Friday 14th february,2003 11096العدد الجمعة 13 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إلى المحور الثالث إلى المحور الثالث

المكرم رئيس التحرير المحترم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد
قبل ما يقارب الأربع سنوات كان لي في جريدتكم الغراء وفي صفحة العزيزة تحديداً مقال تدور أفكاره حول ما عايشناه قبل أيام وهو «شبح» الامتحانات إن صح التقدير وقد اخترتم وفقكم الله عنواناً أعظم منه «الامتحان الأخروي» أو عبارة نحوها «وبالمناسبة أشكر منسوبي الجزيرة على اختياراتهم لعناوين المقالات التي تكون أحياناً أقوى مما يختاره الكاتب» وقد كان فحوى المقال تذكير الطالب بذلك اليوم أعني يوم تتطاير الصحف وان لجنة الامتحانات ليست من الكوادر البشرية بل هم «لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون» ثم كان في آخر المقال تذكير لبعض الأساتذة وها أنا أقترب من هذه المهنة الشريفة «التعليم» فما أحوجني لمثل هذه التوجيهات وغيرها.
إذا كان خطابي في مقالي المذكور للطالب والأستاذ .. للمعلم والمتعلم .. فإنني هنا أوجه خطابي إلى محور ثالث لا يقل عن المحورين الآنفي الذكر وهو إلى الأب المبارك أو ولي أمر الطالب والطالبة فأقول مستعيناً بالله تعالى مستمداً منه الإلهام والتوفيق: هل وقفت يوماً واستشعرت عظمة هذه الأمانة التي حملت إياها؟!
وهل أعطيت هذه المسؤولية الملقاة على عاتقك حقها من الاهتمام، وحظها من التفعيل؟!
* .
اعلم يقينا أنك ما قصرت يوماً في ملبس أولادك من بنين وبنات ولا في مأكلهم ومشربهم بل إنك تشتري لهم أفضل الملبوسات وأفخر المأكولات والمشروبات وتسكنهم في أفخم العمارات ! ولكن ؟؟
متى كانت هذه هي المسؤولية فحسب؟ وهل كانت السماوات والأرض والجبال لتشفق من أمانة هذه مكوناتها... لا يا عزيزي الأب الأمر أعظم من ذلك وأكبر من عدم إغفال الجوانب السابقة وأخذها بالاعتبار «خصوصا مع الاستطاعة وسعة الرزق ولا ننسى أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها .. ولكن الأهم من هذا كله هو الجانب الأخلاقي فإذا نجحت في الحفاظ على أخلاق ولدك فانه قد تهون جميع الجوانب الأخرى فلو افترضنا جدلا أنك قصرت في جانب الملبس مثلا لقلة يدك أو لسبب آخر فانه بتحسين الحال أو بالموت ينسى كل ما مضى بفضل الله تعالى أما إذا ختم لابنك أو ابنتك لا قدر الله ولم يوفق ربما عضضت أصابع الندم حتى وفاتك أطال الله عمرك وعمرهم على زيادة عمل صالح .
إنني أراك قبل أيام وأنت تحرص كل الحرص على خلق جو مناسب لولدك من ذكر أو أنثى فتذكرهما في كل وقت بهذه الحكمة «عند الامتحان يكرم المرء أو يهان»، وتشجعه بضرب الأمثلة من الواقع فهذا أخوك الأكبر معلماً وابن عمك مهندساً وهلم والآخر طبيباً أما ابن خالك فها هو يحضر للدكتوراه .. وهلم جرا.
بل إنك تعفيه من كثير من الأعمال التي تستطيع القيام بها فأغراض المنزل تحضرها بنفسك حتى ولو كانت ستأخرك أو تشغلك عن بعض أعمالك أو تسندها إلى غيره.. كما أنك تشجع زوجتك على الضغط على نفسها لتقوم بأعباء المنزل من طبخ وتنظيف ونحوها لتوفير وقت أكثر للبنات..؟!
أنا لا ألومك على ذلك، فمواصلة التعليم أمر مطلوب إذا أخلص العمل وخدم الدين والوطن..
ولكني أتساءل أيهما أعظم الامتحان الأخروي الذي حقيقته «يكرم المرء أو يهان» .. أو هذا الاختبار وهو إن أراد الله وأخفق الطالب فهل سيموت جوعاً أو يصبح جاهلا؟.
فهناك فرص للنجاح في فصل آخر ودور ثان بل حتى ولو أعاد السنة لم يضره ذلك شيئا إلا اللهم التأخر قليلاً عن زملائه.
بل أكون أوسع افتراضا وأقول: هب انه انغلقت أبواب الدراسة في وجهه هل سيموت جوعاً أو يهلك ظمأ أو يختنق بحثاً عن الهواء ..؟ لا وألف لا، أما مجال العلم فالعلم ليس في الدراسة المنهجية وحدها فهذا ابن باز رحمه الله رحمة واسعة وهو النبراس في العلم وسيد علماء عصره وبقية السلف عاش ومات ولم ير سورة ولم يدخل مدرسة معمورة، فان قلت انه لم توجد المدارس بصورة واسعة في وقته فخذ المثال الآخر وهو فضيلة الشيخ العالم العلامة سليمان بن ناصر العلوان فهو مرجع في كثير من فنون العلم الشرعي خاصة الحديث الشريف ومع ذلك فلم يكمل المرحلة المتوسطة «الكفاءة» فيما أعلم... أما مجال الرزق والتجارة فلا أكون مبالغاً اذا قلت إن أكثر رجال الأعمال وأرباب الأموال والتجارات لا يحملون من الشهادات شيئاً يذكر والأمثلة على ذلك كثيرة معلومة ليس هذا مكان حصرها .. وأما الهواء فهو ليس ملكاً لأحد فيشترك فيه أعلم الناس وأجهلهم وأكبرهم وأصغرهم وذكرهم وأنثاهم . عفواً أخي القارئ وحسبك علي إياك أن تفهم أنها دعوة لترك الدراسة أو أنني أدعو إلى الأمية والجهل لا عزيزي إنما أردت أن أبرهن فقط والله المستعان.
وأخيراً لا أود الإطالة ولكن أقول: تذكر أخي الطالب عندما كنت في لجنة الاختبارات وأنت تقرأ ورقة الأسئلة علي حذر مشوب بخوف من عدم السداد في الإجابة أو خوفاً من الإخفاق في النتيجة .. علماً أن الأسئلة من رجل يخطئ ويصيب وأن المراقب في اللجنة بشر يستطيع لو كان مراقبتك لله معدومة وإيمانك ضعيف تستطيع أن تحتال عليه بغش أو واسطة أو غير ذلك ثم تأخذ الدرجة كاملة!.
أما الامتحان الأخروي فالأسئلة ربانية والمختبر والمراقب هما خلق نوري كرام: منكر ونكير عليهما السلام فهل تستطيع أن تفر منهما بحيلة؟!
الأسئلة مكشوفة معلومة ولكن أين المجيب؟؟!
* .وصلى الله على سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.

عبدالله بن محمد المنصور/كلية التربية وأصول الدين/جامعة الإمام فرع القصيم

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved