Saturday 23rd November,200211013العددالسبت 18 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

يارا يارا
ديناصورات الأدب
عبدالله بن بخيت

في الوقت الذي احتفل فيه النادي الأدبي بالرياض بتكريم رئيسه السابق والأديب المعروف عبدالله بن ادريس، اكتشف العلماء في إيران آثار ديناصورات تعود إلى 65 مليون سنة في منطقة كرمان جنوب شرقي إيران.. بالتأكيد سيظن البعض أن هناك تنسيقاً من أي نوع بين هذا الاكتشاف وبين حفل النادي تكريماً لابن ادريس، وما يحمل على هذا الاعتقاد أكثر ان الديناصورات المكتشفة في إيران هي من أكلة اللحوم وليس من أكلة الأعشاب والفواكه الطازجة يطرح هذا التزامن تساؤلا علميا وثقافيا تم تجاهله سنوات طويلة. لماذا لم يكتشف العلماء حتى الآن أي آثار للديناصورات في المملكة وفي الجزيرة العربية؟ نسمع كل يوم ان دولة من الدول اكتشفت آثار ديناصورات بل عظام وبقايا جلود على أراضيها، كما تنتشر متاحف الديناصورات في أنحاء العالم وتغيب بطريقة مثيرة للاستغراب عن المملكة. المعروف ان الجزيرة العربية قبل ملايين السنين كانت تعج بالغابات والأشجار الكثيفة ومعدل الأمطار فيها يفوق معدل الأمطار في غابات الأمازون. بيئة كتلك لابد ان تكون مكانا مناسبا لتعيش فيها أعتى أنواع الكائنات وليس الديناصورات فقط.
أتذكر عندما كنا صغاراً كنا نتسفر في كثير من المناطق الصحراوية القريبة من الرياض ومن بينها منطقة تسمى قميلان، وهي أفضل منطقة تشاهد فيها آثار التعرية الطبيعية وخاصة آثار المياه. تقع قميلان في وادٍ تحيطه الجبال الرسوبية الضخمة وتحف به صخور متشققة تنم عن أنها كانت تحتضن نهراً عظيماً يشق طريقه إلى مجاهل الصحراء المتشعبة. في الليل عندما نتسامر على ضوء نار الحطب نسمع أصواتاً غريبة تصدر من تجاويف الجبال.. لم نكن في ذلك الزمان نعرف أي شيء عن الديناصورات. كنا نعتقد ان تلك الأصوات جزء من صفير الرياح الضاربة في فراغات الصخور وفي أسوأ الأحوال نظن أنها أصوات عواجيز الذئاب الجائعة، حتى جاء اليوم الذي دخلت فيه أول نادٍ أدبي وشاهدت قطعة صخر غريبة التكوين تبدو من بعيد كجذع شجرة، وعندما تقترب منها تعرف أنها قطعة صخر. عرفت لاحقا أنها شجرة متحجرة منزوعة من غابات الأشجار الصخرية المنتشرة في كثير من مناطق المملكة. لم أسأل عن سبب وجودها في نادٍ أدبي على أساس أن النادي الأدبي متحف طبيعي لكل ثقافات البلاد من بينها ثقافات العقول المتحجرة. كان هذا عند بداية تأسيس النوادي الأدبية وقريبة العهد من عواء الصخور الرسوبية في قميلان. راحت الأيام وعرفنا النوادي الأدبية كما عرفنا ان هناك حيوانات ضخمة جدا كانت تعيش في زمان ما قبل التاريخ اسمها الديناصورات، وهي أنواع بعضها يأكل الأعشاب والفواكه الطازجة وبعضها لا يأكل سوى اللحوم الحمراء، وأكلة اللحوم الحمراء لم تكن تعاف أكل السمك أو الدجاج (كما تبين لاحقا) ولكن في ذلك الزمان لم يكن هناك اسماك تستحق الأكل، فمعظم الأسماك في تلك الأزمنة هي من أسلاف السلمون السابح ضد التيار كما لم يبدأ انتاج الدجاج بكميات تكفي لتغذية الديناصورات فاكتفت الديناصورات، بأكل اللحوم الحمراء حتى قدر الله عليها ان تزول من الوجود.
عندما حضرت حفل تكريم شيخنا ابن ادريس الذي استقال من منصبه بكل كرم لاعطاء فرصة لغيره لقيادة النادي شاهدت عدداً من الديناصورات الأدبية تفدع في اللحم الأحمر والدجاج والسمك أيضاً.. مما يعني ان شهية الديناصورات مفتوحة على كل الاتجاهات.. ورغم هذا التطور الشكلي في التغذية تؤكد الديناصورات الثقافية في النوادي الأدبية ان هناك تواصلا حميميا مع أسلافها القدماء، وتؤكد بما لايقبل الشك ان الجزيرة العربية لايمكن ان تخلو من ديناصورات، وربما أسست النوادي الأدبية في الأصل لتأكيد هذا التواصل البيولوجي، واقترح على كل من تجاوز مرحلة التحلل والتآكل والتحجر في المنصب في أي نادٍ أدبي ان يذهب إلى أقرب مكتب للأحوال المدنية ليؤكد وظيفته الأصلية بان يسجل في خانة المهنة (ديناصور ثقافي).

فاكس4702164

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved