Monday 10th march,2003 11120العدد الأثنين 7 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دقات الثواني دقات الثواني
الديموقراطية ودولة الأكراد
د. عائض الردادي

إن كان قد بقي لديموقراطية الغرب بقية مصداقية فلتأخذ بقرار البرلمان التركي بالتصويت ضد دخول القوات الأمريكية من تركيا لاحتلال العراق وإعادة الاستعمار بوجه جديد. وإن كان بقي لديموقراطية الغرب مصداقية فلتسجب لأصوات شعوب العالم كله بمختلف أديانه وأعراقه الرافضة لتدمير العراق وشعبه، ولتسجب لقرارات القمم العربية والإسلامية والأوروبية وعدم الانحياز التي ضمَّت أصواتها لأصوات شعوب العالم كله برفض احتلال العراق وتقتيل شعبه.إن كان لديموقراطية الغرب مصداقية فهذه أول مرة في التاريخ تجمع الشعوب والحكومات على رفض الحرب ما عدا حكومات أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، وكلها دول لها تاريخ عريق في استعمار الشعوب ونهب ثرواتها.
إن كانت الديموقراطية لصالح الشعوب والحكومات فهذا هو الإجماع على ما فيه مصالح شعوب العالم وحكوماته كلها باستثناء إسرائيل التي قامت واستمرت على الدماء، وإن كانت الديموقراطية تكيَّف حسب مصالح الحكومات فعزاءً لشعوب العالم التي خُدعت سابقاً وستنكب الآن تحت مظلة الديموقراطية.
لقد تحمَّل البرلمان التركي مسؤوليته التاريخية في لحظة حاسمة فصوَّت لصالح الشعب التركي قبل الشعب العراقي، لأن دخول القوات التركية للعراق يعني بدء حرب بين الأتراك والأكراد، فالأكراد سيخوضون حرب تحرير واستقلال، وقد تولد عنها دولتهم المنتظرة، أما الأتراك فسيُقتل جندهم، ويدخلون حرباً لهم خيار الدخول ولكن مفتاح الخروج ليس بيدهم.
الشعب الكردي عمره ملايين السنين وعُرف بصلابته وحسبكم أن تعرفوا أن اتفاقيات تقسيم العالم إلى دوليات في بداية العصر الحديث حرمته من قيام دولته في وقت أقامت فيه الدول على أساس عرقي، ولكنه قدّم من التضحيات ما جعل قضيته حيَّة حتى اليوم، وإذا قامت الحرب فإنها الإذن ببدء وجود دولته.
شعب العراق «بعربه وكرده وأتراكه» مقبرة للغزاة عبر أحقاب التاريخ ولذا فإن من سيدخله لن يدخله بسهولة، ولن يدمِّر روح الحياة فيه، ومن يشك في ذلك فليقرأ التاريخ، فلئن كانت أفغانستان مقبرة للإنجليز وللروس في العصر الحديث فإن العراق مقبرة للغزاة على مدى التاريخ حتى لو دمَّروه بمثل ما فعل هولاكو، فهو شعب حضارات ومقابر غزاة.
وحرب العراق الآن تدمير لتركيا ولجميع شعوب المنطقة وإلحاق أضرار بكل شعوب العالم، ولذا فإن رفض الحرب من كل العالم استنكار لعدوان على شعب لقي من المآسي ما يكفيه، وحسب هذه الحرب أنها لا يوجد مؤيِّد لها إلا ذوو المصالح أو فاقدو الضمير والإنسانية أو منفذو مخطط سايكس بيكو الجديد.

للتواصل ص. ب: 45209 الرياض 11512 الفاكس: 4012691

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved