Friday 3rd January,2003 11054العدد الجمعة 30 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المأزق التركي بين أوروبا والعراق المأزق التركي بين أوروبا والعراق
خالد محمد الدوسري

رسالة شديدة اللهجة وجّهتها المجموعة الأوروبية مؤخرا الى تركيا عندما أجلت مفاوضات انضمام تركيا للمجموعة الأوروبية سنة أخرى أي بدلا من 2004 إلى 2005، وذلك في توقيت صعب للغاية تمر به منطقة الشرق الاوسط من جهة وتركيا والاتحاد الاوروبي من جهة أخرى.
ففي الوقت الراهن أخذت المسألة العراقية تهيمن على الحكومة التركية والتي من خلالها تريد أن تلعب سياسة الباب المفتوح بغطاء أمريكي أي بدعم دبلوماسي واقتصادي امريكي منقطع النظير.
وعلى ذلك الأساس وبنظر الساسة الأتراك في أن تركيا إحدى اعضاء حلف الناتو وثاني أكبر جيش فيه من حيث العدد تستطيع لعب ذلك الدور في المنطقة مع إنها في الحقيقة تلعب بالنار إن صح الحديث ولا تستطيع إغضاب الحليف الرئيسي (الولايات المتحدة) لتلبية المطالب العسكرية للحرب على العراق.
وثمة ما يؤكد خطورة الوضع بالنسبة لتركيا.. فالولايات المتحدة بلاشك تسعى لبسط نفوذها على منابع الطاقة في منطقة الشرق الاوسط خلال الحرب على العراق، وذلك بعد ضرب أفغانستان والسيطرة على مصادر الطاقة في آسيا الوسطى ومع أن كل ما تقدم سيضر بالمصالح التركية ليس من أجل الانضمام للمجموعة الاوروبية فحسب بل من حيث استقلالها وسمعتها في الشرق الأوسط فالمشاركة التركية في الحرب على العراق ستغضب منطقة الشرق الاوسط إضافة الى ما يثير مخاوف المنطقة نفسها من الحلف الاسرائيلي التركي العسكري، فموازين القوى في منطقة الشرق الاوسط حساسة للغاية وأي نزاع مسلح سيؤدي الى تغيير في أركانها.
كما أن دعم أنقرة لواشنطن في الحرب المحتملة على العراق سيؤثر على مجال السياحة في تركيا والذي تعتمد عليه بشكل كبير في دخلها.
وعلى نقيض ما تقدم.. فإذا استطاعت الولايات المتحدة حماية الاقتصاد التركي من الانهيار والتدهور بعد الحرب فكيف ستضمن عدم زعزعة الوضع في شمال تركيا إلى الحدود مع العراق وهو ما يخيف تركيا منذ زمن أي (قيام دولة كردية في شمال العراق) مما جعلها (تركيا) تنشر منذ زمن مئات الجنود على الحدود بينها وبين العراق.
وبالرغم من ان تركيا لا تستطيع ان تغضب الحليف الرئيسي الولايات المتحدة وتقول له (لا) إلا انها فعلا وضعت نفسها في موقف حرج للغاية مع الاتحاد الأوروبي ومع البيان الختامي لقمة كوبنهاجن الأوروبية التي اختتمت في ديسمبر 2002م.
فالدعم اللوجستي لأمريكا وربما الدعم بالافراد والإمداد في الحرب على العراق سيعتبر نقطة سوداء في تاريخ تركيا ومتطلبات الانضمام للمجموعة الاوروبية، وذلك لدولة كتركيا.. قالت عن نفسها عام 1923 (إنها دولة مبدأ) مبدأ السلام في تركيا والسلام في خارجها، مع توجهات رئيسية اخذتها على عاتقها منذ تأسيسها وهو الانضمام للمجموعة الاوروبية، فمن 2003 حتى 2005م كيف ستغير المجموعة الأوروبية نظرتها الى تركيا رغم ما تمر به تركيا من ظروف ومأزق سياسي هي وضعته بنفسها إضافة الى ان المجموعة الأوروبية نفسها تأخذ على تركيا قدراً لا بأس به من عدم الاستقرار السياسي الداخلي والأزمات بين المؤسسة العسكرية والعلمانية، وحقوق الإنسان فضلاً عن الصدام العنيف بين القوات التركية والاكراد والذي راح ضحيته 35 الف شخص.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved