Thursday 30th January,2003 11081العدد الخميس 27 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في الاقتصاد في الاقتصاد
رياضة الأعمال
د. سامي الغمري

لعبة كرة القدم من الألعاب الشعبية في المملكة المباركة، ومعظم الناس يعرفون قواعدها. فيها يمضي اللاعب ساعة ونصف جاريا بقدميه يلاحق الكرة ويضربها كلما استحوذ عليها ليدخلها في مرماها راجيا ان يسجل هدفا. ثم تعاد اللعبة مرة ثانية وثالثة، فيلاحق اللاعب نفس الكرة ليدخلها في المرمى. فيها نرى المتفرج يقضي وقتا اطول من المباراة نفسها يمضيه في شراء تذكرة دخول الملعب وراضيا كل الرضا يتحمل عناء الانتقال من منزله وصابرا على اختناقات المرور وتاركا اعماله اليومية من اجلها جانبا. نسائل الا تبدو هذه اللعبة مملة عند تكرارها لاكثر من مرة. من اول وهلة قد تكون كذلك ولمن لا يدرك خفاياها ولكن ما الذي يجعل هذه اللعبة مثيرة وجاذبة للناس؟ ولماذا يلعبها اللاعبون.. ولماذا يشاهدها المشاهدون.. ولماذا تستثمر فيها الاندية الملايين من الريالات؟ ان ما يضفي على اللعبة سحرها هو السياق المحيط بمهمة اللاعب في ضرب الكرة. فهو في كل مرة يضرب الكرة من موقع جغرافي مختلف وباتجاه جغرافي مختلف ولمسافة جغرافية مختلفة فالتنوع هنا يقضي على الملل بينما التحدي والمنافسة وتسجيل النقاط كفيل باشعال روح المرح اما التفاعل مع المنافسين والمشجعين الملتهبين فانها الاثارة بعينها. فضلا عن التريض والاستعداد والتحفز التي تستغرق اوقاتاً طويلة واموالاً طائلة لتنتهي المباراة اما بصيد سمين او بلاشيء. الاعمال كذلك لعبة مستمرة.
فهي ليست مجرد مهمة بسيطة مملة اذ تكتنفها متغيرات عديدة كالتفاعل مع الزملاء والعملاء والبيئة المالية المحيطة بها من مكافآت وتدريب. والاعمال تشبه الالعاب في كل تلك العوامل المحيطة بها اما ان تجعلها ممتعة او محبطة. وللموظف ان يتخيل مثلا لو تلقى الاوامر من مديره لكي يؤدي عمله وانه سيعمل وحده. وان المدير كلفه خطيا بأن يعمل عمله في الساعة المعينة. وللموظف ان يتخيل ان هناك تعليمات صارمة من المدير حيال قواعد العمل مفادها بأن يعمل في نفس المكان الوظيفي وبنفس الطريقة مستخدما نفس مستوى المهارة ونفس السرعة دون تغيير في كل يوم على مدار الدهر. هل في ذلك ما يبعث في الموظف الاهتمام بعمله؟ مهما تكن مكافأة الفوز التي سيحصل عليها الموظف في نهاية الشهر «الراتب والعلاوة» فانه سيرفض يوما من الايام الاستمرار في اللعبة الروتينية لانها بدون منافسة وبدون هدف وبدون تفاعل مع الناس وبدون تغيير في ظروف العمل او ظروف الاتجاه. هذه مشكلة تقليدية تقابل كثيرا من مؤسسات القطاع الخاص بغض النظر عن كل ما يفعل من جانب المديرين لبث روح الحماس في العاملين. بل يبدو وكأن البعض من الموظفين يعملون لمجرد اداء الواجب، او للاحتفاظ بوظائفهم ورغم ان المؤسسات تصرف العلاوات السنوية في نهاية كل عام الا انها في نهاية المطاف تحصد نفس المستوى دون اي تغير. ونسمع احد المديرين في القطاع الخاص يطرح السؤال المتكرر وبصورت مفعم عال: بالله عليك.. ما الذي يمكنني ان افعله بعد كل هذا لتحفير هؤلاء الموظفين؟ نعتقد ان ذلك المدير لم يلم بقواعد اللعبة الوظيفية كما يفترض منه فقد اعتاد الموظفون في مؤسسته على التحرك فقط عند التلويح بمكافأة مالية او بعقاب مالي وبذلك تحولت المكافآت والعقوبات الى محركات وليس محفزات ذلك ان المحرك يقود الموظف لكي يؤدي عمله اليومي بمستوى عادي متوسط اما الحافز فيدفعه الى ان ينشد قمة الاداء والانتاج.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved