Saturday 15th march,2003 11125العدد السبت 12 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
الموت البطيء
رقية الهويريني

قد يكون من السابق لأوانه طرق الموضوع الذي سأتحدث عنه لأن القارئ الكريم سيرى أنه ضرب من الخيال أو أضغاث أحلام!! إلا أنه لدي شعور بأن هذا الأمر سيلقى مباركة من وزير المياه أكثر من قبول الناس الذين يعنينا قبولهم أكثر من مباركة الوزير نفسه ليقيني أن الناس هم وسيلة النجاح في أي مشروع، أما الوزارة فهي تخطط وقد لا يسعفها الوقت للتنفيذ لذا فالأمر يتطلب التفكير العميق وأخذ النفس بالحزم لاسيما أنه يختص بثروة قابلة للنضوب وهي الماء!! فحين نُقلِّب النظر باستراتيجيات زراعية سابقة، ومنها التشجيع على زراعة القمح بكل الوسائل الممكنة واستصلاح الأراضي واستيراد المعدات الزراعية وخصوصاً الرشاشات المحورية التي كان الفلاح يشتريها بالمليون ريال ومضاعفاته وهي التي يعزى لها نضوب مياهنا الجوفية، حيث كانت توفر للفلاح الوقت والجهد وتغطي تكاليفها بوقت قياسي مما جعل الدوائر الخضراء تتسع ثم تتسع ونحن نزداد ولعاً وفخراً بها حين نشاهدها من خلال نوافذ الطائرة، أو على شاشات التلفزيون، ولم يدر بخلدنا أن تلك الدوائر الخضراء تنذر بخطرٍ قادم وهو شُحُّ المياه الذي خصصت له في الوقت الحاضر وزارة وإدارات ورُصدت جوائز لمن يتوصل لطريقة ناجعة للاستخدام الأمثل للمياه. أما تلك الرشاشات المحورية فقد تحولت إلى أنقاضٍ وركامٍ من حديد يجثم على صدور مزارعينا، ويتربع فوق أراضيهم الزراعية سابقاً.وكان الأجدر بوزارة الزراعة والمياه - آنذاك - اللجوء إلى وسيلة سهلة وهي توعية الناس نحو الاستهلاك الأمثل للقمح، بحيث لا يشتري المستهلك إلا ما يحتاجه فعلاً بغض النظر عن السعر! الذي وصل فيه سعر الكيلو - وقتئذ - إلى خمس وعشرين هللة مما جعل المستهلك يشتريه وبكميات كبيرة جداً حتى احتار فعلاً كيف يتصرف به أيخزنه أم يبدده! إلى أن توصلت محلات المخابز إلى احدى طرق الاسراف فعمدت إلى نزع النخالة وجنين القمح وبيعها منفصلة واستبقاء مادة النشاء التي أصبحت أداة طيعة بيد الحلواني فأصبح يشكلها حلويات متنوعة تصل إلى أكثر من مائة صنف وتصل أسعارها إلى مئات الريالات! وزاد الاقبال عليها حتى ظهرت لدينا أمراض كثيرة لم تكن معروفة لدى آبائنا وأجدادنا ومنها السمنة ومرض السكر..إننا حقاً بحاجة إلى ترشيد استخدام القمح والعودة للاستخدام الأمثل له، وقد لا أعدو الحقيقة حين أقول لو ان وزارة المياه دعت وزارة التجارة لاغلاق معظم محلات الحلويات لأصبح لدينا فائض في القمح، وهذا الفائض سيقلل حتماً استخدام المياه ويؤدي إلى اغلاق أغلب عيادات السكر والتخلص من الأمراض الأخرى!!
إن الأمر جللٌ، ولن ندرك الخطورة إلا إذا عجزنا عن ايجاد المال الكافي لعلاج أحبائنا من أمراض أجتاحتنا بسبب ما تعجُّ به أسواقنا من مواد غذائية استهلاكية مضرة للصحة! ولو اقتصرنا على زراعة ما نحتاج إليه دون اسراف لما كنا بحاجة إلى كل هذه المؤتمرات والأطروحات التي تعالج الخطر المحدق بنا من جراء التهديد بنضوب مياهنا، حتى وصل التنبيه لنا أننا أصبحنا نستهلك ودائع من مياه الأجيال القادمة، وعليه فإن المجتمع بحاجة إلى توعية دائمة واشعاره أن القائمين على شؤون أفراده يخافون على صحتهم وتهدئة نفوسهم بدلاً من الترهيب الدائم بنضوب الماء وأنهم سيجدون أنفسهم على حافة العطش وهاوية الموت! هذا عدا استهلاك صحتنا وأموالنا بمغريات غذائية تنذر بالخطر.. وهذا هو الموت البطيء! وسنستعرض ذلك في الأسبوع القادم، بإذن الله.

ص.ب:260564 - الرياض: 11342

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved