Thursday 16th January,2003 11067العدد الخميس 13 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

« الجزيرة » تواصل تسليط الضوء على ندوة ماذا يريد المجتمع من التربويين « الجزيرة » تواصل تسليط الضوء على ندوة ماذا يريد المجتمع من التربويين
عدد من منسوبات التعليم يؤكِّدْن على أهمية هذه الندوة والنتائج المرجوة منها
د. نورة المبارك: التربية جزء لا يتجزأ من التعليم ولابد من المحافظة على الجوانب التربوية

* الرياض متابعة عبدالرحمن المصيبيح:
علق عدد من المسؤولين التربويين والمعلمين والطلاب آمالاً كبيرة على الندوة التي ستنظمها وزارة المعارف ويرعاها سمو ولي العهد في الثالث عشر من الشهر الحالي تحت عنوان (ماذا يريد المجتمع من التربويين وماذا يريد التربويون من المجتمع).
الجزيرة حرصت من جانبها على تسليط الضوء على هذه الندوة لاهميتها من خلال معرفة آراء ومقترحات اصحاب العلاقة في مجال التربية والتعليم.
وتعليم البنات في المملكة العربية السعودية حقق تطوراً كبيراً وانجازاً عظيماً يبرز هذه القاعدة العريضة من المتخصصات في مجال التربية والتعليم واللاتي يتولين بكل كفاءة واقتدار المساهمة في خدمة هذا الوطن من خلال تخريج كوادر وطنية مؤهلة من المعلمات اللاتي تحملن هذه المسؤولية بكل كفاءة واقتدار.
ولكي نتعرف على الكثير من مشاعر وانطباعات وآراء الكثير من المسؤولات عن تعليم البنات وكذلك المعلمات والطالبات والآمال العريضة اللاتي يعلقنها على هذه الندوة الكبرى، سعدت الجزيرة باستضافة العديد من هؤلاء المسؤولات والعاملات والمنتسبات لقطاع التعليم.
رئيسة الأقسام العلمية في كليات البنات تتحدث للجزيرة
تحدثت في البداية الدكتورة نورة بنت عبدالعزيز المبارك رئيسة الاقسام العلمية في كليات البنات فقالت الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
فلا شك ان التربية جزء لا يتجزأ من التعليم ولابد في عملية التربية من المحافظة على الجوانب التربوية التي تميز النظام التربوي والتي تمثل في الأصل انعكاسا لجانب من جوانب هوية المجتمع حتى حين محاولة تجديد وتجويد العملية التربوية إذ لا معنى لتجديد وتطوير تربوي يضحي بقيم المجتمع.. ولاشك أن لنا من ديننا القويم ما يحمينا من التضحية بقيم هذا المجتمع ولتأتي ندوة ماذا يريد التربويون من المجتمع وماذا يريد المجتمع من التربويين فمن ذلك السياق وانطلاقا من موقعي الإداري والأكاديمي فإنني اوجز ما نرجو أن تحققه الندوة من أمور هامة وحيوية في مجال التربية والتعليم.
أولا: ماذا يريد التربويون من المجتمع:
معاضدة المجتمع للتربويين في تنفيذ مهامهم ومشاركتهم في تربية الناشئة وعدم الاتكال عليهم في كل شيء وإيضاح السلوكيات غير المرغوبة لدى الناشئة وسماع وجهة نظر كل طرف من قبل الطرف الآخر ووضع برنامج زمني يلتقي فيه التربويون بأولياء أمور الطلبة والطالبات ورصد النقاط الهامة لتكون أمام معدي المناهج من تربويين وعلماء نفس واجتماع والعمل على حل مشاكلهم بأسلوب علمي تربوي صحيح وعقد ندوات ومحاضرات تتضمن المشاكل والحلول التربوية لها.
ثانيا: ما يريده المجتمع من التربويين:
أن يكونوا قدوة صالحة قولا وعملا في المظهر والمخبر.
وأن يحاط ولي الأمر للطالب والطالبة بكل سلوك مشين يصدر من التلميذ والتلميذة وذلك عن طريق الاتصال المباشر شفاهة أو كتابة دون علم التلميذ.
ومتابعة إصلاح الاعوجاج الذي لاحظه على الطالب والطالبة، والتوسع في النشاط الثقافي والمعرفي خارج نطاق المناهج ووضع نشاط حر يكشف المواهب والقدرات الفعالة الكامنة داخل عقل الطالب والطالبة.
ثالثا: على الصعيد الدولي والإقليمي فإن مطالبة المشاركة في برامج المنظمات العالمية من خلال المؤتمرات والندوات التي تبحث قضايا التربية والتعليم من خلال ما يلي:
تقديم أوراق عمل لبعض نشاطات المنظمات الدولية
والكتابة في إصدارات ودوريات المنظمات الدولية والإقليمية، والاستفادة من دراسات وتوصيات المنظمات الدولية والإقليمية.
الى ذلك اعربت معلمة اللغة العربية في مدارس الرياض عواطف آل تويم عن سعادتها وسرورها لانعقاد هذه الندوة الكبرى التي يتفضل برعايتها صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني مشيرة الى ان ذلك يأتي اهتماماً من حكومتنا الرشيدة وفقها الله تجاه العلم وطلابه.
