Friday 14th march,2003 11124العدد الجمعة 11 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أكد على أهمية ارتباط الدعوة بخدمة المسلمين أكد على أهمية ارتباط الدعوة بخدمة المسلمين
الرئيس العام الجديد لجماعة أنصار السنة المحمدية في مصر لـ « الجزيرة »:
فوضى الإفتاء في العالم الإسلامي جزء من فوضى المعلومات

* الجزيرة خاص:
أكد فضيلة الرئيس العام لجماعة أنصار السنة المحمدية في مصر الدكتور جمال أحمد السيد المراكبي أن جهود المؤسسات الدعوية والإغاثية الإسلامية لا يجب أن تتوقف بفعل الاتهامات الباطلة التي يحاول الإعلام الغربي إلصاقها بالإسلام منذ أحداث سبتمبر بالولايات المتحدة، على الرغم من التأثير السلبي لهذه الأحداث والتي وضعت المسلمين في محل الاتهام.
وأشار د. المراكبي في حديثه ل«الجزيرة» إلى أن ضعف الإمكانيات المادية لمعظم المؤسسات الدعوية الإسلامية يحول دول تفعيل المناشط الدعوية وعشوائية الخطط الدعوية، مطالباً كل العاملين في مجال الدعوة باتباع القنوات الشرعية لضمان استمرار العمل الدعوي بعيداً عن أية شبهات، وبما يضمن تحقيق التواصل بين كبار العلماء وشباب الدعوة لخدمة الإسلام، وتبصير المسلمين، وفيما يلي نص الحوار.
* تزايد حجم الصعوبات التي تواجه الجمعيات الدعوية الإسلامية بعد أحداث 11 سبتمبر، فهل ثمة صعوبات خاصة يمكن رصدها بالنسبة لكم؟.
لا شك أن أحداث سبتمبر قد أثرت على المسلمين في شتى أنحاء العالم، فصار المسلمون محلاً للاتهام، لا سيما القائمين على العمل الدعوي والإغاثي، ولا شك أن الجمعيات الدعوية والإغاثية الإسلامية قد تأثر نشاطها بالسلب بسبب هذه الأحداث، ولكن الدعوة الى الله لا يمكن أن تتوقف بحال من الأحوال، ونحن ولله الحمد نعمل في مجال الدعوة الى الله بجمهورية مصر العربية، وفي إطار اللوائح والقوانين التي تنظم عمل الجمعيات الأهلية، وعملنا في الدعوة لم يتوقف، وكذلك عملنا الخيري، وإن كان ثمة صعوبات فهي لا تؤثر سلباً على عملنا في الدعوة إلى الله، والجهات الرسمية تقدر موقفنا ودعوتنا إلى الله بالحسنى والموعظة الحسنة، وفروع أنصار السنة في ازدياد دائماً، ومساجدنا تعمل بجد لتبصير المسلمين بدينهم في شتى أنحاء مصر، ومجلتنا التوحيد زاد توزيعها في خلال عام واحد، فبلغ المطبوع منها مائة ألف نسخة، ونسبة المرتجع لا تتجاوز الواحد في المائة، وهذا رقم قياسي لم تبلغه مجلة دعوية أو حتى غير دعوية في العالم الإسلامي على حد علمنا.
* جمعية أنصار السنة كواحدة من أقدم الجمعيات الدعوية وأكثرها امتداداً جغرافياً، ما هي أبرز الأهداف التي تسعون لتحديدها وماذا تحقق من نتائج؟.
نحن في الأصل جماعة دعوة، نرد الناس إلى السنة، وأبرز الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها أن نبصر الناس بصحيح الدين، وشعارنا الذي نرد الناس إليه هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بفهم سلف الأمة، خاصة في مسائل الاعتقاد، ونحن ندعو الناس جميعاً لنبذ البدع المضلة والاعتصام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الراشدين المهديين من بعده، ومن سار على منهجهم من أئمة الدين، وكل نشاطنا ينصب في هذا الاتجاه، لتخريج جيل مسلم يعتصم بالسنة، ويلفظ البدع، ولا شك أن الجماعة قد حققت خطوات واسعة في هذا الصدد، وبلغت فروعها في مصر مائة وثمانين جمعية تتبع المركز الرئيسي لجماعة أنصار السنة المحمدية وتشرف على أكثر من ألف وخمسمائة مسجد، وتكفل آلاف الأيتام والفقراء، وتعالج المرضى، وتخرج الدعاة المستنيرين من خلال معاهد علمية لتخريج وإعداد الدعاة.
* بصراحة شديدة، ألا ترى أن كثيراً من الجمعيات الدعوية تفتقر إلى الفاعلية الحقيقية في المجتمعات الإسلامية، ترى ما هي أسباب ذلك؟.
العمل الدعوي يسير بتلقائية، وربما عشوائية أحياناً، ويفتقر في كثير من الأحيان إلى التخطيط والتنسيق والمتابعة، والسبب الرئيسي في ذلك يرجع لقلة الإمكانات المادية، والاعتماد على التبرعات القليلة وعلى المتطوعين والمحتسبين، ومع هذا فالمردود الدعوي ظاهر على مستوى الشباب والشيوخ وأعداد الملتزمين في تزايد مستمر بفضل الله تعالى، ثم بهذه الجهود القليلة.
* كيف تنظرون إلى دور الجمعيات والمؤسسات الإسلامية الدعوية في ظل الحملات المعادية لأي أنشطة تطوعية أو دعوية في الغرب، وانعكاسات ذلك على بعض الدول الإسلامية؟..
لا ينبغي أن يتأثر دورنا الدعوي والخيري بسبب هذه الحملات المعادية، ثم إن العاملين بحقل الدعوة يتعرضون للنقد وللحرب أحياناً، ومع هذا لا يتوقف النشاط الدعوي، إنها دعوة إلى الله عز وجل، ولو أعرضنا عنها فسوف يأتي الله بقوم يقومون بالدعوة إليه، وحجة الله لا تنقطع أبداً، والله سبحانه يحذرنا من التعاون والتفريط فيقول:{وّإن تّتّوّلَّوًا يّسًتّبً دٌلً قّوًمْا غّيًرّكٍ مً ثٍمَّ لا يّكٍونٍوا أّمًثّ الّكٍمً }، ويقول سبحانه:{يّ ا أّيٍَهّ ا الّذٌينّ آمّنٍوا مّن يّرًتّدَّ مٌنكٍمً عّن دٌينٌهٌ فّسّوًفّ يّأًتٌي اللّهٍ بٌقّوًمُ يٍحٌبٍَهٍمً وّيٍحٌبٍَونّهٍ أّذٌلَّةُ عّلّى المٍؤًمٌنٌينّ أّعٌزَّةُ عّلّى الكّافٌرٌينّ يٍجّاهٌدٍونّ فٌي سّبٌيلٌ اللهٌ وّلا يّخّافٍونّ لّوًمّةّ لائٌمُ }.
* يرى البعض أن سيطرة كبار العلماء على غالبية الجمعيات الإسلامية يحول دون وجود فاعل للأجيال الجديدة من الدعاة، فكيف ترون ذلك بعد رئاستكم لجمعية أنصار السنة المحمدية؟.
التواصل بين العلماء وبين الطلاب علامة على نجاح العلماء في تخريج أجيال من الدعاة والعلماء، ولا يمكن لطالب العلم أن يتبوأ منصباً قيادياً دون تأهيل، والاستخلاف سنة كونية، فالله سبحانه وتعالى جعلنا خلائف في الأرض، جيل يخلف جيلاً، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، وقام الصدِّيق في الناس بمقالته الرائدة: «من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وإن محمداً قد مات ولا بد لهذا الدين من قائم يقوم به»، وتحمل الصحابة مسؤولية نشر الدين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وانتشرت الفتوحات، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، المهم أن يسير الخلف على نهج من سلف دون إحداث أو ابتداع في الأصول، ثم يجتهد الخلف في إتمام مسيرة من سلف ليتم التواصل ويكتمل البناء، وأنا من أبناء أنصار السنة الذين تربوا بين يدي علمائها ويكنون لهم كل التقدير والاحترام، ورئاستي للجماعة الآن بحكم القانون حيث توفي الرئيس العام رحمه الله، وتوليت بوصفي نائباً له ولن يتم اختيار الرئيس الجديد إلا بعد حوالي سنة، وأنا أعمل خادماً للسنة ولأنصار السنة سواء كنت في مجلس الإدارة أم خارجه، وأرد الناس إلى السنة وأردد دائماً هذه المقولة: كونوا أنصاراً للسنة لتكونوا أنصار الله.
* الفترة القادمة هل تشهد اتجاهاً نحو تفعيل آليات جمعية أنصار السنة بما يتفق مع طبيعة العصر الذي نعيشه، وما يشهده من متغيرات على كافة المستويات؟.
نحن نسعى لبناء كادر إداري نشط مستفيدين في ذلك من آليات العصر، وقد أنشأنا موقعاً على شبكة الإنترنت يعبر عن نشاط الجماعة وعن نشاط مجلة التوحيد والخطب والمحاضرات تبث على مواقع عديدة، وكذلك نركز على إعداد الداعية الملتزم بالمنهج المساير لآليات العصر.
* بم تفسر غلبة الطابع الاجتماعي على نشاط كثير من الجمعيات الخيرية على النشاط الدعوي، وهل يعد ذلك تنوعاً في أساليب الدعوة؟
الطابع الاجتماعي يخدم النشاط الدعوي، فإذا قامت به جماعات الدعوة فهو خير، وإذا قامت به جمعيات لا علاقة لها بالدعوة إلى الله على المنهج السديد فانه لا يفيد في عملية البناء التي يعتمد على التربية والتصفية، وهناك جمعيات تركز على العمل الدعوي، وأخرى تركز على العمل الاجتماعي، وثالثة تجمع بينهما وكل ميسر لما خلق له.
* ظهر في الآونة الأخيرة عدة دراسات حول الإعجاز العلمي في السنة النبوية المطهرة، على غرار الإعجاز العلمي في القرآن، ترى كيف يمكن الاستفادة من هذه الدراسات؟.
لا شك أن في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وجوهاً للإعجاز البياني والعلمي على حد سواء، فنبينا صلى الله عليه وسلم أوتى جوامع العلم واختصرت له الحكم، وكلامه معصوم بعصمة النبوة {وّمّا يّنطٌقٍ عّنٌ الهّوّى" . إنً هٍوّ إلاَّ وّحًيِ يٍوحّى" }، أو يحمِّل النصوص ما لا تحتمل في دعوته، فيجب على من يبحث في هذا الجانب أن يتحرى منهجاً صحيحاً منضبطاً سواء في إثبات النصوص أو إثبات دلالتها أو الحقيقة العلمية أو إثبات النظرية وإلا كثر خطؤه.
* في إطار محاولات أعداء الإسلام النيل من سماحة الشريعة السمحة، لا يتورعون عن التطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم، فما هو دور الجمعيات المهتمة بالسنة في هذا الصدد، وهل تمتلك إمكانيات مواجهة هذه الحملات؟.
التطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس جديداً فقد تعرض صلوات ربي وسلامه عليه إلى كثير من ألوان الأذى في حياته من المشركين، ومن أهل الكتاب المعاندين فوصفه المشركون بانه ساحر وكاهن وكاذب وكذَّبهُ كفرة أهل الكتاب مع أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وكانوا إذا سلموا عليه يقولون «السام عليكم» أي الموت وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصبر على الأذى في سبيل دعوته وكثيرا ما كان يردد هذه العبارة «يرحم الله موسى فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر»، وحينما أعز الله المسلمين بدولة قوية داعية إلى الحق أفتى العلماء بكفر شاتم الرسول والحكم بقتله وإن لم يكن مسلماً وهذا الحكم لا يطبقه أحاد الناس وإنما هو من أحكام الولايات، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعرض للتطاول والإيذاء فإن رب العزة لم يسلم من ذلك أيضا مع قهره وعزته وفي الحديث الصحيح «ما أحد أصبر على أذى بلغه من الله يدعون له الولد ويرزقهم ويعافيهم» رواه البخاري.
* ظهر في الآونة الأخيرة بعض الدعوات للتقريب بين المذاهب الإسلامية، فكيف ترون ذلك وهل يمكن أن تساهم جمعيات السنة في تحقيق هذا التقارب؟.
التقريب بين المذاهب يكون مقبولاً في الأحكام الفقهية العملية، لأن الخلاف في هذه المسائل إما أن يكون من خلاف التنوع، أو من خلاف الخطأ والصواب، والمجتهد مأجور على اجتهاده وإن أخطأ الصواب، أما في مسائل البدع والضلالات خاصة في مسائل الاعتقاد فكيف يكون التقريب، هل نقبل بعض البدع ونترك السنن لتحقيق هذا التقارب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضُّواً عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة»، ونحن مع كل تقارب يعظم فيه الدين وتصان به السنن أما أن نغض الطرف عن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو عن إنكار القدر، أو الخروج على جماعة المسلمين بدعوى التقارب فهذا من التباعد وليس التقارب لانه دعوى للتباعد عن الحق وعن صحيح الدين وهذا مرفوض وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك»، فلنتقرب من نصوص الوحي ونفهمها فهماً صحيحاً كما فهم سلفنا الصالح.
* كيف ترون الاتهامات التي يشنها الإعلام الغربي ضد المؤسسات والهيئات الإغاثية والإنسانية السعودية في الآونة الأخيرة؟.
الاتهامات التي يشنها الإعلام الغربي ضد المؤسسة والهيئات الإغاثية السعودية، ويسير في ركاب هذه الدعوات تيارات علمانية محسوبة على المسلمين، الهدف منها كما هو واضح لكل ذي عينين هو الحد من انتشار التيار الإسلامي الملتزم بنصوص الوحيين، وبفهم السلف الصالح وهو ما يسمى في الإعلام الغربي بالأصولية الإسلامية، وقد نجح الإعلام الغربي إلى حد بعيد في تشويه هذه الصورة المشرفة للالتزام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وربطها بالإرهاب، وحاول بعض المسلمين تقديم صورة معدلة للمسلمين باسم التيار المستنير، ولكنهم لم يضعوا ضوابط محددة لهذه الاستنارة حتى فهم البعض أن الإسلام المستنير هو الذي يتحلل من ربقة النصوص الشرعية والفهم السلفي الصحيح.
* من وجهة نظرك كيف يمكن تصحيح صورة الإسلام في الخارج، وما هو دور الجمعيات الخيرية في هذا الصدد؟.
الواجب على جماعات ومؤسسات الدعوة والإغاثة تكثيف دورها الدعوي لرد هذه الافتراءات، والاستعانة بقدرات المؤسسات الحكومية في عرض الصورة الصحيحة للإسلام، بعمل المؤتمرات ونشر الدعوة السلفية عن طريق المطبوعات والقنوات المرئية والمسموعة، وإيفاد الدعاة المؤهلين للتعامل مع الواقع الغربي دون تفريط في أصول الدين.
* بم تفسر ما يمكن أن يسمى بفوضى الإفتاء، وظهور كثيرين ممن يقدمون الفتاوى دون امتلاكهم لمؤهلات الإفتاء، وما هي مسؤولية كبار العلماء في ذلك؟.
الفتوى منصب خطير، لا يتصدى له إلا من تأهل وتربى وتعلم ومارس الدعوة لفترات طويلة، وفوضى الفتوى عند المسلمين هي جزء من فوضى المعلومات، فنحن نتميز كأمة بأن لدينا الكثير من المتعالمين الذين يدعون العلم والخبرة فيما لا يحسنون، حتى صارت العادة أن الإنسان يستحي أن يقول عما لا يعلم «لا أعلم»، وربما يتكلم ويظن أن لديه علماً، وهو من الجاهلين

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved