Wednesday 12th february,2003 11094العدد الاربعاء 11 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ارتفاع كافة الأسعار في السوق المصرية : ارتفاع كافة الأسعار في السوق المصرية :
ركود حاد في سوق الذهب الذي تضاعف سعره خلال عامين بسبب قرار تعويم الجنيه

* القاهرة - عبد الله الحصري:
شهدت الأيام الماضية التي أعقبت تعويم الجنيه في مصر حركة تدافع لشراء السلع الغذائية الرئيسية بعد أن ارتفعت أسعار بعضها وذلك خشية تصاعد أسعارها مرة أخرى حيث ارتفعت أسعار السلع بنسبة تتراوح بين 5% و10% وسط توقعات بحدوث زيادات أخرى وقد تأثر سوق الدواء كثيرا بسعر الصرف الجديد حيث ارتفعت أسعار الخامات المستوردة بمعدلات تتراوح بين 25% إلى 30% وهو ما عرض صناعة الدواء المصرية لخسارة ميزتها التنافسية أمام الشركات متعددة الجنسيات، وحذرت لجنة الصحة بالبرلمان المصري من مخاطر المنافسة العالمية لصناعة الدواء المحلي خاصة في ظل تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار واقتراب التطبيق الكامل لاتفاقيتي الجات والتربس، كما تزايدت معدلات قيمة الدواء المستورد بصورة سنوية بما يؤثر بالسلب على أسعار الدواء المصري حيث بلغت عام 2001 ما يقرب من 700 مليون دولار مع احتمالات بتضاعف هذه القيمة عدة مرات بعد تطبيق أحكام اتفاقية التربس عام 2004 نفس الحال في سوق الذهب فقد تراجع الطلب على الشراء في أول رد فعل على تعويم الجنيه المصري في مقابل العملات الأجنبية حيث قفز سعر جرام الذهب عيار 21 من 52 إلى 56 جنيها و سعر الجرام عيار 24 من 56 جنية إلى 64 جنيها ووصل سعر الجنيه الذهب إلى 445 جنيها، مما أدى إلى ارتباك سوق الذهب وعزوف المواطنين عن شرائه رغم التوقعات بزيادة الطلب عليه في الوقت الحالي من العام نظرا لاقتراب عيد الأضحى الذي تكثر فيه حالات الزواج والخطوبة.
ويتضمن قرار تعويم الجنيه الذي اتخذه الدكتور عاطف عبيد:
- السماح للبنوك المعتمدة عند تعاملها بالنقد الاجنبي بتحديد أسعارها شراء وبيعا صعودا وهبوطا حسب ظروف السوق علي ان تقوم البنوك بالاعلان عن الأسعار خلال العمل اليومي.
- تلتزم البنوك المعتمدة والجهات المرخص لها بالتعامل بالنقد الاجنبي المركزي المصري بحجم التعامل وأسعار كل عملية شراء وبيع كل ساعة وحتي الساعة الرابعة مساء وتقوم الغرفة بحساب المتوسط المرجح لسعر الصرف الذي تمت به المعاملات خلال اليوم والاعلان عنه ويستخدم البنك المركزي هذا السعر في تسوية معاملاته وبالنسبة للتعامل الذي يتم بعد الساعة الرابعة مساء تخطر الغرفة بالحجم والأسعار وذلك في الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي كما يتم ابلاغ غرفة احصاءات النقد الاجنبي عند العروض الخاصة بالصفقات البينية بين البنوك المعتمدة وما ابرم منها وفقا للنظام المطبق حاليا مع الافصاح عن طرفي الصفقة وسعرها.
- يحظر على البنوك المعتمدة والجهات المرخص لها بالتعامل بالنقد الاجنبي اجراء أية اضافات على أسعار الصرف المحددة المبلغة للغرفة المشار اليها أعلاه فيما يقوم به من عمليات لشراء او بيع بالنقد الاجنبي وتحت أي مسمي.
وفي اجراء تكميلي لقرار رئيس الوزراء رقم 183 بتعديل المادتين 3، 11 من اللائحة التنفيذية لقانون النقد الاجنبي وضع البنك المركزي ضوابط تنظيمية لتعامل شركات الصرافة هي:
- غير مسموح لشركات الصرافة بتحديد أسعار لشراء وبيع النقد الاجنبي.
- التزام كل شركة بالاتفاق مع احد البنوك المعتمدة لاعلان أسعاره الخاصة ببيع وشراء أوراق النقد الاجنبي وشبكات السياحة للتعامل بها مع عملائها مع الاشارة الواضحة لهؤلاء العملاء بان الأسعار المعلنة هي أسعار البنك المعتمدة الذي يتم الاتفاق معه.
- تلتزم كل شركة باخطار الغرفة المركزية للنقد الاجنبي بحجم التعامل والسعر الذي تمت به كل عملية كل ساعة وحتى الساعة الرابعة مساء وبالنسبة للتعامل الذي يتم بعد ذلك تخطر به الغرفة في الثامنة من صباح اليوم التالي.
تخفيض الجنيه المصرى خلال عام 2001م ثلاث مرات
وقد تم تخفيض الجنيه المصرى خلال عام 2001م ثلاث مرات: الأولى في يناير 2001م، والثانية في أغسطس، والثالثة في 13 ديسمبر، وبذلك فقد الجنيه نسبة 35% من قيمته أمام الدولار، وقد استفحلت أزمة الدولار نتيجة سياسات نقدية خاطئة منذ عام 1998م بعد تأثر مصر بأزمة دول جنوب شرق آسيا وزيادة الإقبال على الدولار وإصرار الحكومة على تثبيت سعره مما جعل الجكومة تتدخل وتضخ نحو أكثر من 7 مليارات دولار على مدار 3 سنوات للمحافظة على ثبات سعر الجنيه، في الوقت الذي تراجعت فيه الصادرات، وزادت الواردات حتى وصل العجز في الميزان التجاري إلى نحو 13 مليار دولار في عام 2000/ 2001م.
الأزمة الاقتصادية
وتمثل مشكلة الدولار أحد مظاهر الأزمة الاقتصادية في مصر، لان الإصلاح الذي تم في الماضي تناول النواحي المالية والنقدية ولم يتناول الإصلاح الهيكلي، أو دفع عجلة الإنتاج، والتوجيه الصحيح للاستثمارات سواء كانت عامة أو خاصة، وطنية أو أجنبية، وبالتالي فمع استمرار الوقت ستستفحل مشكلة الدولار وغيرها من المشكلات مثل الدين العام وعجز الموازنة ما دامت الأنظار تتجه لمعالجة الظواهر وتترك أسبابها.
وقد سبق قرار التعويم مؤشرات تدل عليه حيث قامت البنوك فجأة يوم 22003/1/1 بزيادة العمولة على سعر صرف الدولار، تحت مسمى علاوة تدبير العملة، ليقترب السعر في البنوك منه في السوق السوداء، وقد تفاوتت العمولة الجديدة من بنك الى آخر ومن فرع الى آخر، وزعمت البنوك أن الهدف من العمولة هو الحد من استخدام الفيزا والماستر كارد لاستنزاف ما لدى البنوك من نقد أجنبي، بينما أكد خبراء مصرفيون أن هذا الإجراء تم بمبادرة من البنوك وليس بتعليمات من البنك المركزي فيما قد يكون مؤشراً على قرب صدور قرار جديد باجراء مزيد من الخفض على الجنيه المصري ازاء الدولار وكان سعر الدولار رسميا بالبنوك 464 قرشا مع هامش صعود وهبوط 3%، لكن السعر الحقيقي بالبنوك وصل الى 517 قرشا، ووصلت الأسعار في السوق السوداء الى ما بين 530 537 قرشا وذلك قبل إعلان تعويم الجنيه.
سعر السوق السوداء أصبح السعر الرسمي
وبعد قرار التعويم الذي انفرد به عاطف عبيد دون مشاورات مع البنك المركزى، تكرر نفس السيناريو الذي حدث عام 2001 حيث أصبح سعر السوق السوداء هو السعر الرسمي وحدث تخفيض جديد للجنيه المصرى أمام الدولار بنحو 20% ليصبح إجمالي التخفيض على الجنيه 55% وترتيبا على ذلك تصاعدت أسعار الذهب طوال العام الماضي وحتى الآن إلى أن وصل سعر الجرام من العيار 21 إلى 56 جنيه فيما تضاعف سعر الجنيه الذهب من 220 جنيه إلى 445 جنيها !!
ولكن الحكومة عندما أصدرت هذا القرار لم تفكر في عواقبه من ارتفاع في الأسعار وتدني المعيشة خاصة في ظل تجميد المرتبات والأجور عند الوضع الذي هي عليه الآن كما لم تفكر في احتمالات حدوث اضطرابات شعبية خاصة أن نواب الحزب الحاكم عبروا عن غضبهم لعدم استشارتهم قبل اتخاذ القرار الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع وخاصة الغذائية حيث تم استدعاء رئيس الوزراء في المجلس الأسبوع الماضي للرد على المذكرة التي تقدم بها 21 نائباً من المعارضة والمستقلين بمجلس الشعب مذكرة إلى أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب لمناقشة الموضوع.
وأشار المعارضون والمستقلون بمجلس الشعب الى أن قرار تعويم الجنيه يتناقض مع بيان الحكومة الذي ألقاه عاطف عبيد رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب في مطلع الشهر الماضي، وأكد فيه عدم تعويم الجنيه أو إجراء أي تخفيض لقيمته أمام العملات الأخرى.
وكانت قضية سعر الصرف محل خلاف دائم بين الحكومة وصندوق النقد الدولي.. حيث كان الصندوق يطالب بضرورة تخفيض قيمة الجنيه باعتباره مقوما بأعلى من قيمته الحقيقية بما يتراوح من 25 إلى 40%.. ورغم معارضة الحكومة لهذا المطلب إلا انها لم تستطع الصمود خاصة بعدما أصاب سوق الصرف من أزمات متلاحقة ناتجة عن الصدمات الخارجية وفشل إدارة الحكومة للاقتصاد القومي.
وركزت الحكومة تعاملها على الاجراءات الرقابية والحملات التفتيشية علي شركات الصرافة... فيما واجه البنك المركزي النقص المعروض من الدولار متأخرا عدة شهور خوفا من استخدام الاحتياطيات الدولية على اعتبار انها تمثل رمزا هاما من رموز نجاح برنامج الاصلاح الاقتصأدى إلا انه قام فيما بعد بضخ كميات أكبر من النقد الأجنبي في السوق للمحافظة على ثبات سعر الصرف.. لكنها لم تكن ايضا بالقدر الكافي وبالسرعة الواجبة مما أدى إلى تفاقم الأزمة.. وقد أدى الهبوط المستمر في قيمة الجنيه أمام الدولار إلى استنزاف احتياطيات البنك المركزي والذي قام بضخ نحو 9 مليارات دولار في السوق في محاولة للسيطرة على سوق الصرف.. ولكن دون جدوي بسبب الفرق الهائل بين الواردات التي تصل قيمتها لأكثر من 17 مليار دولار والصادرات التي لا تتجاوز 5 مليارات دولار.. الأمر الذي أدى لاستمرار العجز في الميزان التجاري عند 12 مليار دولار.. وزاد أيضا من تدهور قيمة الجنيه واختفاء الدولار.. واتخذت الحكومة العديد من الاجراءات التي لم تكن فعالة لضبط ايقاع سوق الصرف أو تحجيم الواردات في محاولة لتقليل الطلب عليه أما الجنيه المصري فقد انخفضت قيمته بنحو 40% منذ سبتمبر 2001 تحديدا وزاد انخفاضه مرة أخرى بنسبة 20%..
وقرار الحكومة الأخير بتحرير سعر الصرف من الواضح انه قد جاء نتيجة ضغوط من مؤسسات التمويل الدولية والتي زاد تواجدها في مصر في الفترة الأخيرة بشكل شبه دائم... وكان من بين الضغوط الدولية إحجام هذه المؤسسات عن تقديم اية مساعدات لمصر طالما انها لم تقم بعمل اصلاحات هيكلية تتمثل في استئناف برنامج الخصخصة وتخفيض قيمة الجنيه.. وبررت هذه المؤسسات هذه الضغوط بأنها تمثل مطالب المستثمرين الاجانب للاستثمار في مصر.
البنك المركزي يتابع أداء السوق
وأكد الدكتور محمود أبو العيون محافظ البنك المركزي أنه من المبكر تقييم النتائج الخاصة بقرار تحرير سعر الصرف الا أن البنك المركزي يتابع أداء السوق ولن يتدخل الا إذا كانت هناك أسعار غير حقيقية مؤكدا أن أداء البنوك كان قويا وكان هناك تجاوب واضح من كل الاطراف المتعاملة بالسوق.
وأكد المحافظ أن قرار تحرير سعر الصرف كان مفاجأة للسوق الا أنه لم يأت من فراغ بل جاء بعد دراسات مستفيضة من جميع الاطراف، وأكد المحافظ أن السعر الذي تعكسه السوق هو السعر الحقيقي للجنيه المصري ولاقيود من الحكومة أو البنك المركزي علي حركة السوق التي تم تركها لألية العرض والطلب بالكامل.
وقال إن الهدف من النظام الجديد هو تحرير السعر في السوق والتعامل بسعر واحد من خلال سوق واحدة مفتوحة بشفافية كاملة يتعامل فيها الجميع من بنوك وشركات صرافة بعدالة تامة ووضوح كامل وتم الغاء كافة العمولات والمصروفات الادارية التي سبق فرضها من قبل البنوك علي أي تعامل للعملاء بالنقد الاجنبي.
ارتفاع فاتورة الواردات
ويؤكد مصطفي زكي رئيس الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية ان تحرير سعر الصرف لن يؤدي إلى زيادة الصادرات مشيرا إلى ان الصادرات ستشهد تراجعا نتيجة ارتفاع فاتورة الواردات من السلع الوسيطة التي تمثل نسبة تتراوح بين 50 و60% من المنتج الوطني تتحقق فرصة زيادة الصادرات في ظل التحرير للسلع التي تنعدم فيها نسبة المكون الاجنبي مثل السلع الزراعية.
ويؤكد حسن الأبيض رئيس شعبة الصرافة أن هذا القرار كان مطلبا ملحا لشركات الصرافة ولكنه جاء بشكل غريب حيث يلزم الشركات أن تبيع بنفس سعر البنك! مما يجعل شركات الصرافة تابعة للبنك بينما الالية الحقيقية لتحقيق الشفافية ومفهوم السوق الحر ان ينبع قرار شركة الصرافة منها أو بارتباط أكثر تحررا مع البنوك، مشيرا إلى أن البنك نفسه يغير أسعار العملة مرات عديدة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved