Sunday 13th april,2003 11154العدد الأحد 11 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

النظام العالمي الجديد النظام العالمي الجديد
موهاند دوبي ( * )

توشك الولايات المتحدة الأمريكية على إعلان انتصارها في حربها ضد العراق وتغيير نظام الحكم في بغداد ولكن هناك الكثير من التكهنات بشأن النظام العالمي الجديد الذي سيقام بعد هذه الحرب، ولكن من البديهي أن النظام القائم على أساس حلف شمال الأطلنطي والأمم المتحدة ذات الدول الخمس صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الأمن لن يبقى متماسكا كما كان قبل هذه الحرب.
هناك أقوال ساذجة عن قيام الولايات المتحدة بتجريد كل من روسيا وفرنسا من عضويتهما الدائمة في مجلس الأمن، والحقيقة أن تنفيذ مثل هذا الكلام يحتاج ببساطة إلى تعديل ميثاق الأمم المتحدة وهو ما لا يمكن أن يتم دون موافقة الدولتين أيضا في مجلس الأمن، وهناك احتمال آخر يتمثل في تجاهل أمريكا للأمم المتحدة عندما تستخدم القوة تحت دعوى الدفاع عن النفس والاعتماد على «تحالف الراغبين» بدلا من الأمم المتحدة كما حدث مع العراق.
فالحقيقة أن مثل هذا التصرف لن يمثل سابقة بعد أن قامت به الولايات المتحدة بالفعل عندما شنت الحرب ضد العراق بعيدا عن الأمم المتحدة والشرعية الدولية، ولكن أي تحالف دون فرنسا وألمانيا وروسيا وأغلب دول العالم الثالث لا يتمتع بأي مصداقية، ولكن ذلك يمكن ألا يمنع الولايات المتحدة من اللجوء إلى مثل هذه التحالفات الهشة من وقت لآخر، ولكن استخدام كلمة التحالف في مثل هذه الحالة لن يكون أكثر من مجرد أداة للدعاية ولكن غياب أي إطار شرعي مثل ذلك الذي يمثله ميثاق الأمم المتحدة يعني تجريد استخدام القوة الأمريكية من أي غطاء شرعي.
والحقيقة أنه يجري حاليا إعادة تقدير للموقف في الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب الأمريكية ضد العراق، ومن الواضح أن الولايات المتحدة في حاجة حاليا إلى إضفاء قدر من الشرعية على وجودها في العراق عبر الأمم المتحدة إذا ما أرادت لتحالفها الهش الحالي البقاء، كما أنها في حاجة إلى الأمم المتحدة لكي تستطيع إقامة حكومة جديدة في العراق بديلا عن حكومة صدام حسين وإعادة بناء ما دمرته حربها ضد العراق.
فقد تعهد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لبرلمان بلاده بأن تحصل أي مشروعات لإعادة بناء العراق حكومة ومشروعات بدعم كامل من الأمم المتحدة، كما أن وزارة الخارجية الأمريكية تتبنى موقفا قريبا من هذا الموقف على الرغم من المعارضة القوية من جانب وزارة الدفاع الأمريكية. هذا عن الأمم المتحدة فماذا عن حلف الناتو أحد رموز النظام العالمي قبل حرب العراق؟
الحقيقة أن البعض يمكن أن ينعي حلف الناتو بقطرات معدودة من الدموع، فالكثير من دول العالم خاصة من خارج هذا الحلف الغربي تنظر إليه باعتباره لم يعد هناك مبرر لاستمراره من الأساس بعد أن انهار حلف وارسو الذي كان يضم الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية السابقة في شرق أوروبا، كما أن فرنسا حريصة على البقاء على هامش الحزب حيث انها عضوة فيه من الناحية السياسية ولكنها ليست عضوة في اللجنة العسكرية به.
ومنذ سنوات بدأ الاتحاد الأوروبي بحث تكوين هيكل دفاعي أوروبي مستقل عن حلف الناتو الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كانت الدول الأوروبية تحتاج إلى حلف الناتو في الماضي كأداة مؤسسية للتعاون مع الولايات المتحدة لحماية الدول الأوروبية من التهديد السوفيتي، ولكن هذه الحاجة انتهت مع انتهاء الحرب الباردة، ولكن حلف الناتو بالنسبة للولايات المتحدة أداة لتوسيع ودعم مصالحها في أوروبا، ومن خلال منح عضوية الحلف فإن أمريكا تفتح طريقاً نحو دول أوروبا الشرقية التي كانت تدور في الفلك السوفيتي، كما أنه يمكن النظر إلى حلف الأطلنطي كوسيلة لإضعاف روسيا من خلال تهميشها في أوروبا، وعندما تضعف روسيا بصورة كبيرة تصبح العلاقة الخاصة التي تربط بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو أقل أهمية، ولذلك فمن غير المحتمل أن تحاول أمريكا القيام بأي شيء تجاه حلف الناتو على الرغم من غضبها من فرنسا وألمانيا وفي الوقت نفسه تحاول تهميشه واستبداله بتحالف جديد. وكحقيقة مسلم بها فإنه من غير المحتمل أن تؤدي حرب العراق إلى تمزق دائم في التحالف الغربي، علاوة على ذلك فإنه من مصلحة أعضاء هذا التحالف المضي قدماً معا في عملية العولمة، ولذلك فإن الاحتمال الأقرب للتحقق هو أن يعيد الحلفاء التقليديون تسوية خلافاتهم بعد الحرب ومحاولة تحقيق فائدة للجميع، وستصبح الدول الأوروبية أكثر حساسية للمخاوف الأمريكية بشأن أمنها الداخلي وستسمح الولايات المتحدة للدول الأوروبية بدور أكبر في استراتيجيتها الأمنية التي يجري تشكيلها.

(*)«ذي هيندو» الهندية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved