Monday 30th December,200211050العددالأثنين 26 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

سبعون عاماً من التعاون في تطوير القطاع الخاص سبعون عاماً من التعاون في تطوير القطاع الخاص
من مرحلة كان النقل فيها يتم عن طريق الجمال إلى الأعمال المصرفية الإلكترونية

* الظهران - الجزيرة:
عقد في الغرفة التجارية والصناعية في المنطقة الشرقية لقاء اقامته ارامكو السعودية لتعزيز التواصل مع ما يزيد على 300 من الموردين والمصنعين السعوديين الذين تتعامل الشركة معهم بما يتيح نقل وتبادل الخبرات بين المختصين ويسهم في بحث القضايا الحالية والنظرة المستقبلية وتكريس الفهم المشترك بين الشركة والقطاع الخاص.
وقد جرى خلال اللقاء تكريم الشركة لعدد من شركات التصنيع وتوريد المواد والخدمات المتميزة التي استطاعت تقديم مستويات عالية من الجودة بأسعار منافسة.
ويشكل هذا اللقاء امتداداً لما دأبت عليه ارامكو السعودية عبر تاريخها المتسم باتباع تقاليد راسخة في دعم وتطوير القطاع الخاص السعودي كجزء من استراتيجيتها طويلة المدى في تعزيز التنمية الاقتصادية والصناعية في المملكة وبناء صناعة بترول عالمية المستوى والانتشار على قاعدة وطنية صلبة. وقد حققت جهود الشركة المتواصلة التي تعود الى بدايات اعمال التنقيب عن الزيت في المملكة منذ نحو 70 عاماً نجاحاً باهراً. ولعل من ابرز ملامح هذا النجاح انطلاق العديد من رجال الاعمال السعوديين الذين بدأوا حياتهم المهنية في الشركة وبتشجيع ودعم منها اصبحت لهم اسهاماتهم المتميزة في بناء الوطن وعالم المال والاعمال، ووفرة المصانع المحلية التي تنتج مختلف البضائع والمواد، وشركات المقاولات المحلية والمزارع ومصايد الاسماك التي تنتج الكثير من اصناف المواد الغذائية التي تعج بها ارفف المحال التجارية.
ومن بين البدايات الاولى للتعاملات التجارية بين الشركة والقطاع الخاص عدد من التعاقدات التي تمت مع عبدالعزيز وحمد القصيبي، وهما اثنان من كبار التجار في الاحساء. وبحلول اواخر الاربعينات، بدأت الشركة في التعاقد على الخدمات المحلية لمشروع خط انابيب التابلاين، وفي حوالي ذلك الحين بدأ رجال الاعمال المحليون في تأمين السيارات التي كان موظفو الشركة يتنقلون بها في مختلف انحاء المنطقة الشرقية.
في الوقت الذي وصل فيه رواد الزيت الاوائل الى الجبيل للمرة الاولى لم تكن هناك تقريباً اية طرق في المنطقة الشرقية، كما لم تكن هناك اية خبرات محلية في المجالات التقنية. غير انه لكي يمكن الاستفادة من اكتشاف الزيت الخام بكميات تجارية في عام 1938، فقد تعين انشاء بنية تحتية صناعية تشمل شبكة خطوط انابيب ومرافق معالجة وطرق سريعة وعادية، بل وانشاء خط سكة حديدية، اضافة الى الشاحنات والسيارات لنقل الموظفين والمنتجات الهيدروكربونية.
وفي البداية كانت الايدي العاملة المطلوبة لاداء هذه المهام تأتي من الخارج، وبعد ذلك بدأ تدريب الموظفين السعوديين. وفي عام 1940م بدأ التدريب في اول فصل دراسي للسعوديين ضمن احد جهود السعودة التي حققت نجاحاً مدوياً على مدار السنين.
وكانت الشركة كلما سنحت فرصة مواتية تتجه بانظارها نحو المواطنين وموظفيها السعويين، حيث شجعت الكثيرين منهم على تأسيس شركات لتقديم الخدمات والمنتجات والمواد الغذائية. ولم تقتصر فوائد هذا التوجه على تمكين الشركة من التركيز على مهمتها الاساسية المتمثلة في العثور على الزيت والغاز، وانتاجهما ومعالجتهما ونقلهما، وانما تمكنت ايضاً من المساعدة في ايجاد مجتمع اعمال مزدهر وضمان وجود بيئة اعمال تتسم بالاستقرار والمنفعة المتبادلة للجميع.
وتجلت اولى مظاهر روح الشراكة التجارية هذه في العقود التي ابرمت مع البدو، الذين قامت قوافل الجمال المملوكة لهم بنقل الوقود الى اولى الفرق الجيولوجية التي باشرت العمل في المملكة. وفي عام 1937م قام التجار المحليون بنقل سعف النخيل لانشاء بيوت بسيطة للموظفين، وفي عام 1939م تم التعاقد مع مقاولين محللين لاقامة تلك البيوت.
وحسب المعلومات التي تناقلتها اجيال الموظفين في الشركة، فان اسطول الجمال كان يطلق عليه اسم «شركة خميس للنقل»، نسبة الى خميس بن رثمان، الدليل البدوي الشهير الذي استعانت به الشركة آنذاك.
عملت ادارة تطوير الصناعات السعودية على تشجيع الموظفين السعوديين الذين تتوفر فيهم سمات رجال الاعمال على التحول الى مقاولين مستقبليين في المجالات التي دربتهم الشركة للعمل فيه. وهناك اكثر من مقاول سعودي بدأ مشواره عاملاً بأجر يبلغ ريالاً او ريالين في اليوم، ثم اصبح من الاثرياء، وأسس منشآت يعمل فيها مئات واحياناً آلاف الموظفين. وقد بدأت الادارة بالتعاقد على خدمات النقل، ثم وسعت نطاق تعاقداتها ليشمل الانشاء والمشتريات وتوريد المواد الغذائية.
من ضمن العوامل الاساسية التي اسهمت في تحقيق النجاح في فترة الاربعينات والخمسينات تنوع المساندة القوية والشاملة التي تم تقديمها، بما يشمل المساعدة المالية في صورة القروض وضماناتها، وتقديم رأس المال المطلوب في المرحل الاولى للاعمال، والالتزامات بشراء المواد والخدمات وترسية العقود. كما قامت الشركة ايضاً باجراء دراسات الجدوى واعارة المهندسين والفنيين لتقديم المساعدة الفنية، وقدمت المعدات والمختبرات والمواد المطلوبة لاجراء الاختبارات.
علاوة على ذلك، قامت الشركة بتأسيس مزارع نموذجية ومساعدة المزارعين في انتاج الالبان واللحوم والخضروات، كما قامت بتطوير البنية التحتية اللازمة لشركات الكهرباء والمنافع في المنطقة، بما في ذلك الدمام والخبر، وقدمت اللقيم مثل الكبريت والبيتومين وزيت الوقود بتكلفة منخفضة الى المرافق الصناعية والمنافع المحلية، بل انها ساعدت في تأسيس شركات لانتاج المنتجات الورقية وتعبئة المرطبات.
واسهمت الفرص التي وفرتها الشركة في توفير الارضية التي تحتاجها الشركات التجارية للانطلاق نحو تحقيق النجاح. ويعد سليمان العليان، مؤسس مجموعة العليان التي تنتشر اعمالها في مختلف انحاء العالم من الامثلة البارزة على ذلك، فقد جاء العليان، وهو من عنيزة الى الشركة عن طريق البحرين في عام 1937، وساعده اتقانه للغة الانكليزية على التقدم في الشركة، حتى انه قام بدور مترجم الشركة اثناء زيارة جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود في عام 1947م.
وفي تلك السنة اغتنم العليان احدى الفرص المتاحة وفاز بمقاولة من الباطن في المشروع العملاق لانشاء خط انابيب التابلاين، وهو خط انابيب يربط حقوق الزيت في المنطقة الشرقية بالبحر المتوسط. وكما حدث مع عدد من المواطنين السعوديين الآخرين الذين اصبحوا من مقاولي الشركة، فان النجاح في مشروع رئيسي مثل ذلك المشروع ساعده في اكتساب سمعة جيدة وتكوين اساس مالي قوي اسهم في نمو مؤسسته. ويقول كاتب السيرة الذاتية للعليان ان الشركة وصلت الى مدى منحه اجازة بدون اجر مدتها تسعون يوماً بحيث يمكنه اذا اخفق العودة الى وظيفته بدون ان يفقد اقدميته. وطبعاً لم يجد العليان نفسه محتاجاً الى ذلك.
وفي عام 1976م قامت الشركة بدمج الشبكة الكهربائية ومعظم مرافق انتاج الكهرباء العائدة لها مع ست وعشرين شركة كهرباء خاصة للمساعدة في انشاء شركة واحدة تغطي المنطقة الشرقية بكاملها، كما قدمت المساعدة الادارية والفنية الى الشركة الجديدة. وفي عام 1953م حولت الشركة الى الدولة مسئولية الادارة والاشراف على مشروعين رئيسيين ساهمت في انشائهما ولعبا دوراً بارزاً في تحفيز التنمية الاقتصادية، وهما ميناء الدمام وخط السكة الحديدية الحكومي الذي يربط بين الدمام والرياض. كما قامت الشركة بانشاء معمل تجريبي في الولايات المتحدة لاجراء التجارب الخاصة بصناعة قوالب الطوب والاجر وبلاطات الاسمنت من المواد الخام المتوفرة في المملكة، بهدف تزويد رجال الاعمال المحليين بما تتوصل اليه من نتائج.
بدأت الشركة في عام 1956م في توريد الغاز الطبيعي الى شركة الاسمنت السعودية قرب الهفوف، التي تعتبر اول منشأة صناعية كبيرة في المملكة تستغل ذلك الوقود الرخيص الذي ينتج مع الزيت الخام. وبعد ذلك جاءت شبكة الغاز الرئيسية التي بدأ تشغيلها في اوائل الثمانينات، والتي اشتملت على خط انابيب يربط شرق المملكة بغربها ويوفر الوقود اللازم للصناعات الرئيسية الجديدة على كل من ساحلي المملكة.
في عام 1962، افتتح في الخبر مستشفى الشرق، وهو مستشفى حديث قامت الشركة باعداد المخططات الانشائية الخاصة به وقدمت ضماناً بسداد تكاليف خدمات 65 مريضاً لفترة عشر سنوات. واستمر هذا الدعم المقدم الي المشتشفيات المحلية حتى يومنا هذا. وفي التسعينات، على سبيل المثال، قامت الشركة بتنفيذ برنامج للتعاون مع المرافق الطبية الخاصة المتعاقد معها في المنطقة الشرقية ومختلف انحاء المملكة لتلبية احتياجات الرعاية الصحية لموظفي الشركة واسرهم.
وفي عام 1965 اطلقت الشركة برنامجاً تجريبياً على مساحة 100 فدان في مشروع مزارع حرض الحكومي لمساعدة المزارعين السعوديين عن طريق اختبار الاساليب الزراعية الجديدة وتعليمها لهم. وتواصلت تلك الجهود في المزرعة التجريبية العائدة للشركة بالقرب من الهفوف حتى عام 1993، عندما تولت وزارة الزراعة والمياه المسئولية عن ذلك البرنامج الناجح. وعلى صعيد المحافظة على البيئة، واصلت الشركة في عام 1965 جهودها بالتعاون مع الدولة لغرس نحو ثلاثة ملايين شجرة، ونجحت تلك الجهود في حماية القرى والمزارع في منطقة الاحساء من زحف الكثبان الرملية.
وتتضاءل الارقام السابقة امام الخدمات والامدادات التي تشتريها الشركة من السوق المحلية اليوم والتي تساعد في تفعيل الحركة التجارية والصناعية في المملكة، وتعكس الزيادة الكبيرة في مستوى النضج والقدرات الفنية للشركات المحلية، حيث يقدر اجمالي مشتريات المواد من الموردين والمصنعين السعوديين في عام 2001 بأكثر من 5 بلايين ريال «من اجمالي مشتريات من مختلف انحاء العالم يبلغ نحو 6 بلايين ريال». وشملت المشتريات معدات الحفر والانابيب وقطع توصيلها او لوازمها والصمامات، والمواد الكيميائية ومواد البناء، ومعدات الاتصال والكمبيوتر، والمعدات الكهربائية ومعدات المعالجة، واللوازم الطبية والمكتبية، والمراجل والمبدلات الحرارية والدوامات، ولوازم المختبرات.
وبالاضافة الى المشتريات والخدمات، حدث نمو كبير في حجم الاعتماد على القطاع الخاص السعودي على صعيد المقاولات حيث ارست الشركة في عام 2001 على الشركات المحلية 164 ،1 مقاولة بقيمة تبلغ نحو 5 ،13 بليون ريال، اي بزيادة نسبتها 35% مقارنة بعام 1996، و 130% مقارنة بمستوى تلك المقاولات قبل عشر سنوات، علماً بأن اجمالي عدد المقاولات التي ارستها الشركة في عام 2001 على المقاولين المحليين والعالميين بلغ 800 ،1 مقاولة بقيمة 16 بليون ريال.
وقد اسهمت هذه المبادرات، الى جانب الجهود الحثيثة والمضنية التي بذلت للمساعدة في تطوير برامج رعاية صحية ومرافق طبية جيدة ولاجراء المسوح البيئية والمحافظة على البيئة، في احداث زخم اقتصادي يساند نمو الحركة التجارية والصناعية في المملكة. وفي الوقت الذي شهدت فيه آليات تقديم الدعم في الشركة تطوراً كبيراً على مدى السنين، فان الفلسفة الكامنة وراء جهود ارامكو السعودية المتواصلة في دعم القطاع الخاص لاتزال ثابتة على ما كانت عليه في سنيها الاولى، حيث تعمل الشركة على التعاون مع المقاولين والمصنعين والموردين المحليين لاقامة اعمال تجارية لتأمين المواد والخدمات، بما يتيح لها تركيز اهتمامها على صميم اعمالها وهي اعمال الزيت والغاز الرئيسية لديها، واشراك القطاع الخاص المحلي المؤهل بأعلى قدر ممكن في الاعمال والخدمات المساندة متى استطاع تقديم خدماته ومنتجاته بالجودة المطلوبة وباسعار منافسة. وهذه المبادرة التي اتخذتها الشركة لتطوير القطاع الخاص، التي تندرج تحت باب التزام الشركة بمسئوليتها الوطنية، تعد مبادرة فريدة من نوعها من قبل اي شركة في العالم، كما انها عادت بفوائد جمة على رجال الاعمال في المنطقة الشرقية والمملكة والشركة ذاتها.
ومؤخرا لعبت ارامكو السعودية دوراً رائداً مع المؤسسات الحكومية المسئولة والقطاع الخاص لترسيخ وتنمية التجارة الالكترونية في المملكة، خاصة في مجال الاعمال المصرفية. وهنا يوضح لنا سعي الشركة الدؤوب نحو الشراكة مع المؤسسات التجارية المحلية، فالامر لا يقتصر على الوفر الذي تحققه التجارة الالكترونية، وانما تعمل الشركة ايضاً على ضمان قيام الشركات المحلية بتدعيم قدراتها في هذا المجال التجاري والتقني المتقدم بما يخدم المملكة، في عصر يشهد اشتداد حدة المنافسة على الصعيد العالمي.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved