Friday 14th february,2003 11096العدد الجمعة 13 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خادم الحرمين وولي العهد في كلمة لحجاج بيت الله: خادم الحرمين وولي العهد في كلمة لحجاج بيت الله:
ديننا ينبذ العزلة وينهى عن زرع بذور الحقد والكراهية بين الشعوب

* منى - واس:
وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني حفظهما الله كلمة الى حجاج بيت الله الحرام بمناسبة موسم حج هذا العام 1423ه فيما يلي نصها..
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
حجاج بيت الله الحرام..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
نسأل الله عز وجل ان يمن عليكم بالقبول ويتفضل عليكم بالرحمة والغفران فتعودوا بحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور فتتحقق لكم بإذن الله بشارة المصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه».
أيها الاخوة حجاج بيت الله الحرام..
لقد وقفتم جميعا في التاسع من هذا الشهر الفضيل على صعيد عرفات في منظر مهيب وموقف عظيم ليس له في هذا العالم مثيل تجمعكم عقيدة الاسلام اخوة في الله متحابين وبلسان واحد مهللين ومكبرين شعاركم جميعا لا إله إلا الله محمد رسول الله يسودكم الوئام والاخاء وتجمعكم المحبة والصفاء وتظللكم الرحمة وتغشاكم السكينة ويذكركم الله فيمن عنده فتحققت بذلك الوحدة الاسلامية في صورتها المثلى وتجلت المساواة بين البشر في أكمل هيئة حيث لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى ولقد أديتم المناسك في أمن وطمأنينة وفي أجواء ايمانية فأكملتم النسك بيسر وسهولة فلله الحمد وله الشكر.
حجاج بيت الله الحرام..
لقد شرفت المملكة العربية السعودية بخدمة مقدسات المسلمين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة فنذرت نفسها للقيام بهذا الواجب على أتم وجه واكمله راجية بذلك رضا الله عز وجل ثم توفير ما يسهل على الحجاج أداء نسكهم وبذلت قصارى الجهد في أداء هذه المهمة بإنشاء مشاريع عملاقة هدفها خدمة حجاج بيت الله الحرام ومعتمريه وزوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومرتاديه ولا زالت المملكة سائرة بعون الله على هذا المنوال مثابرة عليه امتثالا لامر الله عز وجل واقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين.
أيها المسلمون في كل مكان..
أيها الاخوة حجاج بيت الله الحرام..
* وقال عز وجل: {ومّا أّرًسّلًنّاكّ إلاَّ رّحًمّةْ لٌَلًعّالّمٌينّ } *الأنبياء: 107*
وهذه أهم المرتكزات التي تقوم عليها علاقة الانسان المسلم بهذه الأرض ويعمل بهدي منها والمسلمون اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى للتمسك بدينهم وتطبيق تعاليمه لبناء الثقة فيما بينهم من جهة وفيما بينهم وبين الأمم الأخرى من جهة ثانية بما لا يتعارض مع الشريعة الاسلامية لأن ديننا ينبذ العزلة وينهى عن زرع بذور الحقد والكراهية بين الشعوب ولا يوصد الأبواب أمام التعامل مع الآخرين لمجرد أنهم يختلفون عنا في عقائدهم بل هو دين سماحة يحث على التعايش في أمن وسلام وحياة كريمة ومن تدبر التاريخ وتفكر في النصوص على بصيرة أدرك ان المسلمين لم يكونوا ولن يكونوا أبدا من المفسدين في الأرض وأنهم أبعد ما يكونون عن البغي والعدوان لأنهم في الحقيقة رسل رحمة ودعاة سلام وصناع حضارة وبناة مدنية يحملون الخير للبشرية، ألا وان عزة المسلمين قائمة على تحقق عوامل عدة .
وتحقيقا لهذا كانت هذه البلاد الطاهرة منطلقا للدعوة الى التضامن الاسلامي ولا زالت تدعم جميع المؤسسات التي انبثقت لتحقيق هذه الدعوة وتسعى جهدها لجمع الكلمة ورأب الصدع ولم الشمل وحل الشقاق وإزالة أسبابه ودواعيه والحض على كل ما يؤدي الى الائتلاف وإزالة جميع ما يدعو الى الاختلاف.
* وان هذه الوسطية هي السبيل الوحيد للحياة الكريمة في هذا الكون وانها مصدر الاستقرار والسلام.
* .ومقتضى ذلك ان الشرع الاسلامي شرع سمح مستقيم عدل وفي الحديث الشريف «الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» وفي حديث آخر «أحب الدين الى الله الحنيفية السمحة» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «إن الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء».
* والعدل في القول والعمل قال تعالى {وإذّا قٍلًتٍمً فّاعًدٌلٍوا} *الأنعام: 152* وقال عز وجل {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا كٍونٍوا قّوَّامٌينّ لٌلَّهٌ شٍهّدّاءّ بٌالًقٌسًطٌ ولا يّجًرٌمّنَّكٍمً شّنّآنٍ قّوًمُ عّلّى" أّلاَّ تّعًدٌلٍوا إعًدٌلٍوا هٍوّ أّقًرّبٍ لٌلتَّقًوّى"}
فالعدل في الاسلام يكون في كل الأمور ومع كل الناس أياً كانوا فهو المنهج والمبدأ المتبع في كل الأحوال .
أيها الاخوة المسلمون..
حجاج بيت الله الحرام ..
* وقوله جل وعلا {ومّا آتّاكٍمٍ الرَّسٍولٍ فّخٍذٍوهٍ ومّا نّهّاكٍمً عّنًهٍ فّانتّهٍوا} *الحشر: 7* {وأّطٌيعٍوا اللَّهّ والرَّسٍولّ لّعّلَّكٍمً تٍرًحّمٍونّ } *آل عمران: 132*
* وقول الرسول صلى الله عليه وسلم «المسلم أخو المسلم» وفي تعاملنا معهم في هذا الشأن نطبق قوله صلى الله عليه وسلم «لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما فإن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وان كان مظلوما فلينصره».
أيها الاخوة المسلمون ..
من هذه المنطلقات الواضحة تتفاعل المملكة العربية السعودية مع قضايا المسلمين وتهتم بمشاكلهم وتعمل دائبة للمساهمة في حلها ولعل أبرز الأدلة على ثبات هذا الموقف واستمراره هو موقفنا من القضية الفلسطينية فقد مرت هذه القضية بمراحل عصيبة ودقيقة ولا زالت المملكة تسعى جهدها في سبيل احقاق الحق وتطبيق القرارات الدولية الصادرة في هذه القضية والعمل على ارساء قواعد السلام وفي هذا الاتجاه تجيء مبادرة السلام التي تقدمت بها المملكة الى القمة العربية الرابعة عشرة في بيروت وتبنتها القمة فأصبحت مبادرة سلام عربية لاقت دعما دوليا.
وموقفنا من المسألة العراقية وقضية نزع أسلحة الدمار الشامل لا يخرج عن تلكم المبادىء بل هو تطبيق لها وعمل بمقتضاها فنحن لا نألو جهدا ولا ندخر وسعا في سبيل تجنيب العراق وشعبه الشقيق خاصة والمنطقة عامة مخاطر الحرب وويلاتها وآثارها ونأمل ان تفلح الجهود التي تسعى لانهاء هذه الأزمة بالطرق السلمية ويسود منطق العقل ويعلو مبدأ الحوار البناء بحيث يمكن انهاء الخلافات بالطرق السلمية.
وكذلكم الأمر بالنسبة لقضية أسلحة الدمار الشامل وانتاجها سواء في هذه المنطقة أو في العالم أجمع فالمملكة وبحكم ثوابتها المعروفة تدعم كل الجهود الدولية القائمة والرامية الى نزع أسلحة الدمار الشامل سواء في هذه المنطقة أو غيرها من بقاع الأرض أياً كانت هذه الأسلحة نووية أو كيماوية أو بيولوجية وتدعو المجتمع الدولي للقيام بواجبه في هذا المجال للعمل على الحد من هذه الأسلحة الفتاكة ووضع الضوابط والمعايير التي تساعد على التقدم المنشود في جميع مجالات نزع أسلحة الدمار الشامل.
أيها الاخوة المسلمون..
* . والآيات والأحاديث الورادة في هذا الشأن كثيرة معروفة وهي منطلقنا في جميع المواقف التي تبنيناها في السابق ولازلنا نتبناها حول مسألة الارهاب داعين الى تأصيل هذه المسألة تأصيلا لا يفرق فيه بين فئة وفئة أو بين دولة ودولة ويجب ان يفرق العالم بين حق الشعوب المحتلة أراضيها في المقاومة المشروعة لتقرير مصيرها وتحرير أراضيها وانه أمر مشروع وبين الارهاب الذي هو افساد في الأرض وانه أمر محظور.وقد دأبت حكومة المملكة العربية السعودية على إدانة الارهاب بكل صوره وأشكاله وكانت سباقة الى حث المجتمع الدولي على التصدي لهذه الظاهرة العالمية الخطيرة فالتطرف والعنف والارهاب ظواهر غير مقصورة على شعب أو عرق أو ديانة والتصدي لها لا يتأتى إلا من خلال عمل شامل يتم في اطار الشرعية الدولية يكفل القضاء على الارهاب ويصون حياة الأبرياء ويحفظ للدول سيادتها وأمنها واستقرارها كما ان مكافحة الارهاب تتطلب تعاونا دوليا ضد ايواء العناصر والجماعات الارهابية والحيلولة دون تمكينها من استغلال أراضي الدول التي تعيش فيها لاستخدامها منطلقا لأنشطتها التخريبية مهما كانت الذرائع والحجج.
أيها الاخوة المسلمون..
* وقال سبحانه {وقٍل لٌَعٌبّادٌي يّقٍولٍوا التٌي هٌيّ أّحًسّنٍ} *الإسراء: 53* فهل نجد أفضل من هذا الأسلوب في التعامل مع الآخرين وهل هناك أجدى عند التخاطب مع الناس من هذه الوسيلة. ان هذه المنطلقات متى تم الأخذ بها وتبنيها خالية من الاهواء والتأويلات بعيدة عن التحريف والتغيير في المدلولات كفيلة بأن ترسي قواعد السلوك الراشد وتهدي البشرية الى ما فيه الصلاح فتضعها على طريق الحق ومنهج الخير وتقوّم ما فيها من اعوجاج وتقود البشرية الى تبني سياسة عادلة في كل الأحوال تحفظ فيها للانسان حقوقه وتصان كرامته عملا بقوله تعالى{ولّقّدً كّرَّمًنّا بّنٌي آدّمّ} *الإسراء: 70* . وتنتهي معها كل أشكال العنف والتسلط والاستبداد وينتقل معها العالم من مرحلة الصراع ومنطق الاعتداء والثأر الى مرحلة يسودها الاستقرار ويحكمها العدل والمساواة شعارها الحوار البناء والجدل بالتي هي أحسن قال تعالى {قٍلً هّذٌهٌ سّبٌيلٌي أّدًعٍو إلّى اللَّهٌ عّلّى" بّصٌيرّةُ } *يوسف: 108* .
أيها الاخوة المسلمون ..
لا سبيل لتقدم المسلمين واستعادة عزتهم إلا بالعودة الى دينهم واستقائه من مصادره الأصلية كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وان مؤدى ذلك محاور أساسية لابد من مراعاتها لاخذ زمام المبادرة منها:
1- السعي الجاد لتبصير المسلمين بأمور دينهم ومفاهيمه السامية العليا وتطبيق تعاليمه.
2 - توسيع دوائر نشر العلم من خلال المدارس المتخصصة الرسمية والخاصة لتتضافر الجهود لاحراز المزيد من التقدم المعرفي ولمحو الأمية بين عامة المسلمين.
3 - تكثيف الجهود لبث الوعي بين المسلمين باهمية تاريخهم وضرورة ان يدركوا دورهم في ظل ما يشهده العالم من تقلبات.
4 - ضرورة زيادة التعاون بين علماء المسلمين لتعميق الوعي والتمكين للتقدم الاسلامي على جميع المسارات الحيوية الخيرة.
وختاما نكرر تحياتنا وتقديرنا واحترامنا لجميع الاخوة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ونهنئهم بحلول عيد الأضحى المبارك كما نبارك للاخوة الحجاج حجهم ونرجو لهم إقامة سارة وعودا حميدا الى أهليهم وأوطانهم سالمين غانمين فرحين مستبشرين وكل عام وأنتم بخير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved