السقمُ لمَّا مسَّها أعياني
والسهمُ حين أصابها أدماني
والداءُ لمَّا صالَ في أحشائها
قد صالَ مثلَ النارِ في وجداني
آلامُها اجتاحتْ جميعَ مفاصلي
وجروحُها غارتْ إلى شرياني
وأنينُها مازلتُ أحسبُ أنَّه
صوتٌ بداخلِ خافقي ناداني
مُضِغَتْ بأنيابِ الزمانِ فما شكتْ
لكنَّها صبرتْ على الأزمانِ
فتهشَّمتْ أنيابُه وكأنما
عَضَّ الزمانُ بها على صَفْوَانِ
الجسمُ فيه من البلاءِ هشاشةٌ
والقلبُ فيه صلابةُ الإيمانِ
بصمودِها قد غيَّرتْ مفهومَنا
لمَدَى حدودِ تحمُّلِ الإنسانِ
ومع المعاناةِ الطويلةِ لم نكنْ
إلا كروحٍ ضمَّها جسمانِ
عجباً! يعزِّيني الورى في موِتها؟
أوَما دَروا أنّي القتيلُ الثاني؟
ماذا عسى الأشعار تُهْدِيها وقد
ذابتْ حروفُ الشِعْرِ فوقَ لساني
وعلى شفاهي حين أخلو ساجياً
وُئِدَتْ مئاتُ قصائدٍ وأغاني
أمسى لساني صامتاً لكنَّما
في مُقْلَتَيَّ رسائلٌ ومعاني
كتبتْ دموعي عند جانبِ قبرها
«موتُ الحبيبِ ولادةُ الأحزانِ»
ما الحزنُ إلا غابةٌ ظلماءُ إذْ
حجبَ النهارَ تشابكُ الأغصانِ
أيامُنا لو شُكِّلَتْ في لوحةٍ
لمَحَا السوادُ نضارةَ الألوانِ
بحرُ المآسي كم ركبنا موجَه
فمتى الوصولُ لشاطئ السُلْوانِ
بالأمسِ لي قلبٌ يفيضُ من المنى
واليومَ لي قلبٌ بغيرِ أماني
هي شمعةُ الآمالِ، لما أُطْفِئتْ
تاهتْ مُنَايَ بظلمةِ الأشجانِ
وودتُ لو أني أكونُ مكانَها
تحتَ الترابَ لكي تقومَ مكاني
أعضاؤها الجوفاءُ في أكفانِها
لكنَّها في أعينِ الرحمنِ