Saturday 23rd November,200211013العددالسبت 18 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لما هو آتً لما هو آتً
بين... وبين... مفارقات
خيرية السقاف

تحلو لي المفارقات التي أخرج بها من مشاهدة برامج الكوميديا بعقد مقارنة بين سلوك الشعوب وتفاصيل «أخلاق» أفراد مجتمعاتها...، لكنَّ هذا الاحساس «بحلوى» هذه المفارقات ما يلبث أن يتبدَّل إلى الاحساس «بمرارة» النتيجة...، فمشاهدة برامج الكوميديا «الأجنبية» للقوم الذين لا يتحدّثون بلغة القرآن الكريم. ولم ينزل الدين الإسلامي بتعاليمه وأخلاقه بينهم، نجدهم أكثر تمسكاً فيها بهذه الأخلاق، وبتعاليمها التفصيلة...، بينما نجد أمَّة العرب، من المسلمين يتخلَّون عن أبجديات أخلاق دينهم، ويفرّطون في السلوك الذي ينمُّ عنه...
فالكاميرا الخفيَّة في برامج الغرب، تتنقّل بين الناس في الأسواق، في أيَّ حبكة درامية تُنشأ لها...، فلا تجد الناس إلاَّ مندهشةً، ضاحكةً، أو صامتةً، أو مبتعدةً أو متجنّبةً، ولا تسمع لفظاً بذيئاً، ولا ترى سلوكاً نابياً، ولا يمكن أن تتوقع شيئاً من ذلك، النَّاس تندهشُ في أدب، وتعلِّق في أدب، وتشمئز أيضاً في أدب، وتضحك في أدب، حتى لو زاحمها فوق مقاعدها من يمثِّل الكفيف، أو «يعطس» في أكواب قهوتها من يمثِّل «العاطس» المضّطر، أو يرشُّ فوقها مياها من يقوم بدور المنظّف في الشارع، حتى لو داهمها بما تخشى، أو لامسها في غير حذر، فالناس كلُّها تضحك حتى وهي لا تدري من الذي يتصرَّف معها هكذا، أو يقتحمها دون معرفة فإذا ما واجهت الحقيقة وعلمت أنّها خدعة الكوميديا، زادت أدباً، وتوقفت ضاحكة مشاركة...، لا تعلو في برامج الكوميديا الأجنبية إلا أصوات الضحكات... والدَّهشات.
بينما في برامج الكوميديا العربية، ترتفع أصوات الصارخين ببذاءة لسان، بل تخطي أيد، وكأنّهم في حلبات صراع شخصي، أو مضاربات يدوية، في معارك كلامية نابية، تصكّ الآذان، وفي مناظر غير لائقة بمن يتحدثون لغة القرآن، ولا يتخلّقون بآدابه، حتى إذا ما اكتشفوا الكاميرا الكوميدية لم يجدوا سوى وضع الأكف على الأوجه، وإبداء الاعتذار ممَّا حدث، فلماذا الجميع على درجة حادة من الغضب والتسرع، والبذاءة، والانفعال... لماذا لايتمثّلون آداب دينهم، الروية، والهدوء، وكظم الغيظ حتى يتبين الأمر؟!
ألا يدعو هذا الأمر إلى تفكُّر؟...
وألا يدعو إلى الخلوص من هذه المفارقات بمقارنات ليست بالتأكيد في جانب أخلاق أمّة القرآن!... فإذا كان الأمر ذلك فماذا سيفعل الناس بأعصابهم، وألسنتهم؟
و... من سيكون قادراً على السؤال؟
بل من سوف تكون لديه الإجابة؟...

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved