سعادة الاستاذ خالد المالك
رئيس تحرير صحيفة الجزيرة المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
في مقال تحت عنوان: «في زمن المصائب التي لا تأتي فرادى» كتب الاستاذ عبدالكريم الرويشد في صحيفتكم الغراء في عددها الصادر يوم الخميس 5/7/1423هـ عن امرأة توفيت «رحمها الله» وانتفخ جثمانها في انتظار صك الدفن وذكر من ضمن ما ذكره تأخر وصول فرقة الهلال الاحمر دون وجود طبيب فيها وعدم نقل الجثمان عن طريق الاسعاف ثم رفض ثلاجة الوفيات في مجمع الرياض الطبي استقبال الجثمان الى آخر ما هنالك من حيثيات يمكن قراءتها في ذلك المقال الذي لم يكن لينشر دون ان يجد اهتمام ولاة الامر، لانه لو صح ما جاء فيه من كلام لكان وضع الخدمات الانسانية في مجتمعنا سيئاً جداً.
وفعلاً بعد نشر ذلك المقال صدر امر صاحب السمو الملكي نائب امير منطقة الرياض - حفظه الله - بتشكيل لجنة للتحقيق فيما جاء فيه، تضم ممثلين عن الجهات المعنية.
وأسارع بطمأنة السادة القراء انه وبعد التحقيق مع جميع الاطراف وبحضور ابن المتوفاة اصدرت اللجنة قرارها التالي: «ما ذكره الصحفي لا يمت الى الحقيقة بصلة».
واسمحوا لي هنا ان افند تلك المزاعم الصحفية ذات الطبيعة القصصية والتي تنم عن موهبة تأليفية رائعة، وكل ما سنذكره من معلومات هو من سجلاتنا الرسمية الموثقة والتي لا تحتمل الشك او التأويل. وطبعاً سيقتصر ردنا على ما يخص الهلال الاحمر فقط وسنترك للجهات الاخرى المجال لترد بما تراه.
بدايةً نشكر للزميل كاتب المقال هذه اللفتة الانسانية الكريمة وهذا الاهتمام بحرمة المتوفى، ولكن حبذا لو اضاف لهذا الاهتمام الصفة الاهم التي يجب ان يتحلى بها اي صحفي الا وهي «الامانة الصحفية» فعليه ان ينقل الحقيقة كما هي ويفترض به ان يتحرى الدقة في كل كلمة يكتبها ولا ينسى انه صحفي وليس مؤلف روايات درامية، واذا كان سيرد بأن روايته هي نقل عن لسان شخص آخر له علاقة بالقصة فنقول له انه كان من واجبه كصحفي ان يتأكد من الحقائق قبل الكتابة.
اولاً: هناك سؤال يطرح نفسه هنا وهو: ما الذي حرك الضمير الصحفي بعد مضي هذه الفترة الطويلة حيث ان حادثة الوفاة تلك كانت قبل ستة اشهر من كتابة هذا المقال الطنان، ذي العنوان الرنان؟
ثانياً: يذكر كاتب المقال ان سيارة الاسعاف التابعة للهلال الاحمر ضلت الطريق واستغرق وصولها للموقع اكثر من ساعة، بينما السجلات الرسمية لغرفة العمليات تؤكد ان وصول الفرقة الاسعافية استغرق فقط ثماني دقائق من وقت اتصال المبلغ على غرفة العمليات.
ثالثاً: الفرقة التي وصلت الموقع كان من ضمن طاقمها طبيب وهو اول من باشر الحالة، بينما الرواية الصحفية تقول بأن الذي باشر الحالة في البداية مسعف من الهلال الاحمر وقال بانه لا يستطيع نقلها حتى يأتي طبيب للكشف عليها.
وهنا يجدر بنا ان نطمئن الاخوة القراء بان جميع مسعفي الهلال الاحمر على قدر كبير من المهارة والخبرة ومدربون بشكل جيد للتعامل مع الحالات الاسعافية من دون وجود طبيب.
رابعاً: الفرقة الاسعافية الثانية وصلت الموقع بعد اربع دقائق فقط وقد جاءت الي الموقع لانه كان هناك ازدواجية في البلاغ حيث ان احد اقارب المتوفاة كان قد توجه الى مجمع الرياض الطبي لطلب المساعدة وكانت هناك فرقة من فرق الهلال الاحمر فلبت النداء ولكن عند وصولها للموقع كانت الفرقة الأولى «والتي فيها الطبيب» قد باشرت الحالة فانسحبت الفرقة الثانية. المهم ان الطبيب الذي كشف على الحالة وجد لديها «حسب التقرير الرسمي الذي كتبه» علامات وفاة متأخرة اي انها متوفاة منذ فترة، واخبر ابنها الذي تلقى الخبر بحزن شديد ولكن بإيمان اشد واستسلام لقضاء الله وقدره وسأل الطبيب عن الاجراءات المتبعة لنقلها، فشرح له الطبيب ان عليه الاتصال لطلب سيارة من قسم المناسبات بامانة مدينة الرياض. وهكذا انهت الفرقة الاسعافية مهمتها وانسحبت من الموقع بعد ان اطمأن الفريق الاسعافي ان وضع من كان في البيت من اهل المتوفاة لا يدعو للقلق. وهذا مختلف تماماً عن القصة الدرامية التي ذكرها الكاتب حول وصول الفرقة الاولى من دون طبيب ومن ثم طلب فرقة فيها طبيب وتأخر وصول الطبيب لان سيارة الاسعاف اضاعت الطريق الى آخر الرواية وانا اعتقد ان الحقيقة قد تكون اختلطت على الكاتب بفيلم ما شاهده على الشاشة.
خامساً: ما ذكره الكاتب المؤلف عن عدم نقل فرقة الهلال الاحمر للجثمان مع انه كان نظيفاً ليس به دماء او تلوث خارجي، كما يقول في روايته، فهذا يدل على ان الكاتب، مع احترامي الشديد له، لا يعرف شيئاً عن عمل الهلال الاحمر لان فرقنا الاسعافية تنقل يومياً العشرات من المصابين من الحوادث المرورية مع ما فيهم من جروح نازفة وملابس متسخة، فللاسف مرة اخرى لم يصب الكاتب الهدف. فنقول له ان مهمة الهلال الاحمر الاساسية هي اسعاف ونقل المرضى والمصابين «حتى ولو كان عليهم دماء او تلوث خارجي» اما الوفيات فلها جهة اخرى مختصة بنقلها وفعلاً هذا هو النظام «وهي الجملة التي ذكرها الكاتب باستهجان على لسان فرقة الهلال الاحمر»، وهل هناك افضل من العمل المنظم حيث تقوم كل جهة بالعمل المطلوب منها؟
نأمل ان نكون قد وفقنا في توضيح الحقيقة للاخوة القراء علماً اننا تحرينا الامانة الصحفية التي - وللاسف الشديد - ضيعها بعض من الذين يفترض ان يحافظوا عليها.
وتقبلوا تحياتي وتقديري.
أحمد بن عبدالله السلامة مدير عام الفرع الرئيسي لجمعية الهلال الأحمر في منطقة الرياض |