تخيل أن (موسراً) أعطى (محتاجاً) مبلغاً من المال، ترى ما شعور هذا المحتاج نحو الموسر وهو يفك بهذا المال ضائقته أو مشكلته؟
من الطبيعي أن يلهج لسان المحتاج بالشكر والدعاء للموسر، فهو - أي المحتاج - يعلم أن المال الذي حصل عليه لم يكن سوى فضل من الموسر عليه، لكن تخيل مرة أخرى أن الموسر قدم للمحتاج مالاً مقابل عمل رائع بذل فيه المحتاج (إن جازت هنا هذه التسمية) الكثير من جهده ووقته وتفكيره. في هذه الحالة لا أظن أن المحتاج سيضطر إلى مدح الموسر بقصيدة عصماء تخرجه من صنف البشر، ولكن المحتاج على كل حال سيبقى ممتناً وشاكراً للموسر، لأنه قدر عمله وقدم له من المال ما ظن أنه يوازي ما بذله من جهد.
هذه الصورة تذكرنا بصورة الموظف الذي يبالغ في مديح رئيسه إلى الحد الذي يجعلنا نشعر بالدوار والغثيان، أو يجعلنا أحياناً نظن بأن في عروق هذا الممدوح تجرى دماء زرقاء أو أن خلاياه الدماغية هي من النوع السوبر. نعم بعض المسؤولين يتفصد عرقاً ويتمنى أن يسكت هذا المادح ولكن البعض الآخر - للأسف - يطرب ويكافئ هذا السلوك ويعززه.
(*) كلية المعلمين بالرياض
|