السيادة العراقية

لا يزال العراق في طور الانتقال من مرحلة لأخرى، ومع ذلك يظل من المهم التأكيد على عناصر معينة تتصل بسيادته، فالمواطن العادي يشعر بأقل انتقاص لهذه السيادة، حيث إن رفع علم غير عراقي في موقع ما يستثير كل عراقي، وقد رأينا كيف فقد أكثر من عشرين من مواطني الموصل حياتهم وهم يحتجون على ارتفاع العلم الأمريكي في مبنى البلدية بالمدينة.
وفي غمرة الفرحة الأولى بانهيار النظام في بغداد عندما كان يجري تدمير التمثال الشهير لصدام حسين رفع جندي أمريكي علم بلاده فوق التمثال لكن مواطناً عراقياً في الموقع استطاع ان يجتذب كاميرات التلفزة الأجنبية عندما رفع على الفور علم بلاده ومن ثم قدمه لذلك الجندي الامريكي الذي وضعه مكان العلم الأمريكي.
وفي كل الأحوال تبقى مسألة السيادة ذات حساسية قصوى، وقد بدأ العراقيون الآن، وقد انقضت لحظات النشوة بذهاب نظام صدام، مواجهة واقع جديد وهم يرون القوات الأمريكية والبريطانية تجوب بلادهم من جنوبها إلى شمالها وتسيطر على مفاصلها وحدودها، وهم يقرون بأن هذه القوات خلصتهم من النظام السابق لكنهم قد يتشككون في أي مسلك منها يخل بسيادتهم على أرضهم.
وتبقى مهمة هذه القوات ذات حساسية خصوصاً وأن أي اخلال بالمهمة قد يشير الى شبح الاحتلال والهيمنة وكلها أمور لا تتفق مع قوة تقول انها تسعى لترتيب الأوضاع في العراق في خطوات تنتهي بإقامة حكومة منتخبة.
ويبقى من المهم أن يكون للعراقيين الكلمة الأولى لحين الوصول إلى تلك الحكومة المنتخبة بطريقة تراعي استقلال العراق ووحدته وسيادته.. وقد اكدت المملكة وكل الدول العربية أهمية الحفاظ على وحدة العراق واستقلاله. وأهمية مراعاة ذلك، حيث إن المقدمات ترتبط بالنتائج.
وكلما كان للعراقيين كلمتهم فيما يجري حاليا من محاولات لترتيب النظام والأمن وما يخطط لهم مستقبلاً حول الحكومة المنتخبة كلما كان ذلك حافزاً لاجتذاب كل ألوان الطيف السياسي للإسهام في الإجراءات التنظيمية والسياسية وبالطريقة التي تضمن تمثيل كل العراقيين في حكومتهم المقبلة ففي مثل هذا التمثيل الشامل ضمانة باتجاه النقلة الحقيقية للعراق نحو الاستقرار والعدالة.