Thursday 31th October,200210990العددالخميس 25 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

وطن الرموز وطن الرموز
صالح علي الدبيبي

الوطن أصالة.. الوطن التزام.. الوطن موقف..
الوطن هو تلك الشجرة التي نسقيها من عروقنا.. تلك النخلة التي نتفيأ تحت ظلالها.. تلك الجنة التي نستشعر نعيمها..
الوطن هو الأم وهو الأمان.. هو العمل وهو الاخلاص..
الوطن ليس حرفاً نترنم به، ولا ادعاء نلوح به في كل مكان، إن الوطن جهد وعرق، إن الوطن حب ينبت الأزهار ويزرع طول الأشجار.
ان مقاييس الفضل والخير والاحسان قد تتفاضل وتتمايز إلا في حق الوطن!!، عندما يكد الانسان ويكدح ويسيل عرقه على أرض وطنه، فإنه يؤسس قيمة من أروع القيم في الأرض، عندما يأخذ الانسان فسيلة ثم يغرسها في أرض وطنه فإنه يزرع حبه ووده وقلبه فيها.
عندما ينظر الانسان الى أبناء وطنه، كما ينظر الى أبنائه واخوانه وعائلته التي ينتمي اليها، عندها يتحقق معنى الوطن في النفوس.
هذا المعنى وباقي المعاني، حين أتذكرها، تقترب هي من بعضها البعض لتجسد في مخيلتي صورة رائعة ورمزاً أصيلاً هي صورة الشيخ سليمان عبدالعزيز الراجحي.
ذلك الاسم الكبير، وذلك الرمز الاقتصادي المتميز الذي قال عنه المفكر البليهي - في معرض كلامه عن الأفكار أنها هي العمل الابداعي الأول -:«إن كبار رجال الأعمال ومشيدي، الامبراطوريات المالية والصناعية والعمرانية من أمثال الشيخ/ سليمان الراجحي، وفورد وبيل قيتس وغيرهم، لم يدرسوا النظريات الاقتصادية وإنما كانوا ذوي، قدرات ابداعية في انتاج الأفكار البانية، أما تنفيذ الأفكار الابداعية فهو ميسور فالمهم ان تولد الأفكار الابداعية».
فلا عجب بعد ذلك ان الكثير من الأجانب وغيرهم ممن يزورون مشاريع الوطنية يعجبون بتلك الأفكار التي يعتقدون انها من صناعة لجان واجتماعات وخبراء ودراسات، ويزيد عجبهم حينما يجدون أنها - وبكل تواضع - بناء من بناءات هذا الشيخ!!.
إن الرموز في أي مجال حيوي لها طابع التأثير سواء على المستوى السياسي أو الديني أو الثقافي أو الاقتصادي أو الاداري يظل من أهم الجوانب التي تبرز أهمية «القدوة» خصوصاً في هذه الظروف التي تعيد الى الأذهان التجارب السابقة والمعاناة التي عانى منها الآباء والأجداد.
فالشباب السعودي عندما يقلب طرفه في «السير الذاتية» لهذه الرموز تقترب التجربة من عينيه ويضعف حاجز الاستحالة والعجز والكسل، فالشيخ سليمان بنى هذا الكيان لبنة لبنة.. وحجراً حجراً.. وشجرة شجرة.. يبني وطنه ويغرس حبه واخلاصه لوطنه وأمته.
وحين تتأمل أخلاقيات الكبار تجد ان أبرز ما يميزهم هي مسحة التواضع والبساطة على وجوههم وأخلاقهم وتصرفاتهم كما في المثل الانجليزي «العظمة في البساطة» فهم ليسوا مثالا خياليا، أو نجماً لا ينزل الى الأرض، أو تجربة لا تتحقق.
بل هم الذين جمعوا أصالة الماضي وعراقته، بكل ما فيه من قيم نبيله وتقديس لقيمة العمل والكد والكسب من عمل اليد «خير ما أكل ابن آدم من عمل يده».
ويملكون أيضا أذهاناً منفتحه لأي تطوير ورقي، من شأنه الرفعة لذواتهم وأوطانهم.
وهم يؤمنون أيضا بمبدأ الوفرة «يا رب ارزقني وارزق مني» فهذا المبدأ هو الحادي في الطريق والسامر في العمل، وصديق أي فكرة.
إننا ما لم نغرس في قلوب الناشئة قيمة العمل وحبه أيا كان هذا العمل فلا أظن أننا نبني، جيلاً قادراً على تحمل أعباء المستقبل، وادراك ان العمل بحد ذاته أعلى من أي مرتب وأنبل من أي رتبة.
وهؤلاء الكبار أيضا لا يستنكف أحدهم ان يقول لك إنني كنت «حمالاً» أو أعمل «بسوق الفاكهة والخضار» أو «صبي عند تاجر» لأن لديهم ادراكاً عميقاً ان العيب كل العيب ان يغيب تصور قيمة العمل في النفوس الذي هو طريق النجاح والتميز والابداع في كل المجالات.
فشيخنا لا يستنكف أبداً ان يوجه بروح أخوية أحد الدكاترة العاملين لديه، وبعد لحظات تجده يوجه بنفس الروح أحد عمال البساتين!!
إنها حكايا الرموز، حكايا «مدرسة الراجحي» التي تخرج منها الكثر وأفاد منها الكثيرون..
إنها حكايا الزمن...
إنها حكايا للأجيال...
إنها حكايا الوطن...

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved