Friday 22nd November,200211012العددالجمعة 17 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

نبض المداد نبض المداد
المبادرة والوضوح
أحمد محمد الجردان

كم هو جميل أن يضع أحدنا النقاط على الحروف وأن يكون واضحاً كوضوح النهار في رابعة النهار، وذلك على وجه الخصوص عندما قد يساء اليه بسبب وقوفه موقفاً من المواقف التي فيها مجال للريبة فيه!!، فالشيطان - أعاذنا الله منه - ينزغ بين الناس ليجني ثمرات نزغاته ووساوسه فيقتنص فرصة وقوف أحدنا موقف إساءة الظن به أغلب فيه من إحسان الظن به، فيوسوس - أعاذنا الله منه - الى الآخرين ويزين لهم بأن فلان أو فلانة قد وقف أحدهما أو كلاهما هذا الموقف من أجل كذا وكذا من الشبه والمحرمات ويدعم وساوسه ونزغاته تلك بأدلة يضفي عليها الواقعية - وهي ليست كذلك - مدعومة بالظن السيء، فيفرق بين المرء وزوجه، والصديق وصديقه، والجار وجاره، والزميل وزميله، وهكذا حتى يجني ثمار سعيه بانهدام الأسرة وإنهيار الصداقات وفقد الثقة، وعندها تتوالى التراكمات والمشكلات النفسية والاجتماعية!!.
علاج ذلك نجده لدى طبيب البشرية الأول الهادي البشير صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روته أم المؤمنين صفية بنت حيي - رضي الله عنها - والذي قالت فيه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً أي في المسجد فأتيته أزوره ليلاً فحدثته، ثم قمت لأنقلب -أي أرجع - الى بيتي فقام ليقلبني - أي يرافقني - فمر رجلان من الأنصار - رضي الله عنهما - فما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «على رسلكما فإنها صفية بنت حيي» فقالا: سبحان الله يا رسول الله.. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خفت أن يقذف في قلوبكما شراً فيقال شيء».
نعم - والذي نفسي بيده - صدق الرسول صلى الله عليه وسلم كم من شر قذفه الشيطان في القلوب، فقالت الألسن، وغمزت العيون، وتحركت جوارح أخرى مترجمة ما في القلوب من ذلك الشر إلا الشيء إلا لأن السبل المؤدية الى ذلك الشر لم تقطع في حينها وذلك ببيان حقيقة الموقف في لحظته!!، فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم الذي ليس للريبة طريق اليه بالرغم من ذلك كله يوضح حقيقة الأمر لاثنين من أصحابه - رضوان الله عليهما-!!، فالموقف أرض خصبة لبذر وساوس الشيطان ونزغاته، ولكنه عليه الصلاة والسلام بادر عندما رآهما قد أسرعا - رضي الله عنهما - بإيضاح حقيقة الأمر ولما قالا وكلهما عجب في أن يتبادر الى ذهنيهما أن قرة أعينهما صلى الله عليه وسلم مجال للريبة: «سبحان الله يا رسول الله..» بين لهما وللأمة الى قيام الساعة ما قد يترتب على عدم المبادرة في بيان حقيقة الأمر إذا وقف المرء موقفاً قد يساء اليه بسبب وقوفه له!!.

*) مدير العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved