مع إطلالة هلال شهر رمضان المبارك ينصرف المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها للامتثال لعبودية الله عز وجل، والإذعان لأمره والتسليم لشرعه، حيث يمضون في مضمار السباق لموسم الخيرات وقد تركوا شهوة الطعام والشراب وغيرها من الشهوات، وفي ذلك انتصار للمسلم على هواه، فالصائم من أقرب الناس إلى مولاه جلت قدرته، حينما يجوع بطن الصائم يصفو قلبه، وبعد أن تظمأ كبده تدمع عينه إذن فالصوم طريق لتقوى الله عز وجل قال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .
كما أن الصوم يضيق مجاري الطعام والدم، وهي مجاري الشيطان فتقل وسوسته، كذلك فإنه يضعف الشهوة وخطرات السوء وواردات المعصية فتشرق الروح، كما أن من أسرار الصوم أنه يُذكِّر الصائم بإخوانه الصائمين من الجائعين المحتاجين والفقراء والمساكين، فيكون ذلك سبباً في رحمتهم والعطف عليهم ومد يد العون لهم.
أيضاً فإن الصوم سر بين العبد وبين المعبود سبحانه وتعالى، ففى الصحيح أن الله عز وجل يقول:«كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به» وذلك لأن الصوم لايطلع عليه إلا الله تعالى بخلاف غيره من العبادات كالصلاة والزكاة والحج.
ولعل من مزايا الصوم المتعددة أنه يشكل وحدة خاصة للمسلمين، فيصومون في زمن محدد، ويفطرون بزمن محدد، فيجوعون معاً، ويأكلون معاً، ألفة وإخاء، وحب ووفاء.
وختاماً لعلنا نهتدي بهدي رسولنا الكريم في شهر رمضان الكريم حيث كان صلى الله عليه وسلم يكثر من أنواع العبادات، وكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن الكريم، والصلاة والذكر والاعتكاف. سائلين الله عز وجل أن يبلغنا صيام هذا الشهر الكريم وقيامه.
* جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية |