Thursday 17th april,2003 11158العدد الخميس 15 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

جنرال أمريكي أم المعارضة تحكم العراق؟ جنرال أمريكي أم المعارضة تحكم العراق؟
حكومة مؤقتة تحت قيادة جارنر

* القاهرة مكتب الجزيرة عثمان انور علي البلهاسي:
من يحكم العراق؟ السؤال الذي يفرض نفسه في خضم الأحداث الجارية وبعد ان اصبح العراق دولة بلا حاكم وتتنازع عليه أطراف عدة تريد الفوز بنصيب في الحكم وتحاول جاهدة إرضاء الإدارة الأمريكية التي أصبحت تمتلك في يدها الخيوط ومفاتيح الحكم في الفترة القادمة وسؤال من يحكم العراق ينبثق عنه تساؤلات فرعية عديدة.. ما هو شكل الحكومة الجديدة؟ وهل تستطيع المعارضة العراقية المشاركة فيها؟ هل ستطول رحلة البحث عن قرضاي جديد؟ وما مستقبل العراق في ظل ما يدور على الساحة؟.
التقت «الجزيرة» نخبة من المحللين السياسيين والخبراء في محاولة للاجابة عن سؤال من يحكم العراق؟
النمط الافغاني
يقول د. مصطفى علوي المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية: إن الولايات المتحدة تريد استمرار الاحتلال على غرار النمط الأفغاني بتشكيل حكومة مدنية ثم انتقالية يليها انتخابات وتبحث عن نواب يضعون الدستور وترى ان هذه الأمور تحتاج عامين إلى ثلاثة اعوام وتطمح خلال هذه الفترة في التركيز على مشروعاتها الاقتصادية قبل عودة الحياة السياسية الوطنية للعراق حتى انها بدأت تبحث مع اسرائيل اصلاح وتشغيل خط بترول كركوك الموصل حيفا ولن تكتفي اسرائيل بهذا الخط بل طلبت المشاركة في اعمار العراق وان تقوم شركاتها بدور رئيسي في مجالات الصناعة الجوية والإلكترونية.
لذلك فالتخطيط جار لاقامة حكم عسكري أمريكي تساعده إدارة مدنية مؤقتة يعينها الأمريكيون مباشرة أو من خلال سيطرتهم على بعض عناصر المعارضة يعني ان الوضع القانوني للعراق هو دولة محتلة بقوات أجنبية وتخضع لسيطرة عسكرية كاملة وفوضت بعض اختصاصتها في إدارة الحياة اليومية لعناصر متعاونة مع قوة الاحتلال ولا تستند لأي شرعية دولية وقد اعلنت الولايات المتحدة الأمريكية انه في فترة الاحتلال العسكري المباشر سوف تتوقف ممارسة العراق لحقوق السيادة الوطنية وتتجمد مؤقتا في الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية مثل الجامعة العربية وهو موقف يجب ان ترفضه الدول العربية والسعي للعمل مع الأمم المتحدة بالتنسيق مع الدول الكبرى لتكون هناك فترة محدودة لوصاية الأمم المتحدة على العراق لمدة عام على الاكثر تتم في نهايتها انتخابات برلمانية لاختيار مجلس نواب يضع دستورا للعراق ويحدد شكل نظامه السياسي تمهيدا لتحوله الديمقراطي والعودة إلى الممارسة الطبيعية للسيادة الوطنية والاستقلال.
ويرى د. السيد عليوة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان أن الوجود الامريكي والمتمثل في حاكم عسكري أمريكي سيبقى طويلا فالاحتلال العسكري الامريكي للعراق يأتي في اطار سعي الولايات المتحدة إلى تأسيس امبراطوريتها للهيمنة على العالم وبالتالي فإن تعيين حاكم عسكري امريكي لإدارة شؤون العراق يعد من الأمور التي تتوافق مع الاستراتيجية التوسعية الامريكية التي تسعى إلى بسط نفوذها وضغوط شركات السلاح على الإدارة الامريكية التي تعمدت اختيار الجنرال الصهيوني جارنر هو احد اشهر تجار السلاح في العالم ليكون حاكما على العراق الامر الذي يؤكد ان المصالح والحسابات السياسية الداخلية في واشنطن كانت المحرك الرئيس للحرب على العراق خاصة في ظل هيمنة اليمين المتطرف على صانع القرار في أمريكا.
حاكم عسكري
ويؤكد د. حسن نافعة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن العراق سيديره حاكم عسكري امريكي مباشرة وسيتولى جاي جارنر هذا المنصب وسيعاونه ولاة من الأقاليم وفقا للطائفة الدينية التي يقطنها السكان فالشيعة سيكون لهم شيعي وكذلك الاكراد والسنة وتبدأ الولايات المتحدة خلال الفترة الانتقالية في تصفية بواقي النظام القديم وستواجه فكرة القومية العربية بمقاومة هائلة لأن امريكا تريد وضع نظام موال لها اسرائيل وان يقبل العراق استقبال اللاجئين المبعدين من فلسطين وهي المشكلة التي تؤرق اسرائيل التي لا تزال ترفض عودة اللاجئين وتعويضهم وسيكون الحل المثالي هو توطينهم في العراق.
ويضيف نافعة ان امريكا قد كونت بالفعل رؤية متكاملة عن الصورة التي ينبغي ان يكون عليها منطقة الشرق الأوسط والتي يسرت احداث 11 سبتمبر عملية تنفيذ هذه الصورة فعليا ونقلها من عالم الافكار إلى حيز التطبيق العملي بعد ان تذرعت أمريكا بمحاربتها للارهاب في العالم ومن اهتمامات امريكا ثلاث قضايا بعينها تحتل اهتماماتها وأولياتها والقضية الاولى هي الارهاب ثم أمن اسرائيل ثم قضية النفط وبالتالي فان الحرب الامريكية على العراق هي بداية لعملية تغير كبرى واسعه في الشرق الاوسط والصورة قد تكرر بانماط أخرى.
ويرى الدكتور رفعت سيد احمد مدير مركز يافا للبحوث السياسية ان تعيين الولايات المتحدة لحاكم عسكري لإدارة شؤون العراق لا يعد مفاجأة ويتفق مع النوايا الاستعمارية التي شنت من أجلها أمريكا الحرب ضد العراق والتي استهدفت فرض سيطرتها على العراق لمدة لا تقل عن خمس سنوات تمهيدا لتولي إدارة عراقية تابعة لواشنطن لضمان السيطرة على منابع النفط وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة ولكن المفاجأة في اختيار الجنرال المتطرف جارنر ليصبح حاكما عسكريا للعراق والمعروف بعدائه الشديد لكل ما هو عربي وقام بتوقيع مجموعة من البيانات ضد الفلسطينيين كما وجه الدعوة إلى بنيامين بن اليغازر وزير الدفاع الاسرائيلي ليكون اول شخص يزور العراق عقب انتهاء الحرب وهذا ما يكشف عن نوايا الجنرال الصهويني.
مرحلة انتقالية
ويرى ضياء رشوان الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية ان القوات الأمريكية تقوم الآن بالعمل على تنفيذ المهمة المكلفة بها وهي القضاء على نظام صدام حسين وتهيئة الموقف لإقامة نظام حكم عراقي جديد، ولا يعني التخلص من الرئيس العراقي أن القوات الأمريكية قد انتهت من مهمتها، ولكن هذه المهمة تشمل القضاء على رموز وقيادات هذا النظام والحرس الجمهوري والحرس الخاص والميليشيات التابعة للنظام وحزب البعث العراقي وكوادره وكل ركائز النظام السابق المتمثلة في قواعده السياسية والحزبية والعسكرية مع السيطرة الأمريكية على مسرح العمليات وعدم السماح بأية صراعات داخلية بين الجماعات العرقية أو الدينية وإذا حدث ونشبت فسوف تستخدم معها القوات الأمريكية منتهى الشدة والحزم وفي هذا الإطار تتم حاليا إعادة تجميع للفرقة 101 المحمولة جوا في منطقة خارج المدن العراقية تقع في الوسط الجنوبي من العراق مع إعادة تزويدها بالوسائل والوسائط التي تمكنها في أي وقت من السيطرة على الموقف الداخلي.
وحول مستقبل الحكم في العراق يقول رشوان انه طبقا لما تستوجبه مجموعة اتفاقيات جنيف المنظمة لقانون الحرب، فإن على الغازي أن يتولى الإدارة العسكرية للدولة التي قام بغزوها حتى تستقر الأمور كما أن عليه تهيئة الأمر لقيام سلطة مدنية محلية كما أن عليه تأمين المنشآت والمواقع الحيوية ومؤسسات الدولة الحاكمة وتوفير الأجواء لانتظام الحياة وتأمين حاجة السكان. وهذا الواجب لم تقم به القوات الأمريكية حتي الآن وهو السبب الذي أدى إلى اندلاع موجات من الفوضى العارمة التي اجتاحت كل انحاء العراق! وربما يكون من المفيد أن نوضح أنه في مرحلة الحكم العسكري فإن تومي فرانكس سيكون هو الحاكم العسكري الأمريكي في العراق وأن المدعو جارنر سيقوم بتصريف النواحي الإدارية والإنسانية حتى لا ينشغل بها فرانكس كما أن جارنر ومجموعته الإدارية من الأمريكيين والعراقيين لن يكونوا بمثابة حكومة ولكنها مجموعة تساعد الحاكم العسكري في إدارة شؤون البلاد إلى حين تشكيل حكومة من العراقيين تتولى المرحلة الانتقالية المؤقتة وخلالها تقوم هذه الحكومة بوضع النظم الكفيلة لإجراء الانتخابات تمهيدا للوصول إلى نظام سياسي مستقر بعد ذلك.
وخلال الأيام والأسابيع القادمة ستعمل القوات الأمريكية على إقامة نوع من الإدارة المحلية من بعض العناصر الموثوق بها والتي تتمتع بثقة الناس وسوف تكتفي القوات الأمريكية بمراقبة ما يجري وتأمين البلاد كقوة شرطة أو أمن داخلي، وبعد استقرار الأمور داخل المدن سيعود الأهالي الذين تركوها ومعظمهم من الطبقة الوسطى التي تدير المصالح الحكومية والوزارات والمرافق الحيوية،
وبعد الانتهاء من هذه المرحلة والدخول في المرحلة الانتقالية ستطل الصراعات والنعرات الأثنية والدينية برأسها.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved