Friday 14th march,2003 11124العدد الجمعة 11 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من عوامل النصر من عوامل النصر
عبدالله بن سليمان الخضيري

هذا الكون الفسيح وما يقع فيه، بتصريف الله وقدره، وحكمه وأمره فلا يجري هزيمة ولا نصر ولا نفع ولا ضر، ولا مصيبة ولا حادث، ولا موت ولا حياة، إلا وهو مقدر ومكتوب في أم الكتاب{إنَّا كٍلَّ شّيًءُ خّلّقًنّاهٍ بٌقّدّرُ} يذكر بهذه العقيدة في هذا الوقت ونحن ما زلنا نرى جموع الكافرين وهم يكيدون للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأهل الشر والفساد ممكنون في الأرض {وّلّوً شّاءّ رّبٍَكّ مّا فّعّلٍوهٍ} فلكيلا تضعف نفس المسلم ولئلا يهن عزمه أو يسيء الظن بربه نقول:
وقال سبحانه: {إنَّ اللّهّ لا يٍغّيٌَرٍ مّا بٌقّوًمُ حّتَّى" يٍغّيٌَرٍوا مّا بٌأّنفٍسٌهٌمً} وقال عز وجل:{وّلّيّنصٍرّنَّ اللهٍ مّن يّنصٍرٍهٍ إنَّ اللهّ لّقّوٌيَِ عّزٌيزِ} إن التلاوم لا يرد فائتاً، وإن تحزن على الأوضاع لا يجدي شيئاً، إنما الذي يحقق الأمن والأمان والعزة والاطمئنان للمجتمعات والأفراد هو: الإيمان الصادق بالله القوي العزيز فتتربى النفس على الخوف منه وحده والرجاء و حده والتوجه إليه وحده.
والمؤمن في زمن الفتنة والشدة لا يخاف من المستقبل ولا على المستقبل إنما يفعل الأسباب ويعتمد بقلبه علي الله ويعتقد بأنه لا يأتي بالحسنات إلا هو ولا يرفع السيئات والشرور إلا هو، وهذا هو التوكل الذي جعله الله شرطاً في الإيمان فقال جل وعلا:وّعّلّى اللهٌ فّتّوّكَّلٍوا إن كٍنتٍم مٍَؤًمٌنٌينّ} كيف لا والتوكل على الله جمع الإيمان ونصف الدين إذ هو عمل وأمل وهدوء نفس وطمأنينة قلب واعتقاد جازم بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
إن قوة البشر مهما عظمت وأسلحتهم مهما بلغت، لا تستطيع أن تلحق الضرر بأحد لم يكتبه الله عليه قال:.. «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف» أخرجه الترمذي.. وقال حديث حسن قال ابن رجب رحمه الله: فمن تحقق أن كل مخلوق فوق التراب فهو تراب، كيف يقدم على طاعة شيء من التراب على طاعة رب الأرباب؟ أم كيف يرضى التراب بسخط الملك الوهاب إن هذا لشيء عجاب.
إن كنا صادقين في طلب الأمن والنصر لأنفسنا ومجتمعاتنا فلنحقق ما أمرنا به من العبودية لله عز وجل بأن نقيم الصلاة ونؤتي الزكاة على الوجه المشروع، وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وأن نعمل لهذا الدين وندعو إليه بألسنتنا وأقلامنا واستقامتنا وأموالنا فإننا إن فعلنا ذلك حصل لنا أمن في الدنيا وأمن يوم الفزع الأكبر في الآخرة.
قال الله تعالى:{وّعّدّ اللهٍ الذٌينّ آمّنٍوا مٌنكٍمً وّعّمٌلٍوا الصَّالٌحّاتٌ لّيّسًتّخًلٌفّنَّهٍمً فٌي الأّرًضٌ كّمّا اسًتّخًلّفّ الذٌينّ مٌن قّبًلٌهٌمً وّلّيٍمّكٌَنّنَّ لّهٍمً دٌينّهٍمٍ الّذٌي ارًتّضّى" لّهٍمً وّلّيٍبّدٌَلّنَّهٍم مٌَنً بّعًدٌ خّوًفٌهٌمً أّمًنْا يّعًبٍدٍونّنٌي لا يٍشًرٌكٍونّ بٌي شّيًئْا وّمّن كّفّرّ بّعًدّ ذّلٌكّ فّأٍوًلّئٌكّ هٍمٍ الفّاسٌقٍونّ (55) وّأّقٌيمٍوا الصَّلاةّ وّآتٍوا الزَّكّاةّ وّأّطٌيعٍوا الرَّسٍولّ لّعّلَّكٍمً تٍرًحّمٍونّ (56) لا تّحًسّبّنَّ الذٌينّ كّفّرٍوا مٍعًجٌزٌينّ فٌي الأّرًضٌ وّمّأًوّاهٍمٍ النَّارٍ وّلّبٌئًسّ المّصٌيرٍ}. ولا بد من الصبر وإعداد العدة وبذل الأسباب وأما الدعاء فسلاح عظيم ولاسيما إذا كان من مؤمن صادق يأكل الحلال ويتضرع لله الكبير المتعال يدعو دعاء المتضرع المخلص قال الله جل وتعالى:{أّمَّن يٍجٌيبٍ المٍضًطّرَّ إذّا دّعّاهٍ وّيّكًشٌفٍ السٍَوءّ}. فالله جل جلاله يكفي عبده ويجيب دعاءه، ويسمع شكواه فيقوي ضعفه، ويشفي مرضه، ويكفيه من أراده بسوء {إنَّمّا أّمًرٍهٍ إذّا أّرّادّ شّيًئْا أّن يّقٍولّ لّهٍ كٍن فّيّكٍونٍ} فالله أكرم من عباده ولن يؤتى المرء إلا من قبل نفسه قال الله عز وجل{إنَّ پلَّهّ لا يٍغّيٌَرٍ مّا بٌقّوًمُ حّتَّى" يٍغّيٌَرٍوا مّا بٌأّنفٍسٌهٌمً} أمتنا أغرقت باللهو واللعب، والغناء والطرب، وتمكن حب الدنيا من القلب، أمة أهلكها الترف، لهذا غلب على أمرها، وهانت على الناس، وصار العدو وأتباعهم يتحكمون في مصيرها ويراهنونها على مصالحها، ويهددون أمنها واستقرارها. أين العودة الصادقة إلى رب العالمين ليكفينا شر الكافرين، أين دوام التضرع إلى من بيده ملكوت كل شيء فأين التوبة والتضرع ليدفع البلاء، واقع الأمة مؤلم فصاحب الربا على رباه والمتهاون بالصلاة مصر على غوايته وهواه وصاحب المظالم على ظلمه وبلاياه والمغني واللاهي على ما هو عليه لقد قال الله سبحانه: {ادًعٍوا رّبَّكٍمً تّضّرٍَعْا اّخٍفًيّةْ إنَّهٍ لا يٍحٌبٍَ المٍعًتّدٌينّ (55) وّلا تٍفًسٌدٍوا فٌي الأّرًضٌ بّعًدّ إصًلاحٌهّا وّادًعٍوهٍ خّوًفْا وّطّمّعْا إنَّ رّحًمّتّ اللهٌ قّرٌيبِ مٌَنّ المٍحًسٌنٌينّ} قال مطر الوراق: استخرجوا موعود الله بطاعة الله فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين والله أسأل أن يحفظ علينا ديننا وأمتنا وإيماننا وأن يوفق ولاة أمرنا لما فيه خير الإسلام والمسلمين كما أسأله جل جلاله أن يحول بين الأشرار الماكرين وبين ما يريدون بأمة الإسلام.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved