Saturday 25th January,2003 11076العدد السبت 23 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
المسكن البارد « 2 - 3»
رقية الهويريني (*)

ذكرنا الأسبوع الماضي أن السكن يُعد من أبسط حقوق المواطن وأن صعوبة الحصول عليه تشكل عائقاً أمام مقتضيات الأسرة فهو قد يؤخر الزواج وتكوين الأُسر الذي يسعى إليه المجتمع حيث إن الأسرة المستقرة هي - غالباً - من تمتلك سكناً يوفر لها الراحة والطمأنينة والاستقرار بدلاً من التنقل من مكان لآخر وما يترتب عليه من توتر وقلق وأعباء مالية، حيث إن أغلب المرتبات الشهرية تذهب لإيجار المنزل! كما أن الاستقرار الأسري يقلل من المشاكل الاجتماعية بوجهٍ عام ويحصل به التقارب بين سكان الحي الواحد حيث يكون الوضع الاقتصادي متشابهاً إلى حدٍّ بعيد إضافة إلى وجود أبنائهم في مدارس طلابها متقاربون اجتماعياً واقتصادياً.
ولعلنا لا نطرق أبواب المستحيل حين نطالب رجال الأعمال بإنشاء مجمعات سكنية وهو ما يسمى في أوروبا (Housing Society) حيث أنشئت هذه المجمعات منذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي، وبدأت أعمالها عن طريق شركة خاصة بدون أرباح! تعتمد على تبرعات رجال الأعمال إضافة إلى إعانة من الدولة، وثم إنشاء خمسة ملايين وحدة سكنية خلال عشر سنوات، ويتم تأجيرها بنسبة 50% من الإيجار الأصلي لها، مع الاستمرار في البناء والتعمير، وكانت هذه الفكرة قد طُرحت من قِبل رجلٍ يُدعى (صاموئيل لويس) عاش يتيماً وفقيراً وعانى من العيش في الطرقات والشوارع! وقد جاهد حتى تعلم ثم عمل في البنوك وأصبح ثرياً وبدأ يفكر بالناس الفقراء مما دعاه لإنشاء 000 ،16 وحدة سكنية وتأجيرها للعمال بأسعارٍ رمزية! وما زالت معظمها قائمة إلى اليوم يستفيد منها الفقراء حسب حجم أسرهم وعدد أطفالهم..
ونحن المسلمين أجدر بأن نتلمس معاناة بعضنا فننشئ صناديق للتكافل الاجتماعي وتكون مخصصة لبناء مساكن مناسبة للشباب وذوي الدخول المتوسطة، ولا يكفي أن يتباهي رجال الأعمال بأنهم عصاميون وكانوا في صغرهم يبيعون البيض والدجاج في الطرقات، أو الخردة في المناطق الصناعية! وأنهم كافحوا حتى بلغوا ما وصلوا بل إننا بحاجة إلى وقفةٍ جادة وصادقة لترجمة النوايا إلى عملٍ ملموس وذلك بالتفكير بإيجاد مساكن تتوفر فيها الضروريات دون الكماليات وتكون ذات مساحاتٍ مناسبة وإيجارها في متناول أيدي الشباب، والبعد عن الإغراءات التي نجدها في إعلانات الصحف للمساكن المنتهية بالتمليك بعد تقسيط الغلاء عليك!! ومنها المساحات الكبيرة والأرضيات الفاخرة والواجهات الفخمة والإكسسوارات الباهرة والسلالم اللولبية والأبواب الخشبية والحديدية المشغولة والمواقف المتعددة للسيارات مع الملاحق العلوية والخارجية!! لأننا لو عدنا للاحتياج الحقيقي من البناء لأسرةٍ متوسطةٍ نجد المساحة لا يمكن أن تتعدى 250 - 350 متر مربع، وتزيد هذه المساحة، بمعنى أن الأراضي المتوفرة - حالياً - تكفي لأسرتين بدلاً من أسرة واحدة كما هو معمولٌ به الآن، ويمكن زيادة المسطح الإنشائي تبعاً لزيادة عدد أفراد الأسرة من المساحات الخارجية التي خُصصتْ لتكون فراغاً يمكن الاستفادة منه فيما بعد..
ويمكن بذلك أن يحقق الشاب أو متوسط الدخل حلمه بامتلاك مسكنٍ خاصٍ به، وليست العبرة باتساع مساحة المسكن بقدر شعور ساكنيه بالألفة والحميمية بينهم.
ولأهمية هذا الأمر من منظورٍ اجتماعي فسنتحدث عنه في الأسبوع القادم بإذن الله.

(*) ص.ب. 260564 - الرياض 11342

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved