تثير اصابة الأطفال بالبهاق أسئلة كثيرة لدى الأهل الذين تكون صحة وسعادة أطفالهم من أهم أولوياتهم ويستطيع الطبيب الاجابة على العديد من هذه الأسئلة التي ستساعدك على فهم أكبر لهذه الحالة وامكانية مساعدة طفلك للتعامل معها وإليك بعض المعلومات العامة لهذه الغاية.
تعتمد ردة فعل الطفل المصاب بالبهاق الى درجة كبيرة على عمره والقليل من الأطفال تحت سن الرابعة يلاحظون اصابتهم بالبهاق ولكنهم قد يشعرون بها بصورة مفاجئة إذا أشار إليها أحدهم أو استهزأ به ولكن في أكثر الاحيان لا يهتمون كثيرا وبشكل عام فإن الحنان والرعاية الجيدة والاحساس بالأمان من الأمور الأساسية التي تؤدي إلى احساس الطفل بالسعادة وتخفف من التأثيرات النفسية للاصابة بالبهاق.
أما بالنسبة للأطفال في المرحلة الابتدائية فتستمر العائلة في تشكيل محور الحياة بالنسبة للطفل اضافة الى التوسع في العلاقات الاجتماعية مثل المدرسة والرفاق وقد تشكل الاصابة بالبهاق احد المقاييس للقبول أو الرفض من قبل الزملاء في المدرسة أو الحي وخصوصاً إذا كان الطفل مستجداً أو قد انتقل الى حي جديد وقد تخف درجة الاحساس بعدم القبول مع مرور الوقت وخصوصا إذا كان الطفل المصاب يتمتع بشخصية ايجابية أو مرحة ومن ثم تصبح الاصابة غير مرئية عمليا من قبل الرفاق.
ويمكن للأهل تقديم الكثير من المساعدة للطفل المصاب بالبهاق خلال هذه المرحلة.
1- يجب التخطيط المسبق للمواقف الجديدة والتي قد تكون محرجة للطفل وتهيئته لبعض المواقف المحرجة التي قد يتعرض لها بحيث يقال له مثلا ان بعض زملائه لا يعرفون الكثير عن البهاق وأنهم سينظرون إليه ويطرحون عليه أسئلة عنه وان دوره سيكون ايجابيا وبناءً بحيث يستطيع افهامهم والاجابة على أسئلتهم.
2- كن مهيأً ومنتبها وصبورا مع طفلك خلال هذه المرحلة لأنه قد يكون بذل جهداً كبيراً للتأقلم والتعامل مع المواقف الجديدة ولا يمكن ان تتوقع منه التصرف بشكل طبيعي تماما لدى عودته للمنزل، فقد يكون تحت تأثير عاطفي مجهد ويحتاج الى جرعات عالية من التعاطف والحنان أو اعطاؤه وقتاً خاصاً للتعبير عما في داخله ورفع مستوى ثقته بنفسه.
3- اطلب المساعدة من الاشخاص البالغين في دائرة حياة الطفل خارج البيت كالمعلم أو مدرب الرياضة وأشركهم فيما يعتلج في خاطر طفلك من مشاعر حول مرضه وتأكد من تزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها عن الحالة فالمعلم يجب ان يعرف ان البهاق غير معدٍ وأنه لا يجب تجاهل المضايقات التي يمكن ان تحصل للطفل من أقرانه فالطفل المصاب بالبهاق يجب ان يحصل على الأمان المتمثل بأن البالغين حوله لن يتساهلوا مع أية مضايقات أو اساءة من الآخرين حول مرضه.
4- اشحن طفلك وشجعه للعمل الجاد في المدرسة وتقديم أفضل ما عنده والتحسن الدائم والمستمر وذلك لأنه في زحمة القراءة والكتابة والنشاطات الفنية الأخرى في المدرسة يمكن للطفل ان ينسى البهاق ويفضل اضافة الى ذلك تنمية بعض المهارات والهوايات الجيدة التي يمكن ان يبرع فيها الطفل ومساعدته على اجادتها.
ولذى بلوغ الطفل عمر ما بين 11 و13 سنة يصبح مهتماً أكثر بمظهره وتتضافر التغيرات الجسدية التي يبدأ بالشعور بها والانتقال الى المرحلة الدراسية المتوسطة كما في أي طفل آخر الى تركيز الوعي الذاتي لديه حيث قد ينشغل الطفل بمظهره إذا كان سمينا أو لديه بروز ما في احد أعضاء وجهه إلخ. فهذا الطفل الذي يواجه مدرسة أو فصلا جديدين، معلمين جدد وزملاء جدد لن تكون الأمور عليه سهلة، فهو يحتاج للدعم من اعداد نفسي وتأكيد وتعاطف من الأهل ومساعدة من المعلمين وهنا تأتي أهمية تشجيعه على الانجاز والابداع واكتساب مهارات جديدة والبناء على تلك القديمة، ويعمل الثناء على تحقيق الانجازات على زيادة ثقته بنفسه.
ويمكن أن يكون لفترة المراهقة وقع أقل تأثيراً على الشخص المصاب بالبهاق وذلك لانشغاله خصوصا في مرحلتها الأخيرة باتخاذ قرارات مهمة مثل الدخول للجامعة ونوع التخصص وبداية بناء علاقات اجتماعية ثابتة مع أصدقائه مما قد يشغله عن التفكير والتركيز على اصابته بالبهاق. وقد تساهم مشاركة الأهل في مناقشة الامور المتعلقة بمستقبله ومعاملته كفرد بالغ ومسؤول على زيادة بناء الثقة والاحساس بمكانته وأهميته لتقليل تركيزه على مظهره. وكما في الفترات العمرية السابقة فإن لمحبة الأهل وحنانهم ودعمهم شأنا كبيرا في تأقلم الطفل مع مرضه.
شدة الاصابة:
تؤثر شدة الاصابة ومكانها على ردة فعل الطفل تجاه المرض، فالاصابة غير الظاهرة أقل ازعاجا للطفل من تلك التي على الوجه أو الأرجل أو الايدي ويفضل تجنب الملابس التي تظهر الاصابة وذلك لتخفيف التركيز على المظهر.
وعلى الأهل ان يكونوا مستعدين دائماً للعب دور فعال في التأكيد على أن تعاطفهم مع طفلهم مبني على أساس المزايا والخصائص الداخلية لطفلهم وليس على أساس المظهر وذلك بتأكيدهم على الجوانب الايجابية لديه مثل الذكاء والشخصية ويجب ان يمتنعوا عن اظهار عاطفة زائدة لأن من شأن ذلك اعطاء الطفل رسالة بأن البهاق شيء سلبي وذا أهمية اكبر من حجمه.
ويجب التذكير دائما بأن علاج البهاق متوفر وفعاليته متعلقة بالمتابعة الدقيقة تحت اشراف الطبيب.
كما أن هناك وسائل عديدة لاخفاء بقع البهاق في بعض الأماكن الظاهرة التي تزعج الطفل مثل الماكياج الطبي وفي بعض الحالات الوشم الطبي وهناك العديد من مستحضرات التجميل الطبية وبألوان مختلفة تناسب مختلف الوان البشرة وهي مضادة للماء ويستمر مفعولها لمدة 24 ساعة. ومن المهم ادراك ان استخدام هذه المستحضرات ينحصر في إطار استعادة المظهر المناسب وليست بغرض التزيين وإذا كان ذلك يريح طفلك فلا مانع من استخدامه.
قد يصبح الطفل غير سعيد أو غاضباً أو حتى قد تلاحظ عليه الاكتئاب وفي هذه الحالة يفضل استشارة طبيب نفسي مؤهل أو أخصائي نفسي، فهؤلاء الاشخاص مدربون لمد يد العون في هذه الحالات.
وباختصار شديد فإن أهل الطفل المصاب بالبهاق هم جزء أساسي من منظومة العلاج ولا شك أن حبهم ودعمهم وتفهمهم لهذا المريض سيساعد طفلهم على التعامل بإيجابية كبيرة بإذن الله.
|