ومضت المعلمة عواطف آل تويم قائلة.
إن التقدم العلمي في أي مجتمع من المجتمعات متوقف على تقدم المتعلمين في التعلم، وهذا التقدم متوقف بدوره على مدى توجيههم إلى أفضل الطرق والوسائل في توجيه طاقتهم واستخدامها وتسخيرها في عملية التعلم.
ومهما اختلفت الآراء في تحديد أهداف المؤثرات التربوية المباشرة وغير المباشرة التي يتعرض لها أفراد المجتمع فإن الأمر المؤكد هو أن تلك المؤثرات تلتقي في غاية واحدة وهي إعداد المواطنين إعدادا يساعدهم على ترجمة اتجاهات المجتمع إلى أنماط سلوكية.
ماذا يريد التربويون من المجتمع؟
إن المربي يعتبر نواة خلية المجتمع، لذا فعليه أن يوجه انتباها متزايدا لحياة المجتمع من حوله ولتطلعاته ومن ثم فإنه لكي تتسم السياسة والاستراتيجيات التربوية بالفعالية فلابد أن تكفل تفاعلا مستمرا بين العملية التربوية والبيئة الاجتماعية والاقتصادية.
ونلفت الانتباه الى أثر العلاقات الإنسانية الطيبة في تطوير العمل التربوي عن طريق رفع الروح المعنوية وزيادة كفاءة المعلم العربي.
الى ذلك ابرزت معلمة اللغة العربية في مدارس الرياض ريم الخشيبان التطور الذي يواكب التعليم فقالت تسعى الجهات المعنية بالتربية في العالم دائما بصورة مستمرة الى تطوير نظمها التعليمية بما يتوافق مع طبيعة الفرد والظروف والإمكانيات المتوفرة وطموح المربين ومتخذي القرارات في هذا المجال.
والتقدم العلمي في أي مجتمع من المجتمعات متوقف على تقدم المتعلمين في التعلم، وهذا التقدم متوقف بدوره على مدى توجيههم الى أفضل الطرق في التعلم، والى أفضل الطرق في توجيه طاقاتهم واستخدامها وتسخيرها في عملية التعلم الجيد ومع ذلك لا نجد الاهتمام بتوجيه المتعلم بقدر ما نجد الاهتمام بتوجيه المعلم وإعداده.
وقد بذل المربون على مر العصور جهودا كبيرة من أجل تحسين نوعية التعليم وتطوير الممارسات التربوية ولقد تغيرت النظرة الى إعداد المعلم في الوقت الحاضر نتيجة عوامل متعددة منها تغير وظيفة المدرسة بالنسبة لتلاميذها من حيث هي مؤسسة تعمل على النمو الشامل للتلاميذ جسميا وعقليا ونفسيا واجتماعيا بحيث أصبحت وظيفتها بصفة عامة الاعداد للمواطنة والإسهام في خدمة المجتمع، ونتيجة لذلك فلقد تغيرت النظرة الى إعداد المعلم بحيث أصبح المحك في إعداده هو قدرته على القيام بمسؤولياته الجديدة وهي مواجهة المتطلبات وبخاصة فيما يتعلق بتحقيق الأهداف المتغيرة للمجتمع ومراعاة الأسس الجديدة في التدريس حيث أصبح التركيز على التلميذ وإيجابياته ونشاطه في المواقف التعليمية المختلفة؛ لأن الهدف من وضع الاستراتيجيات التربوية هو الإصلاح للانظمة التربوية القائمة، أو إدخال التجديد والتطوير عليها حسب احتياجات البلاد والمجتمع وإمكانياته ومتطلباته من القوى البشرية في التصنيع والعمران والتربية والتعليم على أنواعه.
كذلك الرغبة في معالجة نواحي النقص في النظام التربوي بملاحظة المشكلات في نمو النظام التربوي، ودراسة الأسباب والمسببات لهذا الاختلال وتفحصه وتشخيصه ليمكننا بعد ذلك من اقتراح الحلول لتصحيحه وتقويمه مع تشجيع المسؤولين لعملية تعديل المناهج والطرائق التربوية لأن إمكانية إجراء إصلاحات من قبل العاملين في التعليم دليل على حيوية النظام التربوي وقدرته على تحمل التغيرات الكبيرة؛ للمحافظة على تلك الحيوية فيجب أن نفسح المجال لعملية تعديل المناهج وتجريب طرق تربوية جديدة، واستخلاص النتائج منها، وتقويمها ثم تطويرها وتعديلها ليكون المردود التربوي منها أكثر نفعا للمجتمع.
ولا ننسى وجوب إتاحة الفرصة للفرد لاكتساب المعرفة بوسائل متعددة لأن المهم هو ما يتعلمه ويكتسبه وليس الطريق الذي يسلكه، وإتاحة الفرصة تختلف من حيث الهدف من مرحلة تعليمية الى مرحلة تعليمية أخرى.
وأخيرا العناية التامة بتدريب الموجودين على رأس العمل داخل المملكة وخارجها، ليكونوا في المستوى المطلوب لمسايرة التطوير والتجديد.
وقد منَّ الله على المملكة العربية السعودية، بأن هيأ لها من الأسباب والمسببات ما مكنها من الانطلاق في مجال التطوير والتجديد التربوي بحيث شمل جميع المراحل والأنواع والاختصاصات، وحتى يكون التطوير والتجديد موضوعيا، ويأخذ طريقته العلمية التي وضعت له، فقد سارع المسؤولون في الوزارات المختلفة الى وضع خطط مدروسة تشمل جميع نواحي التنمية التي تحتاجها البلاد للوصول الى الأهداف الموضوعة في الأوقات المحددة في الخطط المرسومة ونتيجة لتلك الجهود الخيرة المتواصلة، أمكن تحقيق الكثير من الأهداف التي رسمت للنهوض بالبلاد في مجالات كثيرة من مجالات التنمية، والسير بالبلاد إلى نوع من الاكتفاء الذاتي في القوى البشرية اللازمة لتسيير عملية التربية والتعليم معا.
وأعتبرت معلمة اللغة العربية في مدارس الرياض اسماء الشاهين توفير خبرات وفكر ومهارات وأساليب جديدة للتعامل بنجاح، وقالت إن العصر الذي نعيشه مليء بالتحديات التي تواجه المجتمع كل يوم، فكل يوم يظهر على مسرح الحياة معطيات جديدة تحتاج الى خبرات وفكر ومهارات وأساليب جديدة للتعامل معها بنجاح، ولن يتحقق هذا النجاح دون تربية تواكب متطلبات العصر وتستشرف آفاقه المستقبلية.
إن أي مجتمع على وجه الارض يتطلع لتحقيق الحياة الكاملة لافراده ولا يخفى على الجميع ما للتربية من دور فاعل في تحقيق هذا الهدف، فالتربية هي الحياة نفسها وليست مجرد إعداد لها، فهي عملية نمو وعملية تعلم وعملية بناء وتجديد مستمرين للخبرة، كما أنها عملية اجتماعية، والتربية حتى من معناها اللغوي توحي بالرعاية والمحافظة والتهذيب وعلو المنزلة، فالمجتمع مع إدراكه لهذا الدور الهام للتربية يريد من المربين: إعداد الخطط والبرامج والأهداف التربوية الملائمة له المستمدة من العقيدة الإسلامية، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ومطالب التنمية واتجاهات العصر ومقتضياته وخصائصه وحاجات المواطنين.
على أن يتم ذلك وفق معايير خاصة، فينبغي ان تكون أهداف المربين محققة لأهداف الرسالة الإسلامية في بناء الإنسان والأمة، ومستقاة من مصادرها الأصلية، وتكون على مستويات ومراحل متدرجة للأعمار المختلفة، ومحققة للحاجات المادية والروحية للناس، وواقعية ممكنة التحقيق ولو على مدى بعيد، ولا بد ان تكون خالية من المتناقضات.
إن التصفح السريع لأحدث الدراسات التربوية المتعلقة بهذا الموضوع لا يظهر فقط الانتشار والتوسع المطرد في النظريات والمبادىء التربوية الحديثة عالميا ودورها في تسيير وتطوير العملية التربوية ككل، بل يظهر ايضا في الدور الفاعل لهذه النظريات والمبادىء الحديثة في دفع التربويين الى ضرورة إعادة النظر في أسس التعلم والتعليم في عصرنا الرقمي المعيش.
فالمجتمع المسلم يدرك هذه الضرورة لكنه يأبى أن يكون مقلدا ومستقبلا فقط، بل ينبغي على المربيين المسلمين ان ينهضوا بمجتمعاتهم وأمتهم بفكرهم الواعي، وبابتكاراتهم التربوية المناسبة للمجتمع الإسلامي.
إن أخطر ما تأثرت به معظم المجتمعات الإسلامية اتباعها مناهج التعليم والتربية السائدة في حضارات الغرب التي شكلت شخصية أبنائها على نمط شخصيات أبناء تلك الحضارات فمسحت كل معالم الشخصية الإسلامية، وذابت الأمة بشخصيتها وتراثها وقيمها في حضارات أخرى، لا شك ان المناهج التعليمية والتربوية هي البوتقة التي تصهر الأمم بشكلها وروحها، ولهذا سئل أحد المربين عن مستقبل أمة فقال: (أعطوني مناهج تعليمها لأقول بمستقبلها).
وأخيرا يمكن تلخيص ما يريده المجتمع من التربويين في النقاط التالية:
بناء إنسان مسلم متكامل الجوانب الشخصية.
تكوين الشعور بالاعتزاز بالعقيدة والقيم الإسلامية..
تكوين الإيمان بقدرات المسلمين على بناء حضارة إسلامية حديثة.
استحداث نظم تربوية تعليمية على أسس علمية تواكب التطورات المعاصرة.
مواجهة: التحديات (التشكيك في قدرات المسلمين) التخلف الحضاري.
إعادة النظر في أسس التعلم والتعليم.
تربية الجيل على الابتكار والاختراع والتصنيع وإتقان المهن والمهارات المختلفة.
وقالت المعلمة شهيرة درخباني من أسرة الاجتماعيات قسم البنات بمدارس الرياض: ماذا يريد التربويون من المجتمع؟
ماذا يريد المجتمع من التربويين؟
الإجابة عن هذين السؤالين تتطلب توضيح العلاقة بين الطرفين، لأن كل منهما يحمِّل المسؤولية للآخر، ويطلب منه اكثر مما يجب ومما يستطيع.
المجتمع يريد من التربويين أن يكونوا المشاعل التي تضيء الدرب أمام الأجيال وان يكونوا القدوة والمثال في كل شيء، سواء من الناحية التعليمية أو التربوية أو القيمية، ناسياً أن هؤلاء المربين هم أفراد أتوا من المجتمع ومن أسره المتنوعة ويحملون قيمه وعاداته ومعارفه، ويحملون مؤهلات علمية حصلوا عليها من مؤسسات يعترف المجتمع بشرعيتها وأهميتها ودورها الفاعل في عملية تطوير المجتمع وأفراده ومؤسساته المختلفة.
والتربويون يحاولون في بعض الأحيان أن يحملوا المجتمع وعاداته وقيمه مسؤولية تراجع او تدهور العملية التربوية، لأن تأثيره في الافراد أكبر من امكانياتهم، كما ان حركة المجتمع وتحولاته سريعة لدرجة أنهم يقفون مشدوهين أمام التحول الكبير في الأجيال الناشئة، وإمكانياتهم التي تعيش في نوع من الصراع بين ما يحملون من قيم وأساليب تربوية وتعليمية يريدون غرسها في أجيال الناشئة، وبين الواقع الذي يدفعهم احيانا إلى نوع من الإحباط واليأس في مواجهة المشاكل المتعددة والمتنوِّعة التي يلمسونها كل يوم مع طلابهم وأبنائهم.
لكننا حين نفهم طبيعة العلاقة وخصوصيتها بين الطرفين بشكل منطقي، نستطيع أن نرسم واقعا أفضل، ولأن هذه العلاقة بطبيعتها جدلية ديالكتيكية تقوم بين طرفين ونتيجتها طباقا جديدا يعطي فكرة جديدة، ونحن نتعلم من الله سبحانه وتعالى الذي جعل من قانون التناقض عنصر الوجود الكوني. فالخير يقابله الشر، والنور يقابله الظلام، والنهار والليل، والكفر والإيمان والجنة والنار، والحياة والموت.. إلخ، وكل منهما في علاقة مع الآخر، ومن خلال فهم طبيعة هذه العلاقة تستمر الحياة ويستمر الوجود إلى أن يرث الله جل وعلا الأرض ومن عليها.
إن المجتمع مجموعة من المؤسسات والزمر والنظم والأفراد الذين تعارفوا فيما بينهم على العيش المشترك على مساحة جغرافية، ونشأ فيما بينهم علاقات وقيم تعارفوا على التعايش معها، وغرسها في أفراده لكي تستمر العملية الاجتماعية، ولذلك تختلف المجتمعات عن بعضها البعض في قيمها وعاداتها وتقاليدها، أما ما عدا ذلك فكل العناصر مشتركة بين كل المجتمعات.
ولذلك يطلب المجتمع من التربويون مواكبة العصر وتقنياته التي اصبحت بمتناول كل الأفراد، وأصبح الطالب في اتصال مباشر مع العالم، وضاقت الأرض ضمن مساحة صوتية صغيرة في الهاتف الجوال، وعلى شاشة صغيرة ضمن التلفاز، واتوستراد صوتي كوني في المذياع، وهذا يحتم على المربي أن يكون ابن عصره بكل وسائله التكنولوجية العصرية الحديثة، وأن تكون عملية التعليم والتربية ضمن سياق القيم الدينية والأخلاقية التي تتماشى مع طبيعة المجتمع وحركته الدينامية المتطورة.
أما عملية العطاء بلا حدود فيجب النظر إليها من خلال معرفة أن المربي انسان أتى من هذا المجتمع، ويجب التعامل معه ضمن السياق الاجتماعي، فهو من نتاج العلاقات الاجتماعية، لكنه في تخصصه العلمي والعملي تحمله الأسر وتطلب منه عمل المستحيل، كي تهرب الأسرة (وهي زمرة اجتماعية) من تحمل المسؤولية المباشرة فهي التي تزرع في الطفل بذور المعارف والأخلاق والتربية في نفوس الأفراد.
وما يريده التربويون من المجتمع:
هو ان تتعاون الزمر الاجتماعية معهم كي يزرعوا القيم والعلوم والمعارف التي يريدونها لأجيال الغد، من خلال التعاون المستمر مع كافة المؤسسات الاجتماعية سواء الأسر، النوادي، الشركات، الوزارات، المصانع.. الخ، وهذا يساعد على تطوير هذه المؤسسات وأفرادها الذين هم بالنتيجة ما يشكلون المجتمع، الذي ينجب افرادا يكون منهم تربويون يساهمون بدورهم في عملية التغيير المستمرة، إن إمعان النظر والتفكير في أن الأطراف جميعها بما فيها المجتمع في حالة حركة وتغيير وعلينا استغلال هذه الحركة في سبيل الأفضل والأنجح.
هكذا يتعين على مؤسسات المجتمع التعليمية وأسلوب ممارساتها للعملية التربوية، وتستفيد من الدول التي لها شأن في هذا المضمار، فهناك دول غيرت الكثير من نظمها وعاداتها من خلال تطوير أسلوبها التربوي التعليمي، كما أن عملية التغيير يجب أن تشمل المناهج التعليمية المقررة وأشكال المواد ومضامينها، والنظرة الموضوعية لبعض موادنا التعليمية تعطينا صورة واضحة عما نقول، علماً بأن ما تقدمه الدولة من نفقات على تعليم أبنائها يفوق ما تقدمه الدول الكبرى من التعليم، بالإضافة لذلك على مؤسسات التعليم أن تضع لقيادة هذه المؤسسات تربويين مختصين لهم باع في عملية التعليم ويعرفون المشاكل والصعوبات التي تواجه الطلاب والمربين، وأن تشركهم بدورات متخصصة تطلعهم على كل جديد في مجال العملية التربوية.
ويطلب التربويون التركيز على أهمية دور الأسرة في عملية إنجاح العملية التربوية، لأنها الجناح الآخر لإتمام العملية التربوية، فهي تتحمل مساعدة الأبناء على الاستفادة مما يتعلمه الطالب في المدرسة من خلال المتابعة والتواصل مع المدرسة والمعلمين.
وفي النهاية إن نظرة التقدير والاحترام للمربين وما يقومون به هي من العوامل المؤثرة والفعالة التي تشحن المربين بطاقة خلاَّقة متجددة وتشعرهم بأهمية ما يقدمون للأجيال الناشئة.
سواء من الطلاب أو الآباء أو المؤسسات التعليمية والاجتماعية، كما أن تحسين الوضع المادي المعاشي للمعلمين يجب أن يكون في أولويات الدولة كي يشعر المربي بالأمان في عمله ويساعده على تطوير نفسه بما يتماشى مع طبيعة العصر الذي يعيش فيه.
طالبات مدارس الرياض يؤكدن
على أهمية هذه الندوة
اما طالبات مدارس الرياض للبنات فكانت لهن مشاركة رائعة وافكار جميلة وممتازة تبرز المستوى الكبير لطالبات المدارس.
الكل اجمعن على أهمية هذه الندوة.
وقالت الطالبة لمياء المنديل في الصف الثالث الثانوي:
للمجتمع دعائم كثيرة.. وللمجتمع أسس كثيرة يقوم عليها فساد المجتمع ونجاحه، فالتربية الجيدة هي إحدى دعائم المجتمع التي يرتكز عليها وأهمها، فصلاح المجتمع بصلاح أفراده وصلاح الفرد بصلاح التربية، والتربية لا تقتصر على الأب والأم بل على كل من يشرف على أبنائنا سواء كانوا في مدارسهم أو بيوتهم فهم يندرجون تحت مفهوم التربية والتربويين. فإذا أخذنا مجَال التعليم كمثال بحكم أهميته وانتشاره، فالمعلمون هم التربويون الذين يرجو منهم المجتمع المحافظة على أبنائنا وغرس الأخلاق النبيلة في نفوس أبنائنا الذين ينشؤون متأثرين بمعلميهم باذلين جهودهم لتقليدهم والاقتداء بهم، فأبناؤنا هم رجال المستقبل وبناتنا هن أمهات المستقبل فإن صلحت التربية صلح الأفراد وصلح المجتمع وعمَّت الفائدة على الجميع، لذلك لا نستطيع أن نفصل بين التربية والفرد والمجتمع فصلاح التربية هو صلاح المجتمع، لهذا يطلب المجتمع من كل التربويين سواء كانوا آباء أو أمهات أو معلمين أن يحسنوا فهم مفهوم التربية وأن العلم وحده لا يكفي إن لم تكن التربية هي أساس هذا العلم، فالأدب والأخلاق فضّلت على العلم. ويريد المجتمع أيضاً تكاتف التربويين جميعاً ليصلوا إلى هدفهم وهدف المجتمع وهو إصلاح كل فساد ناتج عن سوء التربية، فالمجتمع والتربويون وحدة لا تنفصل فبهما يمكن للمجتمع أن يكون أكثر إنتاجاً، فعلى التربية إصلاح كل فساد يتغلغل إلى نفوس الأفراد وعلى المجتمع إعطاء الفرصة لهؤلاء الأفراد ليستطيعوا أن ينتجوا شيئاً يعمي أبصارهم عن طريق السوء ويشغل وقت الفراغ المسبب الأول لطريق الفساد.. للتربية أثر كبير على إصلاح المجتمع وفساده أرجو من الله أن تتحقق أهداف المجتمع من خلال التربية والتربويين وأرى نفسي أحمل هذه المسؤولية في يوم من الأيام.
وقالت الطالبة لمياء بنت محمد السديري من مدارس الرياض للبنات: إن العلم مؤسسة يجب الاهتمام بأفرادها وتطويرهم، وكلنا يعلم أن هناك ثلاث حلقات رئيسية وهي الأعمدة الأساسية للتعليم ألا وهي الطالب، والمعلم، والكتاب فإن حصل ذلك في أحداها أثرت على التعليم برمته.
ونحن نواجه مشكلة في إحدى الحلقات الرئيسية في التعليم ألا وهو الكتاب، ومشكلتنا تقف عند كثرة المناهج مما يؤدي إلى التكرار غير المفيد وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة عدد الحصص وإرهاق المعلم والطالب، وبعض المواد تكون مقرراتها طويلة وحصصها قليلة مما يضعف فرص الحوار والنقاش وهذا أيضاً يؤدي إلى انهاء المنهج بالشكل غير المطلوب،إننا نطالب بمعادلة المقررات الدراسية معادلةً متساوية إلى عدد الحصص المقررة لها، إلى تجديد المناهج وتطويرها وأن تكون مواكبةً للعصر وتقنياته.
وكذلك فإن الطالب بحاجة من معلمه ومدرسته إلى التوجيه والقدوة الحسنة ويحتاج أيضاً إلى عملية لصقل موهبته وتنمية شخصيته، وكذلك إلى موجه يثق به ويبادل الثقة ويترك السلطة التي لا نعلم ما أساسها وهذه أكبر مشكلة تواجه الطالب وتجعله متمرداً كارهاً للقوانين والأنظمة، والمجتمع يحتاج إلى تهيئة المعلمين ليكونوا قدوة حسنة وزيادة العناية بالجوانب السلوكية مما يساعد على بناء شخصية الطالب فكرياً واجتماعياً فيتخرج الطالب وهومنتج صالح.
أما التربويون فهم أيضاً بحاجة إلى الدعم المادي والمعنوي من المجتمع وكذلك إلى المساندة والمساعدة لتوعية أبناء المجتمع ولتحقيق أغراض التربية والتعليم وإلى الإسهام في وضع الخطط المدرسية ومساهمة الأسرة في التربية والتعليم.
وأخيراً.. نحن نتطلع إلى تطوير التعليم وحل العقبات التي تواجه المسيرة التعليمية ورغبة أكيدة لتدعيم الجهود المخلصة والنهوض بمستوى التعليم.
وقالت الطالبة لمياء عبدالله السمحان: «ماذا يريد التربويون من المجتمع وماذا يريد المجتمع من التربويين» هاتان العباراتان هما مدار حديث المجتمع والوسط التربوي والتعليمي اليوم، فالجانبان «التربويون والمجتمع» مقبلان على ندوة سوف تأخذ الطابع الحواري حول أهمية قضية تشغل المجتمع والمسئولين عن التعليم ألا وهي قضية التربية والتعليم كواجب مشترك يقع على كاهل الجانبين المسئولين عن التعليم، أعتقد وأستطيع ان أقولها من خلال ما اطلعت عليه في الصحف أن التربويين يريدون «الشراكة» مع المجتمع، فالتربويون يريدون العمل بروح الشراكة مع المجتمع بكافة فئاته ومؤسساته وفعالياته، فهذا ما يريده التربويون من المجتمع باختصار شديد.
ولكن الطرف الرئيسي في هده الندوة هو المجتمع. إذ تناقش الندوة العلاقة بين التربويين والمجتمع، وسبل دعمها فنحن لا نتصور نجاحاً للعملية التربوية والتعليمية دون إقامة أقوى الروابط بين هذين الطرفين، مسئولين وأولياء أمور، فمن المؤكد أن كل فرد في المجتمع يرى من موقعه ما لايراه الآخر سلبا أو إيجابا،وما نأمله عن ندوتنا هذه تقوية لعلاقة المجتمع بالتربية، حتى لا يكونا عالمين منفصلين.
فهذه الندوة : حوار مفتوح بين شرئح المجتمع ومؤسسات التعليم في سبيل تكوين رؤية التعليم العام في المملكة العردبية السعودية واقعاً ومستقبلاً، وتحديد أوجه التعاون بين المجتمع ومؤسسات التعليم والعمل المشترك على تذليل الصعوبات والمعوقات التي تواجه مسيرة التعليم.
فهدف اللقاء هو الاستنارة بأداء نخبة من أهل الرأي والخبرة في إجراءات الإعداد للندوة في جانبها الفكري.
وبما أنني فرد من أفراد المجتمع أنقل إليكم إرادتي وإرادة بعض أفراد المجتمع من خلال ما اطلعت عليه فالمجتمع يريد من التربويين:
النظرفي تطوير النظام التعليمي من حيث الأهدف الهامة للتعليم، والسياسة التعليمية.
والواقع السلوكي والمهاري للطالبة السعودية.
وتنمية الفكر والوعي عند الطالب.
واتصال الطالب مع عقيدته وثقافته وللتأكيد على إنشاء المواطن الصالح.
وتوظيف مهارات وقدرات ومواهب الطلاب بشكل صحيح.
واستثمار عمر الطالب من خلال وضع مناهج مناسبة للتخطيط الجيد للسلم التعليمي.
والمحافظة على المكتسبات السلوكية الحميدة التي اكتسبها الطالب في المنزل.
ولقد أكد الطلاب وبشكل خاص على هذه الجوانب.
وتطوير المناهج بما يواكب عصر الانفتاح والتطور التقني الجديد.
وتعديل اتجاهات الطلاب والمجتمع نحو التخصصات التقنية.
والتركيز على متطلبات سوق العمل.
وتطوير التعليم بالحاسب الآلي.
وتبني الطلاب المتميزين والموهوبين من خلال بعض الشركات والمؤسسات الخاصة.
وتطوير مراحل التعليم من حيث فتح تخصصات أكثر أمام الطلاب مثال ذلك طالب رغب الهندسة لماذا لا أفتح معهداً لدراسة الهندسة وبعد التخرج أضمن له الوظيفة في نفس المجال.
اما عن ماذا يريد التربويون من المجتمع؟ فلم أستطع الإلمام بهذا الجانب لأنني طالبة وليس لي علاقة مع التربويين ولكن أبرز ما الممت به هو:
التركيز على الاهتمام بالأسرة باعتبارها النواة الأولى في بناء المجتمع.
والدعم المعنوي وذلك من خلال التفاعل الايجابي من قبل فئات المجتمع في الاستجابة لانشطة المدرسة وبرامجها.
ودعم ومساندة رسالة المدرسة في تعزيز السلوك لدى الطلاب.
وتناولت الطالبة لبنى الحنطي من القسم المتوسط بمدارس الرياض «للبنات» أهمية العلم في حياة الشعوب وقالت في كلمة لها بهذه المناسبة:
للعلم أهمية كبيرة فهو أساس لرقي المجتمع وهوبلاشك سلاح بيد صاحبه وقد أولت حكومتنا الرشيدة التعليم جل اهتمامها وإن الإنسان مهما بلغ علما فلن يصل إلى درجة الكمال. وهناك نخبة من أفراد المجتمع تحمل على أعتاقها أهمية نشر العلم والتعليم بين الأفراد ألا وهم التربويون والمجتمع يطالبهم بأمور كثيرة فمثلا: الطالب هو الهدف المنشود وبناؤه تربويا وعلميا والارتقاء به هو أسمى غايات التعليم. ولكي يتحقق ذلك الهدف لابد من رعاية الطالب وذلك بالنظر إلى: أولا: البيئة التعليمية، فيجب الاهتمام بالمباني المناسبة من حيث المساحة والتهوية والإضاءة وتوفر كافة الاحتياجات لخلق بيئة دراسية مناسبة فالمباني غير كافية والبعض الآخر غير صالح ويجب أيضا تزويدها بالأجهزة والوسائل التي تخدم العملية التعليمية فهي لا تخضع لصيانة دورية ولا تواكب التكنولوجيا الحديثة. وأما عن وسائل الأمن والسلامة فهي غير متوفرة بالشكل المطلوب واللازم لتوفيرالأمن للمتعلمين، ثانياً: المناهج يجب أن تواكب التطور الحضاري فتكون مجددة تثير البحث والاطلاع لدى الطالب، وأن تعتمد على التقنيات الحديثة في التعليم ليكتشف النتجة بنفسه فمناهجنا الآن غير مطورة كما أنها مكثفة وبعضها لا يتناسب مع المرحلة العمرية للمتعلم، فمناهجنا يجب ان ينظر فيها إلى الكيف وليس إلى الكم. كما أننا نلاحظ ان المناهج تنمي ملكة الحفظ فقط دون الاهتمام بالبحث والاكتشاف فالحشو الهائل للمناهج وعدم الترابط حيث لاحظت مثلا منهج العلوم للبنات هناك قفزة كبيرة بالمعلومات بين منهج الصف الأول والثاني ابتدائي والاختلاف الكبير في الصف الثالث حيث تكثر المعلومات بشكل ملحوظ وليس هناك تدرج في تلك المعلومات إذا قورنت بما سبقها في السنتين الأوليتين، كما يفضل تدريس اللغة الإنجليزية من الصف الرابع والتركيز في الصفوف الأولية على الإملاء والقراءة، ثالثاً: تأهيل المعلم، يجب إيجاد المعلم الذي يهدف للتعليم ويحبه ويرغب فيه ويكون أمينا على عمله يطور نفسه ويرتقي بها. ولكن ما نراه الآن غير صالح لممارسة المهنة على أرض الواقع كما أنها لا تنمي مهارات ذهنية أو يدوية عند المتعلمين كما أنه لا توجد خطط مدروسة لتأهيل المعلم وزيادة محوره المهني ليتماشي مع تطورات العلم ومستجدات العصر. ومن الأشياء التي تؤثر سلباً على سير العملية التعليمية هي غياب المعلم الذي بسببه يلجأ الأهالي لإلحاق أبنائهم بالمدارس الأهلية وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم اهتمام المعلم بالمسؤولية وأداء عمله على الوجه الأكمل ولا يوجد رادع لهذا المعلم مما يجعله يتمادى في ذلك. وأما عن حصص النشاط الحالية فهي عبارة عن هدر للوقت والجهد والمال وهي لا تحقق رغبات الطلاب وتستغل للعب فقط وليس هناك تنمية للمواهب في تلك الحصص واستغلالها الاستغلال الأمثل وإن ما نأمله من التربويين هو الرقي بالعملية التعليمية لنصل إلى ما وصل إليه بعض الدول المتقدمة ونصل إلى هدفنا المنشود.
وقالت الطالبة منيرة بنت فهد الحمدان من القسم الثانوي بمدارس الرياض قسم البنات: إنى اليوم أصوغ هذه الكلمات إلى كل من تنبه مسمعه إليِّ، إن الإنسان في هذا العصر الحديث يعيش أرقى ظروف الحياة وأنفعها وأقلها كلفة وجهداً فالعلم منتشر في كل مكان وسخر لخدمة الإنسان ورفاهيته المطلقة في البيت والشارع والمعمل، وعقل الإنسان عَمِل باستمرار وفق أحدث النظريات العلمية للوصول إلى أفضل الأساليب التي تكفل للإنسان الراحة والطمأنينة، ومن أهم مركبات المجتمع، الإنسان التربوي المثقف، الذي قام بطرق كل أبواب العلم بمراد الوصول إلى مسمى تربوي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، أي يكون قد تمكن من ان يكتسب الثقافة العلمية والدينية والأدبية، وايضاً يكون على علم بطبيعة مجتمعه بما فيه من إيجابيات وسلبيات تعكسها له مرآة تجاربه مع الآخرين، وهو الذي يراعي نفسية غيره من الناس على مختلف الأعمار ويندمج مع أناس مجتمعه كي يفيد ويستفيد، ولكي يستطيع أن يتماشي مع تفكيرهم مما يسهل عليه إيصال المعلومات والإفادة إلى كل من يتلهف لها، وبهذا يكون التقاؤه مع الأمم في مختلف أمصارها على صعيد المعرفة الإنسانية لإغناء الفكر بثمار عقول الآخرين وتجاربهم، وفي كل خطوة يخطوها يكون أساسها التربية التي تعد جزءاً من التعليم، التربية التي تحث على فعل هذا وتنهي عن ذاك، والتي تجعل كل من حوله يدركون أسرار هذه الحياة وبهذا يغدو الإنسان التربوي المثقف يرى بآلاف الأعين ويسمع بآلاف الآذان ويعيش بآلاف الأعمار ويتحدث بآلاف الألسن ويكون ذا عزيمة ماضية وإرادة قوية تراه في سعي دائب وراء المعرفة ويبحث عنها في بطون الكتب وبين مؤلفات علماء عصره ومبدعي زمانه، ومع هذا كله يتمتع بقدرٍ كاف من روح المرح والدعابة الحقيقية التي غالباً ما كانت تساعده على مواجهة المواقف، والإنسان التربوي يتمثل في عدة صور، ومن أبرز تلك الصور المدركة المعلم، الشمعة التي تحترق من أجل أن تنير للآخرين دروب العلم والمعرفة هو مربي الأجيال وعلى يديه تبنى الأمم وتمتد الحضارة، انه يجلي أفكار الناشئين ويوقظ فيهم مشاعر حية ويسلحهم بالحق أمام الباطل وبالفضيلة ليتقوا الرذيلة وبالعلم ليمسحوا ظلماء الجهل وبالنور ليبددوا حجب الظلام، ويملأ النفوس الجامدة حياة وقدرة والعقول النائمة يقظة وحركة، انه يشعل المصباح المنطفئ لينير الطريق المظلم أمام السائرين في دروب العلم والحضارة فهو منشئ الجيل وباعث الحضارة وعماد الوطن وذخيرته وهذا الجيل هو من يستحق هذا البيت المصاغ:
العلم يغرس كل فضل فاجتهد
ألا يفوتك فضل ذاك المغرس
والمقصود به الشباب أي تلك الحلقة الذهبية التي تربط المستقبل بالماضي إنهم ربيع الأمة وقوتها العاملة وأملها الصادق، فإن إعداد اليوم إنارة الغد وعلى قدر خطأ اليوم وقصوره يمكن اضمحلال الضوء غداً ، بل قد لا يكون الضوء أبداً وتنعدم امكانات الرؤية وتكون عهود الظلام، فلولا الله ثم الشباب لما جرى مركب في بحر ولا دار دولاب في بر ولا اشتعلت نار في دار ولا خاطت ابرة ثوباً ولا شيد حجر فوق حجر ولا كان حرف ولا كتاب ولا انطلق لنا جناحٌ في الفضاء ولا أضاء لنا سراج في الظلمة ولا امتد لنا صوت عبر القارات والمحيطات. فأنا أوقن بقول الشاعر:
ان الشباب غدٌ فليهدهم لغدٍ
وللمسالك فيه الناصح الورع
وحاضراً يكون الشباب مزوداً بالتربية والتعليم الذي تؤهله مستقبلاً لأن يصبح تربوياً يسعى لنشر ما استمده وأفاده، فالتربويون يكونون على أشكال مختلفة وآراء متعددة ولكن يجب ان يكون هدفهم هو خدمة مجتمعهم بأن يعطوه كل ما يلزم من افادة وعلم وتربية يتكون إثرها مجتمع تربوي، فالغصون اذا قومتها ارتفعت وهذا المجتمع الذي ينظر إلى التربويين نظرة المتأمل في النفع، الشديد الثقة بهم الذي يقدم لهم كل ما يحتاجونه وكل الحوافز اللازمة لتشجيعهم على الاستمرار والدوام على طريق الخير والإصلاح.. لن أطيل أكثر لأنني أكون قد وصلت إلى آخر سلسلة من حديثي بأن المجتمع يكون في حاجة دائمة للتربويين ويكونون هم أيضاً بحاجة الى المجتمع بكل ما يقوم به من رفع معنوياتهم. وأنا الآن أعيش صورة حية عن هذا التبادل النفعي بين المجتمع والتربويين في المملكة العربية السعودية التي بذلت قصارى جهدها لتحقيق جميع المتطلبات اللازمة لهم. فأدعو الله لأن يستمر هذا الرقي والتقدم وان تتزايد أعداد التربويين والمثقفين إلى أن نصل الى مجتمع تربوي واسع وممتد الآفاق.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved