Friday 14th march,2003 11124العدد الجمعة 11 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حدث في المحكمة حدث في المحكمة
يرويها فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن صالح الخضيري ( * )
الحضانة ليست حقاً للأم !

جاءت الأسئلة تترى من القاضي للزوجين بعد فراقهما من لحظتهما عن أمور كثيرة وكانت إجابتهما توحي بالفراق الذي سوف يطول وأنهما لا يبغيان بعضاً ويؤمنان بقوله جل جلاله: {وّإن يّتّفّرَّقّا يٍغًنٌ اللّهٍ كٍلاَْ مٌَن سّعّتٌهٌ} ولكن لأن الشريعة الحكيمة نظمت حياة الأسرة في الإسلام وأعلت شأنها وأعطتها مكانتها وأهميتها الكبرى وأعظمت فيها قدرها الكافي رأت حينئذ قررت الشريعة الإسلامية أن تكون الحضانة حقاً للمحضون ولأن المحضون بحاجة إلى من يصونه ويقوم برعايته ولأنه عند التنازع تأتي ترتيبات وأولويات ذكرها العلماء رحمهم الله تعالى استناداً لقوله صلى الله عليه وسلم «أنتِ أحق لي ما لم تنكحي» وتتابعت خلافاتهما حول الأطفال وكل منهما انطلق خارجاً من القاضي وهو يسأل ويستفني وذاك يعطيه فتوى وآخر يعطيه فتوى أخرى، وتتضارب الفتاوى لتملأ أدمغتهما تناقضاً ثم يحضران إلى القاضي ليقول القضاء كلمته ويبين القضاء الشرعي نزاهته وعدالته ويحاول جاهداً بعد تقص وتثبت أن يكون الأطفال عند أبيهم لأن أمهم غير قادرة على حضانتهم ولا قائمة بأمورهم لاعتبارات شرعية كثيرة. من أبرز هذه الاعتبارات انها لن تلتفت إليهم وإن التفتت فلن تربيهم التربية التي يرجوها المؤمن من المؤمنة ولأن القاضي أدرك بحكم معرفته بأسرار هذين الزوجين الأهمية الكبرى لتربية الأولاد في الكتاب والسنة، فقد أعرض على الطرفين أن يكون هناك وفاق ووئام وتلطف من أجل مصلحة الأولاد، فالطلاق إذا وقع ليس عقوبة يعاقب بها الأولاد يكتوون بنارها، وإنما الشريعة الإسلامية نظمت مصلحة الأولاد فكان أن اتفق الأبوان على أن يبقى الأولاد عند أبيهم وتزورهم أمهم في أوقات محددة تأخذهم إليها، وعلى أن يحسن الزوجان أخلاقهما وتربيتهما لأطفالهما وألا يزرع أحد من الأبوين في الأطفال بغض الطرف الآخر لما في هذا من إثارة الشحناء والبغضاء وزرع العقوق في هذه النبتة وكان أن خرج المختصمان بعد أن تسامحا في الدنيا والآخرة وكل منهما سار في طريقه وعاش الأطفال في رغد وأمن وطمأنينة مع أبيهم وبرحمة ومودة وأنشأهم أبوهم النشأة الصالحة المباركة وهذا بعكس ما يفهمه كثير من الناس أن الحضانة حقٌ مطلق للأم ولم كانت غير مؤهلة وذلك خطأ، لأن العلماء رحمهم الله تعالى قالوا: «ولا يقر محضون بيد من لا يصونه» والذين يلجؤون إلى المفتين في مثل هذه القضايا أو إلى النظريات الفقهية المكتوبة في الكتب قد يخطئون الفهم ولا يحسنون سؤال المفتين، والمفتي قد لا يدرك أبعاد القضية العينية لهذا ذكر أهل العلم انه لا ينبغي للمفتي أن يفتي في الأمور القضائية التي هي أمام القضاء بل تترك ليقول القضاء كلمته كما انه لا ينبغي للقاضي أن يفتي أيضا فالأمور القضائية التي قد ينظر فيها اليوم أو غداً وإنما يبين القاضي أحكام الله وأحكام رسوله صلى الله عليه وسلم بياناً عاماً مجملاً مقعداً وفق أدلة الكتاب والسنة وبالله التوفيق.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved