Thursday 16th January,2003 11067العدد الخميس 13 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المهرجان الوطني «ومخالفة السائد» ونقل نشاطه الثقافي إلى مكة المكرمة العام القادم المهرجان الوطني «ومخالفة السائد» ونقل نشاطه الثقافي إلى مكة المكرمة العام القادم
حمد بن عبدالله القاضي (*)

لعل المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» هو الوحيد الذي خالف ما اعتاده الناس .. ذلك أن النشاطات الفنية والمسابقات الرياضية هي التي عادة ما تشد الناس إليها أكثر من أي نشاط آخر.
لكن المهرجان الوطني خالف ذلك فقد أضحى «نشاطه الثقافي» هو الذي يشد الناس أكثر ويحظى بمتابعة الآخرين.
والحق أن هذا لم يأت من فراغ، فلو لم تكن مناشط هذا «المهرجان» قوية ومشوقة وملامسة لهموم الأمة ما كان لها ذلك.
وقد تبدى هذا الملمح هذا العام بشكل ملحوظ ومشاهد لعدة أسباب:
فأولا: كان المحور الأساسي «هذا هو الاسلام» بمحاوره الدقيقة، ونوعية المشاركين فيه موفّقاً وملامساً لاهتمامات أبناء الأمة الإسلامية بل للكثير من المتابعين في مختلف أرجاء العالم.
ثانيها: تميز النشاط الشعري وبخاصة أمسية الشاعر الكبير غازي القصيبي أبرز شاعر في عصرنا الحديث إبداعاً وحضوراً وتناولاً لهموم الناس وقضايا أمته.
ثالثها: «الأوبريت» المتميز والمختلف عن كافة «الأوبريتات» السابقة والذي أبدع كلماته الشاعر الحاضر في شجون أمته عبدالرحمن العشماوي.
رابعها: اختيار شخصية ثقافية واجتماعية كبيرة ومتميزة لتكريمها هذا العام، هو الأديب السفير الشيخ احمد بن علي المبارك ابن واحة الأحساء وابن هذا الوطن الغالي.
المناشط وفترة مابعد المغرب:
** النقطة الثانية: التي أتوقف عندها ملاحظة تتعلق بعدم وضع مناشط ثقافية «بفترة المغرب» لانه وقت قصير من جانب، ولأنه في أيام الدوام خاصة لا يستطيع الكثيرون الحضور لأن هذا يعني مواصلة البعض تواجدهم خارج منازلهم في دوامهم أولاً، ولحضور مناشط «المغرب» فضلا عن قصر وقت العصر .. وقد كان الكثيرون يودون هذا العام مثلا حضور المحاضرة الجيدة، «هذا هو الإسلام» لمعالي الشيخ العالم صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ولكن وجودها في وقت «المغرب» لم يمكنهم من ذلك إضافة الى انه لا يكون هناك وقت كاف للحوار والمداخلات مع موضوع مثل هذه المحاضرة القيمة، وكذا الشأن في أمسية الشاعر الكبير غازي القصيبي التي لم يكن وقت المغرب مناسباً لها، فالوقت كان قصيراً، والشعر كائن ليلي وليس كائناً صباحياً أو مسائياً!!.
مكة والنشاط الثقافي فيها:
** النقطة الثالثة: وهذه أدعو فيها مع الكثيرين الذين نشر البعض منهم رؤيته حولها وذلك بمناسبة اختيار «مكة المكرمة »عاصمة للثقافة الإسلامية في العام القادم ألا وهي أن يتم نقل النشاط الثقافي الى مكة المكرمة في مهرجان العام القادم، وأن يتم اختيار موضوع يتعلق بمكة المكرمة .. وهي تستحق أن تكون المحور الرئيسي للنشاط الثقافي في مهرجان العام القادم .. فهي مهوى الأفئدة وهي منبع النور ومنزل الوحي والإشعاع النوراني الدائم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً ولا أعتقد أن هناك عقبات تحول دون تحقيق هذا المطلب الذي سوف يعطي لاختيار مكة عاصمة للثقافة وللمهرجان أبعاداً جميلة ورائعة ليس في بلادنا بل في كل أرجاء العالم الإسلامي، وسوف يعطي من جانب آخر للمهرجان الوطني شرفاً وأبعاداً عالمية وإسلامية كبيرة وقد يكون عنوان محور ندوات العام القادم «مكة المكرمة مهوى الأفئدة» ومن عناوينه الفرعية: «مكة وتاريخها»، «انبثاق نور الإسلام منها»، «عمارة وتوسعة الحرم المكي في العهد السعودي» ..الخ.
إن الفكرة جديرة بالتطبيق والنشاط الثقافي ولا تحتاج الى كثير من الإمكانيات فالقاعات المناسبة والفنادق الجيدة متوفرة بمكة المكرمة بحمد الله، وأمام الغايات السامية تهون العقبات، إننا نتطلع جميعاً أبناء هذا الوطن كما يتطلع كل مسلم إلى سمو ولي العهد الكريم ورائد هذا المهرجان الوطني الإسلامي أن يوجه حفظه الله بدراسة هذا المقترح لنقل النشاط الثقافي في العام القادم الى رحاب مكة المكرمة..
تيسير الإنتاج الثقافي لمن يريده:
** النقطة الرابعة: الإنتاج الوافر الذي يتمخض عن النشاط الثقافي للمهرجان من محاضرات وندوات وأمسيات وحفلات تكريم فهو مادة ثرية وغنية، ولا أدري لماذا لا يستفيد التلفزيون السعودي منها ويقوم بعرضها كاملة وليس أجزاء منها، فكم هم الذين سمعوا عنها، ويتطلعون الى رؤيتها والاستفادة منها في بلادنا وخارجها.. ومن جانب آخر ليت اللجنة التنفيذية للمهرجان تعهد الى إحدى المؤسسات الإعلامية لتقوم بتسويق «هذا الإنتاج الثقافي» ليكون ميسراً لمن أراد الحصول عليه مقابل سعر معقول، فهذا يعمم جدوى هذا النشاط والإفادة منه، كما يعطي دخلا للمهرجان الذي نتمنى أن يتم تخصيصه وبخاصة بعد أن أثبت نجاحه، إن «المادة الثقافية» أصبحت مطلوبة، وليس صحيحاً أن الناس لا يتوقون إلا الى الأفلام والأغاني وأمثالها، فقد بدأ تغير كبير على اهتمام الكثيرين وتطلعاتهم الثقافية، وأذكر تجربة صغيرة على هذا الإقبال، إذ أذكر أن أحد «محلات الفيديو» كان يسجل بعض حلقات برنامج «رحلة الكلمة» الذي كنت أعده وأقدمه في التلفزيون قبل عدة سنوات، وكانت كثير من حلقات البرنامج تجد إقبالاً من الكثيرين، فإذا كان هذا الشأن بالإقبال على برنامج ثقافي متواضع فما شأنك بمناشط ثقافية كبيرة هي حصيلة هذا المهرجان كل عام.
ختاماً :
** تحية مرة أخرى للمهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي استطاع فعلا وكما أشرت سابقا أن يجعل النشاط الثقافي يشد الناس والمتابعين بأكثر مما تشدهم المناشط الفنية والرياضية التي عادة تكون هي الأكثر جذباً للناس في مثل هذه المهرجانات والاحتفالات.
والشكر موصول لكل المسؤولين والقائمين على هذا المهرجان على جهودهم الموفقة والمنظورة.
آخر السطور :
للشاعر العراقي الكبير عاشق بلادنا و«مكة المكرمة »على وجه الخصوص:


«قف يا ابن «دجلة» لاح نور قبابها
فامسكْ فؤادك قد يفر لبابها
واطل سجودك يا ابن «دجلة» شاكرا
وانثر على جرحيك من اعشابها
واغسل بماء الذكر ثغرك ربما
بالأمس كنت خطبت غير خطابها
لو لم تكن خير البلاد على الثرى
ما كان بيت الله فوق ترابها
النسك والايمان من افيائها
والعدل والاحسان من أطيابها
فكأنها صوت الزمان وثغره
وكأن «زمزمها» زلال رضابها
لو يوضع البيت العتيق بكفة
والأرض في الأخرى - لأعدلها بها
ارض يكاد - لفرط عزة رملها -
يُروي عطاشى الماء وهج سرابها
جمع الزمان جميعه فاذا به
يجثو خشوع القلب في محرابها
من ها هنا مر «الأمين» ومن هنا
اسرى وفاض العدل من «خطابها»
ما زال يخترق الفضاء «بلالها»
هَرِم الزمان ولم تزل بشبابها
عشرون عاما ما اغتسلت من اللظى
واليوم ابردني عظيم شرابها
ابكي على وطني وحين دخلتها
صار البكاء توسلا لثوابها
فوحق من خلق الخليقة واستوى
حلمي يكون القلب عتبة بابها

(*)عضو مجلس الشورى - رئيس تحرير المجلة العربية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved