Thursday 16th January,2003 11067العدد الخميس 13 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ليس من رأى كمن سمع ليس من رأى كمن سمع
د. عبدالله بن سالم الزهراني

هذه قراءة متأخرة لزيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني لبعض الأحياء الشعبية بالرياض، وقد حاولت أن أفهم مضامينها ومعانيها ودلالاتها الكثيرة وأجعلها مدخلاً لمناقشة بعض القضايا التي تهم المجتمع السعودي بأسره.
لقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني على هذا القول وتفعيله وترسيخه «ليس من رأي كمن سمع» كمبدأ وليس مجرد قول مأثور أو مثل عابر وذلك من خلال زياراته المتعددة التفقدية لمناطق المملكة المختلفة خلال الأعوام الماضية. وما زيارته لبعض من الأحياء الشعبية المكتظة بالسكان وذات المستوى المعيشي المنخفض بمدينة الرياض إلا واحدة من تلك الزيارات الفاعلة والفعالة البعيدة كل البعد عن الاستهلاك الإعلامي أو الزيارات الروتينية القليلة الأهمية والفاعلية. أكد سموه بُعد هذه الزيارة كل البعد عن الرياء وأقسم على ذلك. وكان احساس كل مواطن شاهد تلك الزيارة وما قاله فيها من كلمات بأن سموه يعني ما يقوم به تماما، كما أن كل مواطن شاهد تلك الزيارة بأن سموه يؤلمه ويؤرقه ما يؤرق المواطن السعودي وما يعاني منه. كما أن شعور كل مواطن شاهد تلك الزيارة تولد لديه قناعة بأن الاستراتيجيات في تلبية احتياجات المواطنين لم يعد أمراً إدارياً مكتبياً روتينياً وإنما بدأ يأخذ بعداً ميدانياً يمارس على أرض الواقع. زيارة سموه - والتي نسأل الله أن يمد في عمره - إلى تلك الأحياء الشعبية لن تكون الأخيرة بإذن الله ولن تقتصر على أحياء مدينة الرياض كما لن تقتصر على أحياء شعبية وإنما ستشتمل على جوانب حياتية متعددة وفي أحياء متعددة في مدن متعددة ومناطق متعددة، وستشمل الأرياف والقرى سواء كان ذلك من خلال شخصه الكريم أو من يندبه للقيام بمثل تلك الزيارات.
استشعر سموه مسؤوليته من الدين الحنيف - من حديث رسول الله الذي جاء فيه «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» فهل يستشعر كل منا مسؤوليته؟. لم تكن تلك الزيارة أول زيارة لمسؤول ضمن هرم قمة السلطة ولكن كل زيارات سموه كانت تلامس شغاف القلوب والمشاعر وتحسس المواطن معايشة سموه كمسؤول للمواطن في رخائه وشدته. زيارة سمو الأمير عبدالله سنة حسنة يجب الاقتداء بها من قبل أمراء المناطق والوزراء والمسؤولين عن الإدارات الخدمية ويجب ألا تمر دون تمعن وتفهم لمحتواها ومغزاها. الزيارة في حد ذاتها سيتمخض عنها نتائج مهمة وبناءة للمعوزين ولكن أعتقد أنها أبعد وأشمل وأعمق في أهدافها ومعانيها السامية والنبيلة. الزيارة كشفت عن أناس يعيشون حالة عوز في وسط مدينة ضخمة. مدينة ليست أي مدينة بل إنها العاصمة السياسية والإدارية والتجارية. إنها مدينة الرياض التي تتسارع وتيرة الزيادة الطبيعية لأعداد سكانها بل والزيادة غير الطبيعية. مدينة الرياض التي أضحت مقصداً لمئات الآلاف من المهاجرين من داخل الوطن بحثاً عن عمل مناسب أو بحثاً عن مؤسسة علمية يلتحق بها لخلو منطقته من مؤسسات بإمكانية المؤسسات التعليمية في الرياض.
إن هذه الزيارة لم تكشف فقط عن حالة العوز التي يعيشها سكان تلك الأحياء الشعبية التي زارها سموه بل كشفت تلك الزيارة لسموه ولمن رافقه ولمن شاهد تلك الزيارة، ان سكان تلك الأحياء من مناطق متعددة في المملكة كان بالإمكان ألا يكونوا في تلك الأحياء، وربما كان بالإمكان أن يكون حالهم أفضل مما هم عليه في تلك الأحياء لو قدر لهم أن يبقوا في مناطقهم شريطة أن يكون لمناطقهم التي قدموا منها نصيب أكبر من التنمية التي من الممكن أن تستوعبهم. أعتقد أن من حقائق تلك الزيارة ربط ذلك العوز وذلك الاكتظاظ للسكان في تلك الأحياء بمسببات أبعد من محيط مدينة الرياض.
زيارة سموه كشفت لنا في اعتقادي مدى قصور خدمات الجمعيات الخيرية وبالذات التي تقول بأنها تهتم بقضاء بعض متطلبات المعوزين. لقد حضرت ندوة للجمعيات الخيرية تبنتها مؤسسة الملك خالد الخيرية - رحمه الله - وعرفت أن هناك أكثر من 240 مؤسسة خيرية بالمملكة. لقد كشفت تلك الزيارة في اعتقادي ضعف دور تلك المؤسسات. أقول ربما ركزت تلك المؤسسات على اعانة المعوزين في الخارج ولكن الأقربين أولى بالمعروف وربما كان هناك غياب في التنسيق بين تلك المؤسسات وغياب للدراسات الاجتماعية التي تكشف توزيع المعوزين. المؤسسات الخيرية ليس مطلوباً منها اعانات نقدية وعينية فقط بل مطلوب منها اسهام في تدريب وإكساب مهارات لانتشال المعوزين وتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم. بالتأكيد ليس هذا دورهم لوحدهم ولكن طالما أنشئت المؤسسة فلا بد أن تسهم بدور مع مؤسسات الدولة الرسمية.
مشكلة العوز ليست الوحيدة في مجتمعنا فهناك مشاكل أخرى بدأت تظهر مثل مشكلة البطالة التي تقود إلى العوز. وهذه المشكلة مستغربة في بلدنا الذي به بالتأكيد أكثر من ستة ملايين أجنبي. ولكي نكون صريحين جميعاً مع أنفسنا فلا بد من القول أن هناك خللاً ما في هذا الجانب. يسعى صاحب السمو الملكي الأمير نايف جاهداً إلى التخفيف من هذا الخلل من خلال برنامج السعودة الذي يتبناه سموه من خلال ترؤسه للجنة القوى العاملة ولكن هناك بطئاً في السعودة ملفتاً للنظر. إن أصحاب المؤسسات والشركات والمواطنين عليهم مسؤولية كبيرة ولا بد من تدعيم جهود سمو الأمير نايف.
اتهام السعودي بأنه لا يعمل يجب انتزاعها من أذهان من عشعشت في أذهانهم وفي نفس الوقت هناك أعمال في المجتمع لا تحتاج أن يعمل بها غير سعودي أبدا. إذا نظرنا إلى خارطة توزيع العمالة في القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية بمدنها وقراها فستكون خارطة عجيبة غريبة تتوزع عليها جنسيات متعددة بخلفياتها الثقافية والعقدية والاجتماعية. يكاد السعودي العامل أن يختفي من على هذه الخريطة وهو إن وجد فهو يمثل أقلية وربما كان ذلك مقبولاً ومألوفاً في خلال عقد السبعينيات والثمانينيات الميلادية، ولكن هذا الوضع لم يعد مقبولاً ولا محتملاً ولم يعد الأمر على مستوى الأفراد بل على مستوى المجتمع. من يعمل في البقالات؟ من يعمل في سوق الالكترونيات؟ من يعمل في سوق الملابس الجاهزة؟ من يعمل في أسواق الأثاث؟ من يعمل في أسواق المجوهرات؟ من يعمل في الشركات المعمارية والانشائية الكبيرة في المملكة؟ إن الغالبية العظمى ممن يعمل في كل هذه القطاعات هم من غير السعوديين. ما هي الأسباب التي تقف وراء هذه الحالة الغريبة خاصة في السنوات الأخيرة؟ أقول انه وضع غريب لسبب جوهري وهو الازدياد المتسارع لنسبة البطالة في المجتمع السعودي التي بدأت بالعشرات ثم المئات ثم الآلاف وقد تصل المليون إذا لم يتم تسريع العمل الجدي في السعودة. وهو وضع غريب أن ترتفع نسبة البطالة في المملكة في الوقت الذي يعمل لدينا أكثر من ستة ملايين غير سعودي.
نعود إلى الأسباب في تشغيل غير السعودي: أولاً: سبب مادي ربحي في الدرجة الأولى فكل أصحاب القطاع الخاص سواء الشركات أو المؤسسات الصغيرة يسعون إلى الربح وأحياناً الربح السريع وذلك من خلال الأجور الأقل للعاملين غير السعوديين. ولكن إلى متى يستمر هذا المنظور الضيق وخاصة في الشركات الكبيرة التي أثرت وتأسست وأصبحت قدراتها كبيرة وبالامكان استيعاب أعداد كبيرة من السعوديين؟ ليس مطلوباً عدم السعي للربح ولكن لا يكون ثمن الربح هو التضحية بالمواطن السعودي من أجل ربح أكبر. الربح اليسير من خلال استثمار السعودي هو الربح المستمر لصاحب العمل وللوطن. السبب الثاني هو المهنية في العمل والقدرات الفنية التي يحتاجها القطاع الخاص وخاصة في المصانع والتركيبات الكهربائية والصيانة. ولنقل ان هذا لم يكن متوفراً في السعوديين قبل بداية التسعينيات الميلادية ولذا لدى تلك الشركات والمؤسسات الحق في اختيار المهنيين من غير السعوديين. ماذا عملت الشركات والمؤسسات الكبيرة لخريجي كليات الهندسة وكليات التقنية والمعاهد المهنية؟ الشركات والمؤسسات الكبيرة تشترط خبرات وقدرات غير عادية عند المهندس والفني السعودي وهذه لا تتوفر إلا مع العمل واكتساب الخبرة، والقدرات العالية لا تتم إلا من خلال ممارسة العمل. إن كثيراً من الشركات والمؤسسات مرت بتجارب مع المهندسين والعاملين غير السعوديين في هذا الجانب ودربت الكثير من الأجانب في شركاتها ومصانعها وربما كان الكثير من الوافدين ليس لديه تلك الخبرات التي تتطلبها الشركات وخاصة أن أحدث الأجهزة والتقنيات في المصانع السعودية غير متوفرة في بلدان الكثير من الوافدين، ولذا كان لا بد من تدريب هؤلاء الوافدين، أليس السعودي أولى بالتدريب وعدم اشتراط تلك السنون من الخبرات؟ أليس الاستثمار في المواطن السعودي أبقى وأكثر ربحية على المدى الطويل؟ السبب الثالث هو تكوين تلك الفكرة المغلوطة لدى أصحاب ومديري الشركات عن أن المواطن السعودي لا يعمل ومتسيب وكثير الغياب عن العمل. يعد هذا السبب من أخطر الادعاءات وهو من المثبطات وهو ادعاء غير عادل إلى حد كبير، وربما لو سألت مدير شركة أو صاحب شركة وقلت له هل أنت متسيب أو غير جدي أو كثير الغياب لأجاب بالنفي القاطع وقال لك لو أني كذا لما رأيت شركتي بهذا الشكل ولما صار كذا وكذا من النجاحات. ولو سألته هل هذا الكلام يقوله عن تجربة لقال لك نعم وبإصرار شديد مؤكداً بأنه عمل لديه شخص سعوي في وظيفة معقب وأنه أخذ الجوازات وغاب أسبوعاً ولم يعد إلا بعد تعب شديد معه وعلى هذا الأساس كون الكثيرون الفكرة عن السعودي من تجربة كهذه في عمل متواضع وأخذها ذريعة للعزوف عن توظيف السعوديين.. وعلى كل حال لا بد أن هناك بعض المصداقية في كلام هذا المدير أو ذاك ولكن هناك مبررات أبعد من كون السعودي لا يرغب العمل وأنه كثير التغيب وأنه كسول. قد تكون تلك الأمور صحيحة في البعض ولكنها نتائج وليست أسباب فالأسباب تتعلق بالمهام ونوعية الأعمال المسندة للسعودي وكذلك الراتب والحوافز بالاضافة إلى مدى الاهتمام من صاحب الشركة أو رئيس مجلس الإدارة وفوق هذا وذاك نظرة المدير المباشر للعامل السعودي والذي في الغالب يكون غير سعودي. الكثير من هؤلاء المديرين المباشرين لن يولوا السعودي اهتماماً ولن يدربوه ولن يحثوه على العمل بل ربما شجعوه على الكسل والغياب وربما سعى البعض منهم بالوشاية به إلى المسؤولين السعوديين وتقديم تقارير سيئة عن العامل السعودي خشية أن يحل محلهم. السبب الرابع في نظري أن القوانين والأنظمة في ترتيب العلاقة بين العامل السعودي وأصحاب الشركات والمؤسسات لم تتبلور بشكل يكفل خدمة الطرفين بحيث يستطيع صاحب الشركة أو المؤسسة المطالبة بحقه من العامل السعودي في حالة تغيبه أن انقطاعه عن العمل. السبب الخامس هو عدم تحديد مستوى الأجور وعدم التحديد لساعات العمل وإذا حدد فليس هناك تقيد صريح وواضح به. أنظروا إلى الأسواق والبقالات والمطاعم وأغلب الأنشطة الخدمية في القطاع الخاص كيف تبقى مفتوحة إلى منتصف الليل. كيف يمكن للسعودي أن يعمل 12 ساعة دون أن يتقاضى أجراً اضافياً.
العمل والأجر هو بالشهر والمهم هو ألا ينقص العمل عن 8 ساعات ولكن لا يهم الساعات الزائدة. السبب السادس هو عامل اجتماعي يتعلق بالنظرة للعمل ولنوعية العمل أي النظرة إلى بعض الأعمال المهنية، رغم أن كثيراً من الأعمال التي يمكن أن يعمل بها السعوديون مقبولة في كل المجتمعات كالصيانة والاشراف والبيع والشراء إلا أنه قد ساد في فترات سابقة فكرة العمل الإداري والاشرافي لدى الكثيرين وربما لايزال لدى البعض ولذا لا بد من تغيير هذا المفهوم والتوعية بامكانية العمل في مجالات مختلفة حسب القدرات الشخصية لكل فرد.
لو نظرنا إلى كثير من الأعمال لوجدنا أنها لا تحتاج إلى قدرات خارقة ولا خبرات طويلة. ماذا تحتاج البقالة من خبرة لكي يعمل بها غير سعودي وكذلك الأسواق الكبيرة للأغذية والمحلات التجارية المختلفة؟ نحن بحاجة إلى إرادة تدرك مخاطر البطالة وتدرك مخاطر العمالة الوافدة أمنياً واقتصادياً واجتماعياً. إن هذه الإرادة موجودة ويمثلها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية. لم يترك سموه فرصة إلا وانتهزها سواء في أيام المهنة في الجامعات السعودية والمؤسسات المختلفة أو في لقاءاته المتكررة والدورية مع رجال الأعمال وحثهم على تسريع السعودة. لم يبخل بوقته في هذا المجال وكان صدره رحباً للأسئلة والاستفسارات من أي شخص يود أن يناقش في هذا الموضوع أثناء حضوره لكل المناسبات التي تتعلق بهذا الجانب. أدرك صاحب السمو أهمية السعودة وخطورة الجانب الاجتماعي والاقتصادي والأمني للعمالة الوافدة. لا شك ان الجانب الأمني يشكل أّمنية قصوى لدى سموه ولكنه لم يغفل الجوانب الأخرى وهي مرتبطة بلا شك بهذا الجانب وكان ذلك واضحاً من خلال لقائه باساتذة الجامعات ورجال الأعمال. الجانب الاقتصادي جانب مهم ووضع التنظيم والنسب السنوية للسعودة. القوانين والتنظيم لن تكون لها قيمة ما لم يكن هناك تجاوب من القطاع الخاص. لقد منح سموه ثقته للقطاع الخاص في أنهم سيتجاوبون بشكل ايجابي مع برنامج السعودة. في احدى الندوات أبرزت أرقام تشير إلى بطء القطاع الخاص في نسب السعودة وارتفعت أصوات بالمطالبة بعقوبات على المؤسسات التي تتباطأ في السعودة لسبب أو لآخر. ولكن سموه أكد على الثقة في القطاع الخاص مع أمله ألا يتم اللجوء إلى عقوبات من أي نوع ولكن فهم من ثقة سموه بالتنبيه إلى عدم استغلالها في التباطؤ في السعودة وكلنا نأمل في القطاع الخاص أن يثمن تلك الثقة. نحن جميعاً ندرك الأثر الاقتصادي للعمالة الوافدة حيث تشير الاحصاءات إلى أن أكثر من 60 مليار تمثل تحويلات الوافدين وهي تمثل رواتبهم وأنها تزيد بكثير عن ذلك الرقم إذا حسبت أموال التستر. التستر آفة من الآفات التي يجب القضاء عليها لكي يتم التخفيف من البطالة. ليس هناك ما يزيل آفة التستر إلا تشغيل السعوديين في كل الأسواق والابتداء بالبقالات صغيرها وكبيرها وعدم قصر السعودة على البقالات الصغيرة التي لا تزيد مساحتها على أربعين متراً مربعاً. لماذا نبدأ بالبقالات الصغيرة التي امكانية أصحابها لتشغيل السعوديين محدودة؟ ما الذي يمنع سعودة الأسواق الغذائية الكبيرة؟ إن كل ما يحتاجه السعودي هو تدريب على الألة المحاسبية لمدة أسبوع أو أسبوعين بالاضافة إلى تدريب ميداني في داخل السوق وتعريفه على البضائع المتنوعة وأماكن وجودها مع تخصيص شخص متمرس وليكن غير سعودي إذا لزم الأمر لمعالجة المشاكل لمدة نصف سنة أو سنة ليتسنى بعد ذلك أن يحل محله فرد سعودي. إن هذه الأسواق هي التي لديها امكانات أكبر لتشغيل السعوديين. إن كثيراً من أسواق الملابس الجاهزة والبقالات والمطاعم في اعتقادي تعمل بنظام التستر ويتقاضى السعودي راتباً شهرياً بينما الدخل الأكبر يذهب لغير السعوديين.
إن القرار بسعودة شركات الليموزين خطوة بناءة ولا نتوقع مرورها دون ارباك ولكنه سيكون ارباكاً مؤقتاً وستعود الأمور للوضع السليم. ليس هناك بلد من بلدان العالم يشكل سائقو الليموزين من غير أبناء البلد الغالبية العظمى إلا في المملكة وربما بعض دول الخليج. هذه الخطوة تحتاج إلى الدعم من أصحاب الشركات وربما احتاجوا لوقت أطول ولكن لا بد من تصحيح الوضع. وفي نفس الوقت لا بد من تعاون من يرغب في العمل في هذه المهنة من السعوديين ولا بد أن يكسب ثقة المجتمع التي فقدها سائق الليموزين السعودي بسبب أو بدون سبب. لا بد من التكاتف واعادة بناء الثقة. أورد قصة هنا مع سائق ليموزين سعودي. كنت في طريقي من مطار الملك خالد إلى بيتي بحي القدس وقبل خروجي من المطار قابلت عدداً من السعوديين أصحاب ليموزين وعرضوا ايصالي، وكان أمراً عادياً أن أسألهم عن الأجرة فقال البعض كذا والبعض كذا. وكل واحد منهم أقول له أعطيك السعر المحدد من قبل شركات الليموزين فوافق أحدهم معي بعد أن رفض أكثر من واحد. وتبادلنا الحديث أثناء الطريق وبدأ بالقول أنتم السعوديين ما تركبون معنا نحن السعوديين أصحاب الليموزين. قلت يا أخي لأنكم ترفعون السعر قال: لا ليس هذا السبب بس أنتم ما تثقوا فينا وبخاصة النساء. نحن نأخذ أجره مثل الآخرين وعندنا استعداد نتفاوض لكن أبداً ما يركب السعوديون معنا حتى أن البعض من السعوديين أصحاب الليموزين يلبسون بنطلوناً وقميصاً حتى يجذبوا الزبائن لهم وهذه مشكلة. واستطرد قائلاً بأنه قرأ بالأمس في احدى الصحف السعودية أن الكثيرين من أبناء المجتمع يطلبون مهلة أكثر من 6 أشهر لسعودة الليموزين على أساس أنهم مرتبطون بتعاقدات مع شركات الليموزين ولمست مرارة يشعر بها من ذلك القول. أخذ يسأل ويجيب على حاله ويقول طيب يا أخي ليش ما يتعاقدون معنا نحن السعوديين نحن أولى نحن بحاجة ليش خيرنا لغيرنا. قلت له هون عليك الأمور تأتي بالتدريج وستفرج وسنة أو سنتين ليست مدة طويلة ولا حتى ثلاث لسعودة الليموزين المهم أن الخطوة الأولى بدأت.. لقد كان مسروراً من قرار صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بشأن سعودة الليموزين ولكنه لم يكن مرتاحاً لموقف المجتمع الذي في نظره يسعى بالإبطاء في السعودة.
إننا بحاجة إلى مثل تلك الزيارة من كل مسؤول كل فيما يخصه. لقد رأى سموه أن تلك الزيارة من صميم واجبه ولم تكلف من زارهم شيئاً رغم رغبتهم في استضافة سموه واكرامه، ويجب أن نقتدي بقول سموه بأن زيارته ليست للرياء ولذلك لا نحاول الرياء في الاستقبال لأن زيارة سموه وغيره من المسؤولين تأتي لتفقد المواطنين والسعي لتلبية احتياجاتهم في الجوانب التنموية المختلفة. نحتاج لقناعة في هذا الجانب والتبسيط قدر المستطاع في هذا الجانب. نسأل الله أن ينفع بزيارة سموه وأن يقتدي به كافة المسؤولين.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved