Wednesday 12th february,2003 11094العدد الاربعاء 11 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

البوارح البوارح
إحياء التاريخ
د.دلال بنت مخلد الحربي

التاريخ وعاء أحداث وحضارة الأمم والدول. وهو مجموع فعل الإنسان في كل زمان ومكان، وبالتالي فهو محصلة التجربة والمعرفة الإنسانية بشكل عام، وعلى هذا الأساس فإن دراسة التاريخ تعد دراسة لتجربة الإنسان أياً كانت هذه التجربة بعمقها وتفاصيلها وانعكاساتها وردود أفعالها وتأثيرها وتأثرها... الخ.
ومن هنا فإن الوقوف على هذه التجربة ثم صياغتها بعد ذلك على شكل دراسات وأبحاث هي عمل الباحثين المتخصصين، وتلقّي التجربة وفهمها والوقوف عليها واستيعابها هي فعل الدارسين للتاريخ.
أردت من المقدمة السابقة أن أصوغ بعبارات موجزة قيمة دراسة التاريخ التي مع الاسف أخذت تخبو مع الوقت، وتحولت دراسة التاريخ والنظرة إليه باعتباره مادة نظرية، صماء، جوفاء. ميته لا قيمة لها إلا التعرف بشكل عابر على أحداث الماضي القريب، وعمّق هذا التوجه موقف الجامعات والكليات من أقسام التاريخ باعتباره قسما لا يلتحق به الا ذوو المستويات والنسب المتدنية ممن لديهم القدرة على الحفظ والاسترجاع. وعزز هذه النظرة مستوى بعض الأبحاث والدراسات التي تصدر عن المنتسبين إلى هذه الأقسام. فهي على درجة كبيرة من الضعف والسطحية لا تعدو كونها مادة جمعت على عجل بشكل عشوائي ثم كتبت بطريقة «القص واللزق» لتعتبر نفسها في النهاية دراسة علمية في التاريخ.إن ترسيخ مفهوم أن التاريخ مادة حفظ واسترجاع مفهوم لا علاقة له من قريب أو بعيد بمعنى دراسة التاريخ الحقيقية التي كان يدركها السابقون حق الإدراك عندما عدوا التاريخ أباً لكل العلوم. ومفتاج المعرفة والعلم والثقافة الإنسانية.أما هذه الإساءة التي ألصقت بهذا التخصص فإنني ارى أن مسؤولية المتخصصين في التاريخ مسؤولية كبيرة من حيث ان يعيدوا لدراسة التاريخ قيمتها واعتبارها بإصدار الدراسات الجادة المتميزة التي تبحث في قضايا تاريخية دقيقة بشكل علمي منهجي وتخرج برؤية علمية جديدة في طرحها وعرضها ونتائجها.ثم إن عليهم مسؤولية أخرى تتمثل في طريقة تدريس مادة التاريخ، ومع الاتفاق أن الجامعات والكليات تشكو من ضعف واضح في توفير الوسائل المعنية للتدريس الجاد المتميز. إلا أنني أعتقد جازمة أن إصرار الأقسام ألا تعتمد دراسة التاريخ جميعها على الطريقة الإلقائية وربطه بالمشاهدة الحية واستخدام وسائل عديدة معينة سوف يعمل على تحسين أداء تدريسه.وأضيف أن الجمعية التاريخية السعودية لا مناص لها من تحمل هذه المسؤولية فهي بحكم أنها المظلة العلمية التي يلتقي تحتها معظم المتخصصين والباحثين على مستوى المملكة عند المفترض أن تخصص أو أن تفرد في لقاءاتها العلمية السنوية ما يخص واقع دراسة التاريخ في الجامعات من حيث قراءته وكتابته وتدريسه، وأن يكون لها حق تقويم أداء الأكاديميين من أعضاء هيئة التدريس، وأن تكون لها دورية علمية شهرية أو فصلية متميزة لا تفتح المجال إلا للدراسات العميقة ذات المنهج التحليلي التي تنتج عنها أراء وأفكار مفيدة، كما تعرض لقضايا تخص دراسة التاريخ.
وبتحمل الجمعية هذه المهمة فإنها سوف تتحول من مرحلة الأداء التقليدي إلى الأداء الإبداعي المطلوب ولعلها بعملها هذا تنقذ دراسات التاريخ من الانحدار وتعيد اليها شيئاً من الحيوية والتشويق الذي يفرض الاحترام ويجعل من النظرة إلى التاريخ مادة حية متفاعلة وليس مجرد أخبار عن أحداث مضت بشكل سردي ممل سواء كان ذلك على مستوى الدراسات المنشورة أو على مستوى التدريس بالإلقاء.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved