Thursday 6th february,2003 11088العدد الخميس 5 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

للأمريكيين فقط وخاصة «لوران موراويك» للأمريكيين فقط وخاصة «لوران موراويك»
عبد الحميد السيد السيد/مقيم مصري بالمملكة العربية السعودية

سبق ان طالعت التقرير الذي نشرته مجلة المجلة والذي تم تسريبه كمقتطف من المحاضرة التي ألقاها لوران موراويك الباحث في مؤسسة راندا عن العلاقات الأمريكية السعودية ودعوته لاعتبار السعودية العدو الأول لأمريكا كما طالعت المقابلة التي أجرتها معه صحيفة الشرق الأوسط في عددها رقم 8784 وتاريخ 16/12/2002م ولقد فاجأني حجم المغالطات التي أوردها الباحث عن المملكة العربية السعودية مثلما فاجأني من قبل ما طالعته من تسريبات محاضرته عن استراتيجية التعامل مع المملكة.
المشكلة الرئيسة في تعامل الباحث لوران مع الموضوع، انه ينطلق من ركيزتين أساسيتين وهما:
إن المملكة العربية السعودية دولة شأنها كسائر الدول، وقد يكون غير مدرك أو متجاهلاً للخصوصية التي تمثلها هذه البلاد في نفس كل مسلم على امتداد المعمورة شاء لوران أم أبى وان هذه الخصوصية لايؤثر فيها غنى المملكة أو فقرها عطاؤها أو منعها.
والنقطة الأهم التي لايدركها لوران ان جميع المسلمين حتى من في الولايات المتحدة يشعرون أنه لا خير لهم ولا قيمة لحياتهم جميعاً إذا تعرضت بلاد الحرمين لأي خطر من أي جهة كانت حتى ولو كانت أخطاراً عربية فأي موقع آخر على امتداد العالم يمكن ان تتجاذبه الآراء مابين مؤيد أو معارض، إلا بلاد الحرمين فهي الرمز والحصن وموطن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المستقرة في قلوب الجميع.
* فهو ينطلق من قناعة ان من ترضى عنه الولايات المتحدة هنا توهب له الحياة ومن تغضب منه وهي قادرة عليه فيمكن العمل على فنائه وهذا المنطق الذي يتبناه الباحث لوران بعيد كل البعد عن القوانين الحاكمة لعلاقات الدول والشعوب ويعبر عن فكر غاية في التطرف والإفراط في الثقة بالقوة، ولو كان هذا هو نهج العلاقات الدولية السائد لما توقف أتون الحرب يوما حتى بين الاخوان في بيت واحد.
وقبل البدء في التعرض للمقابلة التي أجرتها الشرق الأوسط مع الباحث لوران أوضح أنني مقيم بالمملكة العربية السعودية منذ ما يناهز ستة عشر عاما ومن الغرابة ان أقرأ ما يقوله الباحث لوران عن هذا البلد فالمملكة العربية السعودية هي بلد ديناميكي متطور جاد في البحث عن الحضارة والتنمية والتقدم وسباق في الأخذ بمقتضيات العصر، كما ان مساحة التسامح والحرية التي يجدها الإنسان على أرض المملكة يشعر بافتقادها وهو يغادرها إلى أي بلد آخر، الجميع من حقه ان يبدع ان يفكر ان يعمل والمساحة تزداد بشكل متواصل.. لا نقول ان المملكة هي بلد (اليوتوبيا) لكن حجم الايجابيات التي ينعم بها المواطن والمقيم على أرض هذا البلد يجعل الجميع يشعر بحياة كريمة تراعي الكرامة الإنسانية وترسخ الحقوق.. أنا شخصياً لا أخشى ظلما في هذا البلد، لم يتم منعي يوما من مقابلة مسؤول وأعيش كيفما أشاء ولي صداقات مميزة مع السعوديين وحجم التفاعل المسموح لي مع المجتمع يعوضني كثيرا عن الشعور بمرارة الغربة.. وحكايات التسامح والأعمال الإنسانية لا تحصى وقد عايشتها بشخصي وليس بمجرد سماعها فعندما أشاهد هذه الوقائع وألمس هذه الحقائق، كيف يمكنني استيعاب ما أورده الباحث لوران بشأن هذه البلاد؟ أو تركيبها في توليفة واحدة، وللمعلومية فإذا بحثنا في محفوظات من أقام على أرض هذا البلد من غير أهلها سنجد عند كل شخص قصة مضيئة توضح حجم التسامح والإخاء والرحمة في هذا البلد.
جانب آخر أشير إليه كشاهد على هذه البلاد من غير أهلها وهو موضوع الجانب الديني فلم ألحظ يوما تدخلا في الشأن الديني لأي شخص على أرض هذا البلد فعلى سبيل المثال هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تؤدي واجبها مع احترام الخصوصية الفردية لكل شخص، كما ان الخطاب الديني الذي حضرته في هذه البلاد هو خطاب عادي ليس فيه بناء منهجي يؤسس لفكرة معينة أو يركز عليها بل هو حث على الإخاء والوحدة والعبادة وصلة الجوار والمحبة ودعاء لله ان يرفع الكرب عن المسلمين إضافة إلى موضوعات ضاربة في المحلية مثل المهور وأمانة المعلم والدعوة لعدم الإسراف والدعوة للعطاء فعلى مدار ستة عشر عاما لم اكتشف ان هناك تركيزاً لفكرة بعينها لم يحدث هذا اطلاقا ولا يكتشف أي مراقب ان هذا الخطاب فيه استعداء أو معاداة لأحد.
من ناحية أخرى فإن هذه البلاد قد وفد إليها منذ بروز عصر الطفرة من الأيدي العاملة الوافدة الكثير فإن كانت الاحصاءات تشير اليوم إلى ستة ملايين شخص فإن المعدل التراكمي يصل بهم إلى أكثر من 25 مليون وافد من أكثر من ثلثي جنسيات العالم خلال مرحلة البناء والنهضة التي شهدتها المملكة واعتقد ان هذه الأعداد هي بمثابة أرض خصبة لأي هدف يمكن ان تتبناه المملكة إذا كان هذا هو نهجها!! ولكن هذا لم يحدث فالجميع يأتي ويعمل ويربح ويحول لبلاده مكاسبه ويؤسس لحياة جديدة ومغايرة في وطنه بما اكتسبه من هذه البلاد من أجور وأموال لقاء عمله، دون ان يكون مستهدفاً من قبل فكرة أو توجه بعينه ولو كان النهج السعودي وفقا لما يدعيه الباحث لوران لجنبت نفسها وشعبها مثل هذه الادعاءات التي يدعيها الباحث لوران واستعاضت عنها بأيدي الغير من غير جنسيتها.
وأكثر مما سبق فإن الشعب على أرض المملكة هو شعب متفائل محب للحياة متوافق ومنسجم مع قيادته، لأن النقطة الأساسية التي يغفل عنها الباحث لوران وكثيرون ان القيادة والشعب على أرض المملكة عانوا شظف العيش سويا، وسعدوا بالرخاء والوفرة سويا، وأجيال متعاقبة من أبناء هذا الشعب مازالوا يتنفسون الحياة هم شهود عيان على ذلك الوضع، ولذلك فإن المواطن السعودي أيا كان اتجاهه يشعر بالتفاؤل من وجود قيادته في سدة الحكم لأنه راض عنها ويرى فيها وجه الخير كما أنه واثق من ان طيب وحسن نوايا هذه القيادة تجاه شعبها قوبلت بمكافأة إلهية بمصادر دخل فتحت المجال ليسعد بها الجميع على أرض هذه البلاد ومن وفد إليها ولذا فإن الجميع يجد بالدعاء ان يحفظ الله لهم قيادتهم وان يديم عليهم النعم الجمة التي يعيشون فيها.
والذي اعتقد ان الباحث لوران يحاول الابتعاد عنه، ان الحكم الملكي للدول النفطية أو كما يصفه بالحكم العشائري أو القبلي (خاصة في نموذج دول الخليج) أثبت انه أفضل النماذج وأكثرها إشراقاً بدليل ان هناك دولا نفطية أخرى غير ملكية، خاصة في المحيط العربي عانت الأمرين من مغامرات قياداتها والتي حولت النفط من نعمة تستوجب الشكر إلى بلاء مستطير رغم ان العائدات التي أنفقت في هذه المغامرات كانت تؤسس لنهضات تنموية غير مسبوقة على الاطلاق فالحكم الملكي في هذه الدول دعم الاستقرار وشرع جميع الأبواب للتنمية وسعى لارضاء الشعب من خلال تحقيق الرخاء والرفاه له واتسم بالعقلانية والبعد عن المغامرة ولذلك لا نستغرب ان دعاوى المعارضة لهذه الأنظمة لم تنجح بل كانت عبارة عن فقاعات تختفي بسهولة من خلال ممارسات فردية سرعان ما تجرفها عجلة الحياة الديناميكية في هذه البلاد القائمة على التفاؤل والأمل وحب الحياة.
وأوضح هنا ان المشكلة الرئيسة في فهم الكثير عن المجتمع السعودي والخليجي بشكل عام أنهم لايعرفون ان هذه المجتمعات قد بلغت مبلغا مؤثرا في الحضارة والتقدم فمازالت مترسخة في الخلفية الثقافية صورة البدوي المتوشح بالسلاح وتلال الرمال والخيام التي ترعى الأغنام والإبل بجوارها وهذه الصورة سائدة بشكل غريب حتى في ذهن الكثير من العرب من غير أهل هذه البلاد، وازدادت هذه الصورة تشويها باضفاء الصفة الإرهابية عليها وبكل أسف فإنها لا تتغير إلا بزيارة هذه البلدان أو الإقامة فيها ولذا فإنني أرى أنه مازال هناك قصور شديد في التعامل مع هذا الواقع من قبل أجهزة الإعلام الخليجية بشكل عام في ظل محدودية الاثر الذي أحدثته في تغيير هذه المفاهيم من خلال جهودها السابقة وأذكر أنني قرأت مقابلة مع أحد المصارعين الأمريكيين الذي حضر إلى مدينة جدة قال في المقابلة: لقد حاولت زوجتي منعي من القدوم إلى هذه المشاركة بالسعودية خشية على حياتي وبعد ان جئت فإن الأمن منتشر لديكم وكل شيء على مايرام- لا أتذكر الصحيفة الناشرة لهذه المقابلة حتى أشير للمصدر- ولكن هذا يوضح مدى العبث الذي تتعرض له صورة هذه المجتمعات في العقلية الإنسانية بشكل عام فمم يخاف هذا المصارع ذو العضلات المفتولة والقوة الضاربة؟ ولكن يبدو انه تخيل أنه سيحضر إلى بلاد لن يجد فيها إلا حملة سلاح أو عصي وسيكون إما مفقودا أو مضروباً!!.
وعودا على مقابلة الباحث لوران يتضح لنا ان الحقائق التي أوردناها بعاليه غافلة تماما عن عقلية الباحث فهو يسعى لفكرة بعينها يحاول تعزيز صدقيتها من خلال ترتيب أحداث ودفعها إلى سياق واحد من خلال معلومات انتقالية سواء كانت صحيحة أو مغلوطة فحتى المواقف المشرفة التي وقفتها المملكة العربية السعودية يحاول ان يخرجها اليوم من سياقها التاريخي ليضعها في قالب آخر يستهدفه، فالمملكة لم تستدع الاتحاد السوفييتي (السابق) لاحتلال أفغانستان الذي أجج المشاعر في مختلف أنحاء المعمورة واجتذب المدافعين من كافة البلدان بما فيهم الولايات المتحدة ولم تطلب من صدام حسين احتلال الكويت وتهديد أمن المملكة ودول الجوار.. أذكر قبيل حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت (عاصفة الصحراء) كان هناك مؤتمر صحفي متلفز لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسأله أحد الصحافيين: لو تراجع صدام حسين وانسحب من الكويت فهل ستطالبونه بتعويضات؟ وكانت إجابة الملك فهد تحديدا: «ليته ينسحب ويجنبنا ويجنب نفسه الخسائر واحنا ما نبي منه أي شيء وأمورنا ندبرها بمعرفتنا بس خلوه ينسحب» والآن يذكر الباحث لوران ان المملكة أرادت عراقا ضعيفاً وغير جدير بالثقة فكيف تستقيم الأمور بهذا التحليل الذي يحاول الباحث لوران تسويقه ليت الرئيس صدام استجاب يومها لتتجنب المنطقة ما تعيشه اليوم من ذل وهوان وادعاءات مثل هؤلاء الباحثين!!
كما ان هذه النقطة بالتحديد توضح توجهات الباحث فالفهم العقلاني لتصريحات الملك فهد في حينها توضح ان الهدف الأساسي هو انسحاب العراق وإذا كان قد تدخل لعدم إزاحة صدام فلاشك ان ذلك ينسجم مع فكره الإنساني القائم على الرحمة لأنه يعلم جيدا ان إزاحة صدام في حينه لابد ان تسبقه بحار من الدماء وعشرات الآلاف من القتلى من أبناء العراق كما ان الباحث لوران يغفل ان زعيم أهم دولة إسلامية ماضيا وحاضرا ومستقبلاً لايمكن ان يقبل ان يسجل له التاريخ ذلك وهذا التحليل الذي أورده الباحث لوران يكتشف القارئ انه ينسجم مع ما أوردناه بصدر هذا المقال حيال تصوره لعلاقات القوة والمتمثل في (من نقدر عليه نفنيه) فهو يرى ان الولايات المتحدة طالما تملك القوة فلا بأس ان تحتل البلدان وتصادر أموالها وكذلك طالما صدام حسين في وضع ضعيف أثناء حرب الخليج الثانية فكان لابد من إزاحته.. ويعلم الباحث لوران ان منطق القوة في المنهج البحثي يبعده تماما عن الموضوعية لأن الباحث في ذلك الحين يذهب دائماً إلى حساب التكاليف المادية وعدد القذائف والصواريخ وأرقام الخسائر، ويبتعد تماما عن طبيعة العلاقات الإنسانية المتشابكة ويغفل عن مساحات الخطأ والاختلاف المسموح بها سواء بين الأشخاص أو بين الدول ويتضح ان الباحث لوران متأصلة فيه الفكرة الصهيونية عن العرب بأنهم أمة لا تقرأ وإذا قرأت لا تستوعب وإذا استوعبت لا تتذكر فأصبح يشخص لمرحلة قائمة وكأن الجميع غير شاهد على فصول أحداثها فلو أن ما ذكره الباحث لوران عن أحد العصور الإسلامية القديمة ربما يتم التماس العذر له بان هذا هو فهمه وقراءته للتاريخ أما تحليله لتاريخ اشخاصه مازالوا حاضرين وبهذه الصورة التضليلية يتضح منه سوء النوايا والبعد التام عن الموضوعية والميل إلى جانب التطرف الفكري.
وجانب آخر يذكره في مقابلته ان ابن لادن يعمل لصالح المخابرات السعودية ويدعم ذلك بقوله: ان أموال عائلة ابن لادن من عقود حكومية وهذه دعوة ماكرة منه للقفز على الاجراءات السعودية الجريئة بسحب الجنسية من ابن لادن قبل أحداث سبتمبر بعدة أعوام فعائلة ابن لادن ليست هي فقط التي استفادت من عقود حكومية فجميع من عمل بالسعودية سواء من أبنائها أو المقيمين فيها أو الشركات الأجنبية أو الشركات الأمريكية استفاد سواء من العقود الحكومية او العقود الخاصة أو العمل المباشر والجميع استفاد على قدر عمله واجتهاده وما أتيح له من فرصة في سنوات البناء والوفرة وحتى الآن وتوظيفه للإمكانات التي توفرت له وليس من المنطق الربط العضوي بين هذا وذاك وجانب آخر في مقابلة الباحث لوران وهي نهج المجتمع السعودي صوب التطرف الوهابي، وهذا تعبير شديد الغرابة، وأشير انني على مدار إقامتي بالمملكة وعلاقاتي بأوساط عديدة وفي مدن كثيرة داخل المملكة واحتكاكاتي مع أبناء هذا البلد في خارج المملكة لم أسمع يوما شخصاً ذكر لي أنه وهابي أو انه يؤمن بالاسلام انطلاقا من مفاهيم الشيخ محمد بن عبدالوهاب، بل انهم مسلمون لأنهم يؤمنون بالإسلام وبلد الإسلام والشيخ -رحمه الله- يحظى باحترام لأنه عالم جليل من أبناء هذا البلد وساهم في تصحيح مفاهيم الدين لدى البعض وحارب مظاهر الجهل والتخلف وكما يعلم الباحث ان كل مرحلة في حياة الشعوب لها رجالها وعلماؤها إضافة إلى ذلك فالسعودية يشار إليها دائماً بوصفها بلد الاعتدال والوسطية والمصالحة والحث على التضامن فلم لم يوصف هذا النهج بأنه نتاج فكر الشيخ - رحمه الله- وهذا يدلل على الانتقائية والترتيب الماكر في الأفكار لتعزيز فكرة بعينها يسعى لها الباحث تمثل أقصى حالات التطرف ويسعى من خلال موقعه إلى تطبيق آليات هذا الفكر المتطرف على جميع التصرفات والأعمال فلم يترك حسنة وإلا وحملها المعاني السيئة من هذا الفكر، حتى مسألة ارتفاع أسعار النفط والتي تدخل فيها حسابات اقتصادية مجردة ومصالح دول وشعوب، لم يحجب عنها فكرة الإرهاب والتطرف والعداء فماذا يريد الباحث لوران هل تفتح له الدول البترولية آبارها لينهم منها كيفما شاء؟!
التساؤل الذي يراودني كثيرا هو لماذا كل هذا الهجوم على المملكة العربية السعودية؟ وهل جعبة الباحث لوران اكتشفت كل هذه الأحداث فجأة عن السعودية بعد أحداث سبتمبر؟ وهل لو لم تقع هذه الأحداث لشهدت الساحة مثل هذا الهجوم غير المسبوق؟ هذه أسئلة موضوعية يجب ان يراجع الباحث نفسه فيها إذا تمكن من ترجمة هذا المقال وقراءته.
ويتضح لي وأنا اقترب من الختام أنه بعد مطالعة مقابلة الباحث لوران أن الهدف يتخطى مسألة أحداث شاركت فيها السعودية وفقاً لادعاء الباحث أو كان أحد مواطنيها طرفاً فيها أو تمويلات صدرت عن جمعيات خيرية الأمر أكبر من ذلك بكثير وأول ما تستقرئه في هذه المقابلة هو الحقد التاريخي على بلاد الحرمين فما صرح به الباحث لوران مفعم بهذا الحقد التاريخي على بلد الإسلام وعلى الإسلام الذي بدأ برجل واحد هو محمد صلى الله عليه وسلم وأصبح مدا بأكثر من مليار مسلم في مختلف البقاع يتزايدون مع كل إشراقة صباح وغروب شمس ويتزايد هذا الحقد مع إدراك ان ما قدمته الحضارة الغربية من مفاهيم انفتاحية وحريات ومستويات حياتية راقية ونماذج ديمقراطية تبهر المسلم في كل مكان بل ويسعى كثيرا لتقليدها أو الاستفادة منها ولكن لايتخلى عن دينه من أجلها فمن الممكن ان نتفهم تمسك أهل الغرب بدينهم عندما يجدون هذه الحضارة التي ينعمون بها والرفاه والرخاء والحرية التي يرفلون فيها وقد نتفهم ان يسعى الغير للتوجه صوب معتقداتهم والتمسك بها لمشاركتهم حضارتهم وما ينعمون به من رفاه ولكن هذا لم يحدث!! بل يحدث عكس ذلك فالاسلام دين جاذب ولذا لايمر يوم إلا ويدخله اناس يتركون معتقداتهم ومللهم رغم ما يحاطون به من حياة مادية هي غاية في الرفاه والرخاء.
بالرغم مما يعيشه العالم الإسلامي من ظرف حرج وهذه النقطة تؤرق كثيرا الباحثين العقائديين في دول الغرب ويسعون بشتى الوسائل لايقاف هذا المد الذي لن يتوقف ومن هذا المنطلق فإنهم يرون ان توجيه سهام الغدر إلى المملكة العربية السعودية سيحقق لهم هدفا طالما سعوا له وهو فك الارتباط العضوي والمعنوي بين المملكة (أرض الحرمين) وبين المسلمين والمتطلعين للإسلام في مختلف البقاع بايكال الاتهامات لها والتحريض عليها أو إضعافها من خلال التخويف والوعيد ظنا منهم ان ذلك سيسهم في الانفضاض من حولها ولكن هذا لن يتحقق لأن الباحث لايدرك ان هذه البلاد ليست بحاجة ان تسعى لتكون في قلب ونفس كل مسلم لأن هذا قدرها وقدر المسلمين في كل مكان ان تكون جزءاً من كينونتهم لاتنفصل عنهم فمن الجائز لأي مسلم ان لايكون ملما بمكونات بلده من المحافظات والمراكز ولكن لايمكن ان لايكون عارفا بمكة والمدينة والطائف وخيبر بل ويتزايد اهتمام كل فرد ليتعرف على هذا البلد الذي يحتضن هذه المواقع.
النقطة الثانية التي نلمسها من خلال طروحات الباحث لوروان هو سعيه ليكون الإنسان المسلم في كل مكان في وجل وهلع دائم لأن التهديد لأقدس الأماكن هو تهديد لكل شخص مسلم على وجه البسيطة وبذلك يسعى لخلق مناخ شديد العداوة للولايات المتحدة وللغرب عامة في كل موقع يقطنه أي مسلم والذي بلاشك سترافقه أعمال يفرزها هذا الخوف والهلع مما يبرر التدخل الأمريكي وحينها تظهر العناوين البراقة التي تبرر هذا التدخل من صنع الباحث لوران او من يتبعون نفس المنهج وبذلك تتجذر فكرة صراع الحضارات التي يسعون لها.
ومما سبق فإنني اكتشف ان هذا التجني على السعودية هو عنوان ظاهر لحرب خفية شعواء على الإسلام تستهدف المعاقل الأساسية له والحصون القوية المتبقية للانقضاض على الشخصية المسلمة في كل مكان وهذا ما يجعل لزاما على الأمة بأسرها ان تتنبه لهذا الخطر الداهم القائم على الزيف من أجل تحقيق مآرب وأهداف مخططة سلفا تجاه أمة الإسلام ورغم ما نجزم به بأن الباحث لوران ليس من أولئك الأشخاص الذين يمكن مقارعتهم الحجة بالحقائق ليحيد عن موقفه إلا أننا لانفقد الأمل في ان المنهج العلمي قد يأخذ بيده وبيد غيره للرجوع عن هذه الأباطيل فنحن لانريده مدافعا عنا أو عن المملكة ولكن فقط نريد الموضوعية والحيادية لأن طروحات الموضوعية ستزيد من ارتباط الشعوب ببعضها وتقطع الطريق على الأفكار والأفعال المتطرفة التي تغلف كثيرا بأغلفة وطنية ودينية.
ومما لاشك فيه ان الجهود خلال المرحلة المقبلة تستوجب الكثير من الأعمال ويأتي في مقدمتها نشاط إعلامي مكثف سواء محلي أو عربي أو دولي تقوم به أجهزة الإعلام بالمملكة خاصة سعيا للتأثير في تغيير الصورة النمطية للإنسان المسلم عامة والخليجي بشكل خاص والتعريف بمساحات التسامح والحرية التي ينعم بها هذا المجتمع ومن يقيم على أرضه إضافة إلى ابراز الجوانب الحضارية والتنموية التي شهدتها الساحة بالمملكة والتطورات السياسية والاقتصادية المتلاحقة وأثرها في تغيير النمط الحياتي لدى أبناء هذا الشعب فلابد ان نبدأ الطريق حتى ولو كانت الآثار محدودة إلا ان تراكمها الزمني سيكون محمودا وفي الختام ادعو الله ان يحفظ بلد الإسلام ذخرا للاسلام.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved