Saturday 15th march,2003 11125العدد السبت 12 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
إذا بليتم فاستتروا..!!
جاسر عبدالعزيز الجاسر

إذا كنا قد تحدثنا عن تجار الحروب في البلدان التي تُبتَلى بها.. وتلك التي تتخوف من أن تمتد إليها من الدول المجاورة فيقع سكانها ضحايا لتجار الحروب الذين يستغلون خوفهم فيسوقون في البلدان الخائفة.. وسائل السلام التي وصلت إلى حد تسويق التراب وأكياسه.. هذا في منطقتنا.. أما خارج البحار حيث «تطبخ» الحروب، وترسل البارجات والطائرات والجنود لشن الحروب، فإن «تجار الحروب» من نوع آخر.. أكثر شراسة.. وأكثر نهماً.. بل أكثر وقاحة.. هم ببساطة تجسيد للامبريالية.. حيث يتجمع الجشع.. والهيمنة.. والنهب.. والوقاحة.. الفرض.. فرض السرقة..
وإذا كان العرب يقولون في مآثرهم «إذا بُليتم فاستتروا» فإن الامبرياليين الذين يشنون الحروب لا يعرفون مثل هذه المآثر، كما أنهم ليس من خصالهم السعي للستر.. فهم حتى في حياتهم اليومية لا يعرفون الخجل حتى يستتروا.. وهكذا وبالاضافة إلى الأطماع الكامنة وراء شن حرب أمريكية - بريطانية على العراق، أولها السيطرة على نفط العراق ثاني احتياط في العالم، فإن الأمريكيين لم يخجلوا.. ولم يستتروا ولا يستترون على خططهم على نهب ثروات العراق ولمئات السنين!!
كيف..؟
اعلان صغير.. سبقه تصريح لوكالة التنمية الأمريكية يفيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بإعادة اعمار العراق.. وبعد هذا التصريح قالت الناطقة
باسم الوكالة لصحيفة «وول ستريت جورنال» يوم الاثنين، بأن وكالة التنمية الأمريكية أطلقت استدراج عروض لعقود قيمتها 900 مليون دولار في اطار البرنامج الأمريكي لإعادة اعمار العراق.
وخطة اعادة اعمار العراق التي إن لم يسمع بها أحد، أو لم يعلم بها فإنها قد وضعت في وثيقة صاغها الأمريكيون في الأيام الأولى من اعلانهم غزو العراق، وقد وضعت في وثيقة من ثلاث عشرة صفحة بعنوان «رؤية لعراق ما بعد الحرب» وزعتها وكالة التنمية الأمريكية على عدد محدود من الأشخاص في واشنطن وعدد من الشركات الأمريكية التي ستكون وحدها المسموح لها بالاشتراك في مناقصات نهب ثروة العراق لأن عملية تمويل «اعادة الاعمار» بعد أن تدمر الطائرات والصواريخ الأمريكية البنية الأساسية العراقية من ريع بيع نفط العراق.
ولهذا ولكي تكون العقود ضخمة وعملية الاعمار واعادته تستنفد أكبر ما تستطيع أمريكا أخذه من الثروة العراقية فإن الحرب القادمة التي سيشنها الأمريكيون والبريطانيون على العراق ستدمر الجسور.. والطرق.. ومحطات الكهرباء وتنقية المياه، والمباني المدرسية.. وستطال المستشفيات والمراكز الحيوية تحت بند أخطاء القصف التي كثيراً ما ترتكبها القوات الأمريكية كما شاهدنا ذلك في أفغانستان..!
ولأن الغنيمة كبيرة، فإن عقود النهب التي تندرج تحت بند اعادة الاعمار ستكون «رشوة» لكل الشركات التي ستشارك أمريكا في حربها ضد العراق.. وهذا يفسر بعض أسباب لهفة بريطانيا واسبانيا وبلغاريا ودول أوروبا الشرقية في دعم توجهات الحرب.. للحصول على بعض عقود اعادة الاعمار لإنعاش اقتصادياتهم وخفض نسب البطالة لديهم.. وكل هذا يتم على حساب أرواح العراقيين وثرواتهم..!!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved