار الحضارة العربية والإسلامية.
وجاءت مداخلات الحضور متسمة بالوجازة عكس اغلب المداخلات السابقة، وكان الحديث يدور حول عدة نقاط مكملة لما طرحه المتحدثون ومن بينها الحاجة إلى ان تكون اللغة العربية لغة للتقنية والتكنولوجيا، وان يتم الارتقاء بمستوى الخطاب الإعلامي العربي، ومن بين المداخلات تحدث الدكتور محمد الرميحي -الكويت- عن غياب قاموس عربي موحد ومعاصر رغم وجود اربعة مجامع لغوية عريقة.
وكان مسك الختام الطفل اليمني المعجزة جمال مظهر الذي تم تكريمه في حفل الافتتاح، حيث ألقى قصيدة من نظمه تندد بالوضع العربي الراهن وتدعو العرب إلى الوحدة والتماسك في وجه العدوان الصهيوني، لاقت القصيدة استحسان الحضور وكان ختاماً لافتاً يعبر عن الأمل في فتيان الغد، وفي الجيل القادم للنهوض بحاضر ومستقبل الفكر العربي وأمة العروبة.
|