Sunday 23rd march,2003 11133العدد الأحد 20 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يطرحها نخبة من الاقتصاديين عبر « الجزيرة » يطرحها نخبة من الاقتصاديين عبر « الجزيرة »
سيناريوهات محتملة لتأثر القطاعات الاقتصادية مع مستجدات الحرب
بو حليقة: تأجيل القرارات الاستثمارية سيؤثر بشكل سلبي على القطاع التجاري
تحقيق معدل النمو المتوقع للعام الحالي قد يصبح بعيداً بسبب الأحداث الحالية

* إعداد ومتابعة حسين الشبيلي:
يسيطر على اقتصاد المملكة حالة من الترقب والحذر في ظل آثار الحرب القائمة في المنطقة أوجدت مؤشراً متوازناً من الاستقرار العام يتخلله بعض التأثير النسبي للقطاعات ذات الاحتكاك المباشر بالأجواء السياسية والاقتصادية المختلفة ومع الموقع الجغرافي المرتبط بالتداعيات المحتملة يظل الجذب السلبي متوقعاً وذا فاعلية يمكن أن ينتج عنه مضاعفات تعتبر بمثابة ربط مبرر لعدد من التقلبات والسنياريوهات المحيطة.
ومع ما تحظى به المملكة من ميزات نسبية جغرافياً واقتصادياً تجعلها في غير منأى عما يدور حولها، تتشكل تحديات في قطاعات محددة ترتبط ارتباطاً مباشراً بتداعيات الأحداث الراهنة وتفرض ايجاد سياسة تحمي مصالحها وتتجنب الآثار السلبية لاقتصاديات المنطقة المباشرة وغير المباشرة والقطاع النفطي أحد أبرز تلك الاقتصاديات المستهدفة بشكل خاص وكل ما هو مرتبط بحركة الطيران والأسهم والاستثمار بشكل عام. وتظل المملكة رغم سياستها الحذرة فيما يدور حولها عرضة لمتغيرات مفاجئة على الصعيد المحلي وتظل القرارات الحكيمة المتخذة العامل المؤثر على تسيير المناحي الاقتصادية وتلعب دوراً مطمئناً في سلاسة الحياة الاجتماعية للمواطن والمقيم على حد سواء.
«الجزيرة» في لقائها مع الاقتصادين تطرح التصورات المحتملة لتأثيرات لمرحلة الحرب وما بعدها إن و جدت وتستطلع الآراء حول تداعيات الأزمة من جميع جوانبها على المدى الطويل والاجراءات الواجب اتخاذها على المدى القصير ورفع الوعي الاستثماري وزيادة جسر الثقة في الاقتصاد مع ما يملكه المواطن من حس ووعي وثقة في حكومته ومع مايتمتع به القائمون على الاقتصاد الوطني من خبرة أثبتت في خلال تجربتيها السابقتين في حرب الخليج الأولى والثانية قدرتها على مواجهة الأحداث ايجابياً لدعم استقرار المناخ الاقتصادي بالمملكة.
* هل للحرب تأثير على البيئة الاستثمارية للمملكة؟
- يجيب على السؤال الدكتور احسان بوحليقة الاقتصادي المعروف قائلاً: الأجواء الاستثمارية في المملكة في حالة ترقب مما يعني ذلك انعكاس الأحداث الحالية على الاقتصاد بشكل مباشر وأعتقد أن الامتناع عن القرارات الاستثمارية وتأجيل الصفقات ضرورة حتى تتضح الرؤيا وهذا يعني تأجيل الطلب أيضاً.
وبالنسبة لحركة البيع والشراء فإجماليها يوازي تريليون ريال ولكن إذا ما استمرت حالة الترقب الحالية لفترة طويلة فأتوقع أن نشاط الصفقات من بيع وشراء ستؤثر سلباً على الحركة الاقتصادية بين 10 - 15% وهذا ينعكس في حدود 15% من الناتج المحلي الاجمالي نتيجة لتراجع الطلب وتأجيل القرارات. وسيلاحظ في قطاعات معينة مثل النفط نمواً وذلك نتيجة لعلاوة الحرب في أسعاره. وفي تصوري أن هناك قطاعات سيقل البيع والشراء فيها نتيجة لتباطؤ الطلب فعلى سبيل المثال الانفاق على قطاع الترفيه والسياحة سيقل وسيحجم المواطنون عن الانفاق فيه وإذا أخذنا القطاعات اجمالاً فإن الاستثمار سيتأثر بشكل سلبي نتيجة لتأجيل القرارات الاستثمارية.
وهذا سيكون على المدى المتوسط وقد يؤثر على النمو باعتبار أن القطاعات الانتاجية تعتمد على زيادة الاستثمار.
وكمتابع يجب التذكير بأن المملكة لديها الرغبة في الاستفادة من نمو اقتصادي خصوصاً حيث كان هناك من يراهن على أن العام الحالي سيتحسن ويمكن معه تحقيق نمو في حدود 3% إلا أن الأمور لم تحسم وسيكون تحقيق معدل النمو هذا بعيدا بسبب الحرب.
واستمرار حالة عدم التيقن سيؤدي إلى زيادة الانفاق الحكومي للتعامل مع الأوضاع التي لا علاقة لها بالحرب.
وذهب عضو مجلس الشورى المهندس أسامة كردي في اعتقاده على تأثر البيئة الاستثمارية بسبب الحرب إلى غياب المؤثر المباشر عليها قائلاً: ليس هناك تأثير مباشر أو تأثير كبير على الاقتصاد السعودي جراء هذه الحرب وحتى عربياً فبعض الخبراء الاقتصاديين تحدثوا على أن الاقتصاديات العربية ستتأثر جراء الحرب على العراق وستحقق خسارة تقدر بمائة وعشرة مليارات دولار مؤكدين أن الأسعار سترتفع بسبب ارتفاع تكاليف الشحن وتكاليف التأمين.
«الجزيرة» وجهت السؤال إلى الكاتب الاقتصادي ورجل الأعمال الأستاذ عبدالله الحمود الذي قال:
- مع اندلاع الحرب تكون النتائج وخيمة للغاية ولنا في حرب الخليج الثانية عبرة فيما حدث فقد أصيبت غالبية الأنشطة الاقتصادية بشلل وتأثرت اقتصاديات كافة الدول العربية ودول أخرى ترتبط بمصالح اقتصادية.
مما يعني أن غالبية الأنشطة سواء فيما يتعلق بالاستثمار أو التجارة سوف تتأثر لا محالة ودرجة التأثير هذه متباينة بين أفراد المجتمع الذين هم سبب ذلك التأثير بمعنى إما أنهم سوف يقبلون على استثمارات معينة أو يحجمون عنها فإن هم مضوا مستثمرين فإن استثماراتهم لن تكون بالقدر الذي يعزز معه اقتصاد البلاد أي أنه سوف يكون محدوداً للغاية وبهذا سيكون للمؤشرات الاقتصادية هوامش بسيطة لن ترضي واستطرد قائلاً قضاياً الحروب تأتي كأحد العوامل الرئيسية في اضعاف اقتصاديات أي بلد ولا شك أن الحروب تتفاوت في مدى تأثرها الناتج عن درجة وقوعها في المنطقة أو المناطق التي تشهدها سواء كان ذلك على المستوى المحلي أو الاقليمي أو الدولي ولهذا تأخذ الحروب أكثر من منحنى واتجاه في تسيير النمو السلبي للاقتصاديات عموماً.
وفي رأي لرجل الأعمال الأستاذ خالد الجوهر حول الموضوع قال إن ما تشهده المنطقة حالياً من توتر قد أخذ مساحة كبيرة من اهتمام المستثمرين في متابعة ما يجري ولا شك أن التباين في سلوك المستثمرين يختلف من منطقة إلى أخرى حسب صلتها المباشرة أو غير المباشرة بواقع الأحداث الجارية.
فكثير من الناس يندفعون إلى الهروب باستثماراتهم والتخلص منها دون دراسة واعية لواقع الأحداث وانعكاساتها الحقيقية عليه وأيضاً مستوى الوعي لدى شرائح المجتمع.
ولا شك أن هناك أثاراً مباشرة وغير مباشرة تربطنا بالأحداث الجارية في المنطقة ولكن يجب أن نقيّم خطورة الآثار المترتبة عليها على المدى القصير والمدى الطويل والاجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة هذه الآثار السلبية.
فهناك عوامل عديدة يجب دراستها لتحديد حجم الآثار التي تنجم عن الحروب وحجم الخسائر المتوقعة منها وعواقبها الاقتصادية والنفسية وما يترتب عليها من آثار مباشرة وغير مباشرة لاقتصاديات دول المنطقة وتتوقف خطورة هذه الآثار السلبية على درجة الاستعداد لها ومدى ومدة الحرب المتوقعة والأهداف المعلنة وغير المعلنة منها ودرجة الوعي الاستثماري والاستهلاكي لدى المواطنين.
وقد اثبتت التجربتان السابقتان خلال حرب الخليج الأولى والثانية مدى ما يتمتع به القائمون على الاقتصاد الوطني من خبرة في معالجة وازالة هذه الآثار السلبية لذا فإننا على ثقة من أن القائمين على الاقتصاد الوطني باتوا مستعدين بشكل ايجابي لمواجهة الأحداث والآثار التي قد تنجم من الحرب المحتملة ويدعمهم في ذلك المناخ الجيد للاقتصاد الوطني بما بتمتع به من أرض خصبة للاستثمار لما يوحيه من استقرار سياسي وأمني مع وجود بنية تحتية تساعد على النمو الاقتصادي.
وأيضاً أثبتت تلك التجارب أن المواطن السعودي يملك حساً وطنياً انعكس على سلوكه الاقتصادي والاجتماعي والنفسي فكان الاستعداد لهذه الحرب قوياً من خلال هذه التجارب لمواجهة أي آثار سلبية قد تنجم عنها.
ولذلك لابد من زيادة تكاتف كل القوى الوطنية ومنها القطاع الخاص جنباً إلى جنب مع الدولة في مواجهة هذه التحديات وزيادة جسر الثقة في الاقتصاد الوطني لما يحويه من عوامل ثقة وأمان للمستثمرين.
ويجب أن يتم رفع مستوى الوعي لدى جميع شرائح المجتمع والمستثمرين حتى يتم السيطرة على سلوكهم الاستثماري والاستهلاكي أوقات الأزمات وحتى لا يتكبدوا خسائر كبيرة نتيجة التبرع في اتخاذ القرار.
* ما مدى فاعلية سوق الأسهم السعودي في الأوضاع الراهنة؟
- حول مدى فاعلية سوق الأسهم السعودي وتأثره من الحرب يقول المهندس كردي: في اعتقادي أنه ليس هناك تأثير مباشر أو كبير وسيتأكد المستثمر العربي أن السوق السعودي لن يتأثر بالحرب وسيستمر التداول فيه عكس ما يحدث في دول الخليج حيث تم ايقاف سوق الأسهم الكويتية.
ويرى بوحليقة من جانبه عن وضع سوق الأسهم قائلاً ان وضع سوق الأسهم في حالة الحرب يعتمد على نتائجها الحاسمة والسريعة وفي هذه الحالة ستعود الأسهم لطبيعتها بسرعة فيما سنلاحظ أن مؤشر سوق الأسهم سيتراجع بسرعة عدة نقاط مئوية وفي حالة التدهور الكبير في السوق ستحرك الآلية لمنع ذلك.
واستبعد عن أن يتم وقف التداول في سوق الأسهم.
وعن دور البنوك المحلية ومؤسسة النقد قال الأستاذ الحمود: أعتقد أن البنك المركزي في المملكة «مؤسسة النقد» لن تقف موقف المتفرج فربما تتخذ تدابير قوية منها وقف حركة تداول الأسهم وقتياً إذا دعت الضرورة لحين تحسن معطيات السوق عامة وفي حرب الخليج الثانية نذكر أن السوق كانت مفتوحة وانهارت معه الأسهم المحلية وظهر العديد من المضاربين والمستثمرين بخفي حنين ولا يفترض تكرار تلك التجربة المريرة.
ولا شك أن الترجيح وارد بأن تهوى الأسعار إلى حدود دنيا ويكون المنتصر فيها الماليين في الدرجة الأولى والهزيمة لصغار المساهمين ويجب على البنك تذليل حدة الخوف لأن البنوك يعول عليها بعد الله على الدوام دعم اقتصاديات أي بلد.
* ما هي توقعات الحالة الاقتصادية أثناء الحرب وبعدها؟
- خرج الدكتور توفيق عبدالعزيز السويلم المستشار الاقتصادي ومدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية والكاتب الاقتصادي ورجل الأعمال راشد الفوزان بعدة نقاط متفقة عليها حول اجابتهما على تساؤل «الجزيرة» في توقعاتهما لما قد تتأثر به الحالة الاقتصادية أثناء الحرب وبعدها يقول، الدكتور السويلم:
إن الراصد للحركة الاقتصادية في أي مكان في العالم يجد أنها تنمو وتتطور في ظل الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي وفي حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي نجد أن الاستقرار الاقتصادي ينعدم ويتأثر تأثراً كبيراً إذا نشبت حرب في المنطقة لذا نجد أن من الآثار الاقتصادية المترتبة على ضرب العراق على سبيل المثال لا الحصر:
من المتوقع انخفاض حجم صادرات دول المنطقة من المنتجات البترولية وغير البترولية مما يؤثر سلباً على حجم الدخل الوطني وعلى سير خطط التنمية في طريقها المرسوم.ربما يحدث ارتفاع رسوم الشحن والتأمين على حركة النقل بصفة عامة سواء النقل الجوي أو البحري أو البري مما سيرفع من أسعار المنتجات.
وأتوقع أن يحدث انكماش في الاقبال على الاستثمار الوطني والأجنبي بالمنطقة حيث ستتحول المنطقة إلى منطقة طرد للاستثمار الأجنبي نتيجة للركود الذي سيصيب الأسواق المحلية حيث سترتفع أسعار الخامات القائمة عليها الصناعات المحلية.
وكذلك هروب الأموال الوطنية إلى الخارج نتيجة عدم الاستقرار الاقتصادي وعدم ملاءمة المناخ الاستثماري للعمل.وستصبح إسرائيل هي الكاسب الوحيد من الناحية السياسية والاقتصادية حيث ستفتح إسرائيل لمنتجاتها في الأسواق العالمية وتنفرد بالتصدير للدول الأوروبية والشرق الأقصى والأدنى والدول الافريقية نتيجة لخلو الساحة من المنافس العربي.
وستتأثر المصانع المحلية بعدم قدرتها على الانتاج وذلك بسبب التضييق على استيراد الخامات وتصدير المنتجات وارتفاع أسعار المنتجات المستوردة.
وستتأثر شركات الطيران بالمنطقة والشركات السياحية نتيجة توقف حركة الطيران من وإلى دول المنطقة أثناء فترة الحرب.
وقطاع العقار في الفترة الحالية سيشهد تراجعاً في الانتعاش وسينهض مرة أخرى في حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي.
ويتفق الأستاذ الفوزان مع ما طرحه الدكتور السويلم من توقعات تصيب الحالة الاقتصادية بعد الحرب وصنف الأستاذ الفوزان توقعاته على محورين هما:
الحالة الاقتصادية أثناء الحرب:
- زيادة التوتر للحد الأعلى مما يضعف الطلب على السلع والخدمات الكمالية غير الضرورية وسيزيد على السلع والخدمات الضرورية خاصة المواد الغذائية غالباً.
- تثبيت حالة الركود الاقتصادي وتدني الانفاق الاستهلاكي للمواطنين بالحد الأدنى عدا الضروريات منها.
- زيادة الطلب على سلع خاصة قد لا تكون من قبل المواطنين ولكن تخلقها ظروف الحرب، مما يزيد الطلب عليها والانفاق كمواد البناء والمواد الغذائية والأدوية ووسائل النقل، مما يخلق سوقاً ثانوية أخرى مؤقتة تبعاً للأزمة الراهنة، مفيدة لقطاعات أخرى.
- الخوف من تأثير الحرب على المنشأة الحيوية وخاصة النفطية ووسائل الطاقة كالكهرباء وتحلية المياه على الخليج العربي لقربها من منطقة التوتر.
- يتوقع ارتفاع أسعار النفط مباشرة مع أول رصاصة تنطلق ويقدر الكثير بأنها ستصل إلى 60 دولاراً أو نحو ذلك ولكن وفقاً لتأكيدات الأوبك ودعم المملكة ودول خارج الأوبك ستظل الأسعار لن تتجاوز ال «40 دولاراً».
- قد يكون «يفترض» وقف للسوف المالي. وان استمر السوق المالي سيكون راكداً جداً بيعاً أو شراء، وسيلقي بظلاله على حالة السوق من انحدار.
- استمرار تمسك الكثير بتحويل استثماراتهم إلى أموال سائلة أكثر وأكثر، وهو ما يدفع السوق إلى الانحدار بنسبة كبيرة.
- توقف حالة الطيران بمنطقة الحرب وقد تشمل المنطقة ككل، وهذا سيعني عدم الثقة بالمنطقة كمنطقة آمنة، مما سينعكس على الرحلات القادمة والمغادرة للشركات والمؤسسات والزائرين للمنطقة.
- ارتفاع نسبة التأمين على النقل الجوي والبحري وحتى البري مما سينعكس على ارتفاع أسعار السلع والخدمات من خلال ارتفاع أجور النقل.
- مدى الدمار والخسائر التي ستحقق والتي يصعب تقديرها، فقد تكون حرباً محصورة بمنطقة الحرب داخل العراق وقد تزيد وتتوسع للمنطقة ككل والخليج العربي خاصة.
- النزوح المتوقع سواء من الكويت أو العراق وهذا سيخلق ضغطاً على السلع والخدمات التي ستتحملها المملكة كما حدث في حرب الخليج الثانية عام 1990م.
يمكن تلخيص الوضع خلال الحرب والتي يتوقع للحرب أن تكون محصورة بالأراضي العراقية لا أكثر، ولكن ذلك سيخلق حالة من التوتر بالمنطقة وتأجيل جميع المشاريع أو توقفها بشكل أو بآخر، ستكون هناك حالة من انعدام الوزن لقراءة ما هي التغيرات والتأثيرات التي ستتم، وسيكون هناك هبوط شديد على طلب السلع أو الخدمات غير الضرورية «الكمالية» ستنحصر عملية الانفاق حتى الحكومي منها بالضروريات ومتطلبات الحرب حتى تتضح الرؤية، وسيكون التأثير على البنوك محدوداً سواء بالسحب أو الاقراض، حالة الحرب ستعيد تسعير كل شيء من جديد ولن يكون أي حوافز للانفاق.
الحالة الاقتصادية لما بعد الحرب واستتباب الأمن:
- عودة وارتفاع الروح المعنوية للسوق، مما يشكل وسيلة دفع للسوق بكل قطاعاته.
- اتضاح الرؤية كاملة للوضع السياسي والأمني مما ينعكس على جميع الاستثمارات والمشاريع الاقتصادية.
- عودة السوق المالية أكثر هدوءاً وأقل تذبذباً، مع مؤشرات بارتفاع متتابع وهادئ.
- الاستفادة من المشاريع والعقود التي ستكون بالعراق وبناء العراق، خاصة لقطاعات البناء والنقل والأدوية وكل ما يتطلبه مرحلة البناء للعراق المدمر، وهي تعتمد على ما يمكن الحصول عليه من الحصة في السوق العراقية.
- تراجع أسعار النفط بسرعة، ومع عودة العراق للتصدير خلال أشهر «ان لم تتضرر المنشآت العراقية» مما يضغط على سعر النفط ويتراجع وقد يصل إلى مستوى العشرين دولارا.
- تراجع أسعار التأمين والنقل وعودة الحركة الجوية لحالتها الطبيعية.
- حساب الخسائر للحرب والتي ستكون بأرقام كبيرة والتي قدرت ب«60» مليار دولار، وهذا الرقم سيشكل عبئاً كبيراً على الدول العربية وخاصة العراق ودول الخليج أكبر المتضررين.
- عودة حالة الانفاق والاستهلاك لحالتها الطبيعية مما يحافظ على الخطط الاقتصادية الموضوعة ومرحلة النمو المستهدف تحقيقها.
ويمكن تلخيص حالة ما بعد الحرب بأنها عودة الخيار والمطلب الأول وهو الأمن والسلام والذي نأمل أن يتحقق وبأقل الخسائر الممكنة لأبناء العراق والخليج، نأمل بأن لا تكون هناك حرب بأي شكل من الأشكال ولكن قد تفرض على المنطقة بلا خيار وبلا قرار مجلس الأمن، نأمل تحقق السلام وعدم التأثير على العراق وتفككه مما سيلقي بظلاله على المنطقة ككل، نأمل بعد السلام عودة البناء والإعمار للعراق والمنطقة، والمنطقة بحاجة إلى النمو الاقتصادي بكل سبله ووسائله واستغلال ثرواته.
عودة الأمن والسلام والاستقرا ستعني عودة الحياة الاقتصادية ككل بكل أبعادها، عودة للاستثمار والثقة للمنطقة والبناء، ستكون عودة لاستمرار المشاريع والغاء المصطلح الجديد«ما بعد الحرب» والذي قضى على كل شيء، عودة النمو الاقتصادي وإن كان بطيئاً، وعودة الأمن والسلام ستعني العودة لكل شيء والحياة الاقتصادية أهمها من جديد.
وكان للدكتور مفرج الحقباني رأي خاص فيما يتعلق بالحالة الاقتصادية خلال الحرب حيث قال ل«الجزيرة» ان هناك سيناريوهين محتملين ولكن أريد ان أوكد أن منطقة الخليج تعتبر من مناطق العالم المهمة التي تؤثر في واقع ومستقبل الاقتصاد العالمي وفي مكونات النظام العالمي السياسي، وتكتسب هذه المنطقة أهميتها من موقعها الجغرافي الهام ومن ثرواتها النفطية الهائلة التي جعلتها قادرة على التحكم في مسيرة متغيرات النفط العالمية.
وبشكل عام فإن من المتوقع ان يكون للتقلبات السياسية الاقليمية آثار مباشرة وغير مباشرة على أسواق البترول العالمية بالتالي على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى اقتصاد المنطقة بشكل خاص. وهنا يمكن طرح تصور أولي لطبيعة تلك التأثيرات وفقاً للسيناريوهات التالية:
السيناريو الأول: قيام الولايات المتحدة بحملتها العسكرية على العراق سيعرض الإنتاج النفطي العراقي للتوقف التام وسيتأثر مما سيؤدي الى نقصان المعروض العالمي والى زيادة كبيرة في الأسعار النفطية العالمية، وإذا اضفنا الى ذلك الصعوبات التي يعاني منها إنتاج فنزويلا، فإن تأثير الحرب مضاعفاً على الأسعار النفطية مما قد يصيب الاقتصاد العالمي بحالة كساد جديدة تنشأ معها مشاكل كبيرة كالبطالة المفتوحة وغيرها من المشاكل الاقتصادية الملموسة. ونشير هنا الى ان تعهد الدول الأعضاء في منظمة الأوبك وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية بزيادة إنتاجها النفطي لمواجهة النقص المحتمل في المعروض العالمي ربما لن تكون كافية لمواجهة تداعديات الأزمة خاصة إذا أخذنا في الاعتبار امكانية تأثر إنتاج المملكة ذاتها بالحرب المحتملة على العراق. كما ان الحرب ستساهم في زيادة تكلفة الشحن الناتجة عن ارتفاع تكاليف التأمين مما سيؤدي الى زيادة اضافية في الأسعار النفطية وفي تكاليف إنتاج السلع والخدمات على مستوى العالم والذي بدوره سيسهم في زيادة اسعار السلع والخدمات النهائية والى حدوث حالة مشابهة لتلك التي حدثت في بداية الثمانينيات عندما صاحب ارتفاع المستوى العام للأسعار زيادة كبيرة في معدلات البطالة. واذا نظرنا الى التداعيات المحتملة على منطقة الخليج بشكل عام وعلى الاقتصاد الوطني بشكل خاص، فإن ارتفاع الأسعار النفطية سيساعد من جهة على زيادة الإيراد الحكومي ولكنه سيؤدي الى ارتفاع الأسعار المحلية نتيجة للتضخم المستورد الناتج عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة خاصة في ظل ارتفاع درجة الانكشاف التجاري للاقتصاد السعودي. وإذا أضفنا الى ذلك امكانية حدوث حالة من الركود الاقتصادي الناتجة عن عزوف المستثمرين عن التوسع الاستثماري انتظاراً لما ستؤول اليه النتائج النهائية لهذه الحرب، فإن اقتصاديات المنطقة ستعاني على الأقل في الأجل القصير من حالة ركود ستؤثر حتماً في معدلات النمو الاقتصادي وستصب الحركة الاستثمارية بالكسل المؤقت. وأخيراً نشير الى أهمية مراقبة الأجهزة الحكومية المعنية للأسعار حيث انه من المتوقع ان يستغل بعض التجار حالة الحرب لرفع أسعار بعض السلع دون مبررات اقتصادية منطقية خاصة في ظل التوقع بزيادة سرعة انتشار الشائعات كنتيجة طبيعية لحالة الحرب في المنطقة.
أما السيناريو الثاني: فأتوقع أن تتسابق الدول المنتجة للنفط لزيادة إنتاجها في الوقت الحاضر حتى تتمكن من استغلال الارتفاع الحالي في أسعار البترول العالمية. كما انه من المتوقع ان تلجأ بعض الدول الصناعية الى استغلال الارتفاع في الأسعار وبيع كميات كبيرة من المخزون الاستراتيجي لتحقيق الارباح العالية خاصة في ظل انحسار فرص الحرب وفي ظل ارتفاع تكاليف التخزين. وإذا اضفنا الى ذلك انخفاض معدلات الطلب العالمي على النفط كنتيجة طبيعية لانخفاض معدلات النمو الاقتصادي فإن من المتوقع ان يحدث فائض كبير في المعروض العالمي سيسهم في حدوث انخفاض متسارع في الأسعار العالمية ربما يؤدي الى حالة مشابهة لتلك التي حدثت في عام 1982م عندما شهدت الأسواق العالمية حالة من التخمة الإنتاجية عرفت فيما بعد ب oil glut.
كما ان التوجه القوي لإحداث تحول سياسي في العراق تحت اشراف وإدارة الدولة التي تتبع لها الشركات النفطية الكبرى في العالم ربما يستهدف تهيئة البيئة المستقبلية لتتلاءم مع مصالح الدول ذات النفوذ السياسي القوي وشركاتها النفطية. ونشير هنا الى ان من الممكن أن يكون من متطلبات هذه البيئة المستقبلية حل منظمة الأوبك والعودة كرهاً الى زمن الأخوات السبع خدمة لأغراض سياسية واقتصادية يضع معالمها القوي على الساحة السياسية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved