التصعيد الإسرائيلي في غياب الضغوط

استهل رئيس الوزراء الإسرائيلي العام الميلادي الجديد بقتل عدد كبير من الفلسطينيين، ومع ذلك فهو موعود بتلقي أربعة مليارات دولار في شكل مساعدات من الولايات المتحدة إلى جانب عشرة مليارات أخرى كقروض تضمنها حكومة بوش.
والقراءة السريعة لما يحدث تفيد بأننا بصدد عام جديد لا يقل دموية عن سابقه في فلسطين، وأن التسوية العادلة والشاملة لا مكان لها في المشهد العام للأحداث خصوصاً وأنه لا تتوفر الآن أية مؤشرات لهذه التسوية بل العكس هو الصحيح حيث كانت إسرائيل دائماً ولا زالت الجهة التي تعرقل أي جهد لإحلال السلام، لكنها في ظل المساعدات التي لا تكف تنهمر عليها فإنها ستكون أكثر تشدداً إزاء سلام لا يحقق أطماعها ولا تشعر بضغوط كافية للقبول به.
بالنسبة لانعدام احتمالات السلام أيضاً فإن الانشغال بالشأن العراقي لن يترك كبير مجال للحديث عن السلام في فلسطين، وهذا أمر ينسجم تماماً مع مرئيات وأحلام إسرائيل التي تنتظر بكل لهفة اندلاع هذه الحرب التي تخدم أجندتها في المنطقة من جهة إضعاف طرف عربي وإشغال كامل المنطقة بأحداث جديدة.
ويهم قادة إسرائيل أيضاً في هذه الفترة الإمعان في ممارساتهم الإرهابية والقمعية طالما أن الناخب الإسرائيلي، الذي أتى بشارون من قبل، يهمه أن يصل إلى السلطة سفاح على شاكلة شارون يؤيد الاستيطان ويحول دون إطلاق مبادرات للسلام بل ويعمل على وأدها إن ظهرت.
فالانتخابات الإسرائيلية العامة الوشيكة تلقي بآثارها الشديدة على ما يحدث الآن من مذابح ينفذها جيش الاحتلال، والمتوقع زيادة حدة العنف الإسرائيلي مع اقتراب أيام هذه الانتخابات.
إن انحدار الأوضاع بهذه الطريقة نحو درك سحيق من التردي يعني أن أجندة الكبار هي التي تحظى بكامل الأولوية وأن على الآخرين أن يحترقوا بنيران همومهم لكن في عالم تتداخل مصالحه يستلزم الأمر تغليب العقل والمصلحة الجمعية العامة من خلال الإسهام بجد في الانحياز إلى الحق وبالتالي نبذ مختلف صور الهيمنة والعدوان، حيث أن إسهام الدول الكبرى في الوصول إلى ذلك يجعلها جديرة بقيادة العالم والحفاظ على رفاهيته وإلا فإنها من خلال الابتعاد عن مؤازرة الحق ستضع نفسها في مواجهة أعداء كثر كما ستمهد بذلك لترسيخ الفوضى في عالم مضطرب أصلاً..