Sunday 9th march,2003 11119العدد الأحد 6 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

«وقفات شرعية مع نهاية السنة الهجرية» «وقفات شرعية مع نهاية السنة الهجرية»
محمد بن سليمان البريه /حوطة سدير

الوقفة الأولى:
كيف بدأ التأريخ؟ يقول ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (اتفق الصحابة رضي الله عنهم في الدولة العمرية على جعل ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة وذلك أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه رفع إليه صك أي حجة لرجل على آخر وفيه إنه يحل عليه في شعبان فقال عمر: أي شعبان؟ أشعبان هذه السنة التي نحن فيها أو السنة الماضية أو الآتية؟ ثم جمع الصحابة فاستشارهم في وضع تاريخ يتعرفون به حلول الديون وغير ذلك. فقال قائل: أرخوا كتأريخ الفرس فكره ذلك وكان الفرس يؤرخون بملوكهم واحداً بعد واحد. وقال قائل: أرخوا بتاريخ الروم وكانوا يؤرخون بملك اسكندر بن فلبس المقدوني. فكره ذلك. وقال آخرون أرخوا بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال آخرون بل بمبعثه. وقال آخرون بل بهجرته لظهوره واشتهاره واتفقوا معه على ذلك أ ه.
*ولكنه رضي الله عنه (أبي عمر) رجح أن يبدأ من الهجرة لأن الله فرق بها بين الحق والباطل فجعلوا مبتدأ تاريخ السنين في الإسلام سنة الهجرة لأنها هي السنة التي كان فيها كيان مستقل للمسلمين وفيها تكوين أول بلد إسلامي يسيطر عليه المسلمون، فاتفق فيه ابتداء الزمن والمكان.
*أ. هـ.
الوقفة الثانية:
*أيها المسلمون إن المؤسف حقا أن يعدل المسلمون أكثرهم اليوم عن التاريخ الإسلامي الهجري إلى تاريخ النصارى الميلادي الذي لا يمت إلى دينهم بصلة ولأن كان لبعضهم شبهة من العذر حين استعمر بلادهم النصارى وأرغموهم على أن يتنسوا تاريخهم الإسلامي الهجري فليس لهم الآن أي عذر في البقاء على تاريخ النصارى الميلادي وقد زال عنهم كابوس المستعمرين وظلمهم وغشمهم ولقد سمعتم ما قيل من أن الصحابة رضي الله عنهم كرهوا التأريخ بتأريخ الفرس والروم. الشهور الأفرنجية واحد وثلاثون يوما وبعضها ثمانية وعشرون يوماً وبعضها بين ذلك لا يعلم لهذا الاختلاف سبب حقيقي معقول أو محسوس ولهذا طرحت مشروعات في الآونة الأخيرة لتغيير هذه الأشهر على وجه منضبط لكنها عورضت من قبل الاحبار والرهبان.
* أ. هـ.
الوقفة الثالثة:
ليعلم أنه ليس من السنة أن نحدث عيداً أو احتفالاً لدخول السنة الهجرية الجديدة فإن هذا من البدع وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
*أيها المسلمون إننا نستقبل عاماً جديداً إسلاميا هجريا ليس من السنة أن نحدث عيدا لدخوله أو نعتاد التهاني ببلوغه فليس الغبطة بكثرة السنين وإنما الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه، فكثرة السنين خير لمن أمضاها في طاعة ربه. شر لمن أمضاها في معصية الله والتمرد على طاعته وشر الناس من طال عمره وساء عمله).
*أ. هـ.
الوقفة الرابعة:
في ختام سنة هجرية مضت وبداية سنة هجرية أقبلت دعوة صادقة لمحاسبة النفس، ما هي أحوالنا مع ربنا سبحانه وتعالى كيف هي أحوالنا مع المحافظة على فرائضه واجتناب محارمه.
ذكر ابن قدامة المقدسي رحمه الله في كتابه منهاج القاصدين (أن أحدهم حاسب نفسه فنظر فإذا هو ابن ستين سنة. فحسب أيامها فإذا هي واحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم. فصرخ وقال يا ويلتا لو أني أذنبت في كل يوم ذنباً واحدا للقيت الله بواحد وعشرين ألف ذنب وخمسمائة ذنب. كيف وفي كل يوم عشرات الذنوب فخر مغشياً عليه)أ. هـ.
يقول ابن الجوزي رحمه الله (تفكرت في نفسي يوما تفكر محقق فحسابتها قبل أن تحاسب ووزنتها قبل أن توزن فرأيت اللطف الرباني. من بدء الطفولة وإلى الآن أرى لطفا بعد لطف.. وستراً على قبيح وعفواً عما يوجب عقوبة وما أرى لذلك شكراً إلا باللسان ولقد تفكرت في خطايا لو عوقبت ببعضها لهلكت سريعا ولو كشف للناس بعضها لاستحيت)أ. هـ. وهذا أبو الوفاء ابن عقيل رحمه الله تعالى يحاسب نفسه ويقول (يا رعناء تقومين الألفاظ ليقال مناظر، وثمرة هذا أن يقال يا مناظر، ضيعت أعز الأشياء ونفسها عند الغفلاء وهي أيام العمر حتى شاع لك بين من يموت غدا اسم مناظر. أفالنفسي وقد سطرت عدة مجلدات في فنون العلوم وما عبق بها فضيلة إن نوظرت شمخت وإن نوصحت تعجرفت وإن لاحت الدنيا طارت إليها طيران الرخم وسقطت عليها سقوط الغراب على الجيف. والله إنني قد بهرني حلم هذا الكريم عني كيف سترني وأنا أتهتك ويجمعني وأنا أتشتت. وغدا يقال: مات الحبر الصالح ولو عرفوني حق معرفتي بنفسي ما دفنوني. والله ما أجد لنفسي خلة استحسن أن أقول متوسلاً بها اللهم اغفر لي كذا بكذا والله ما ألتفت قط إلا وجدت منه سبحانه براً يكفيني ووقاية تحميني مع تسلط الأعداء. ولا عرضت حاجة فمددت يدي إلا قضاها. هذا فعله معي وهو رب غني عني وهذا فعلي وأنا عبد فقير إليه ولا عذر لي فأقول ما دريت أو سهوت. فواحسرتاه على عمر انقضى فيما لا يطابق الرضى. يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وشماتة العدو بي. واخيبة من أحسن الظن إذا شهدت الجوارح عليَّ. واخذلالني عند إقامة الحجة.
* أ. هـ.
فارحمهم الله ما أشد محاسبتهم للنفس وما أشد غفلتنا عن ذلك والله المستعان.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved