Thursday 17th april,2003 11158العدد الخميس 15 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

من التالي؟! من التالي؟!
جورج جوناس(*)

لقد ظهرت مشاعر القلق واضحة في «الشارع العربي»، ففي أثناء توجه قوات التحالف صوب بغداد، بدت تحذيرات الإدارة الأمريكية لسوريا بتوقفها عن دعم نظام صدام حسين بالمعدات العسكرية بأنها نذير شؤم. وتلك التحذيرات التي لم يوجهها فقط وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد. ولكن أيضا كولن باول وزير الخارجية الأمريكي. جعلت المعلقين في الشرق الأوسط يدقون أجراس الإنذار. فقد عبر وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بلخادم عن تضامن بلاده مع سوريا في مواجهة ما أسماه «التهديد والوعيد». وقد تساءل السيد بلخادم قائلا: «إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو من سيكون الهدف التالي للتهديد الامريكي؟» مثلما تساءل أيضا رئيس الوزراء الكندي جين كريتان عن الاجندة الامريكية . كما كان من المتوقع أن تشعر الدول غير العربية بعدم الارتياح أيضا. وقد وصفت كوريا الشمالية أي مناقشات بشأن برامجها النووية في مجلس الأمن بأنها سوف تكون بمثابة «مقدمات الحرب»؛ مؤكدة على أنها سوف تقوم بالتفاوض مع الولايات المتحدة مباشرة. طالما أن «الأمم المتحدة قد فقدت صلاحياتها».
وربما يكون قادة بيونج يانج قد أصابوا هذه المرة (على سبيل التغيير). ولكن الأمم المتحدة رغم ذلك لا تزال تتنفس. ففي الأسبوع الماضي قام كل من كولن باول وتوني بلير بمحاولة للإبقاء على أنظمة التنفس الصناعي معلقة في عنق تلك المؤسسة الدولية المحتضرة. كما أكد باول لقادة الجامعة العربية على أن سوريا وإيران لن تكونا التاليتين في قائمة الاحتلال الأمريكية.
وأضاف كولن باول: «لم يتحدث أحد في الإدارة الأمريكية عن الحرب على إيران أو سوريا. ويبدو أن هناك رغبة متواصلة من الجميع باتهامنا بأننا نقوم بعمليات التحضير للحرب. وهذا لم ولن يحدث».وحتى إذا ما كان باول يعني ما يقوله فإن ذلك ليس بالضرورة نبأ سارا؛ فعبارة «السلام الأمريكي» عادة ما تستخدم في صورة تهكمية في العالم . . ولكن السؤال الذي يظل مطروحا بقوة هو: هل يمكن للديموقراطية في العراق أن تأتي على متن الدبابات والطائرات. كما حدث في القرن الماضي لكل من ألمانيا واليابان بعد نهايةالحرب العالمية الثانية ؟! ربما لا تكون الحرب وحدها كافية لإرساء الديموقراطية. ولكن من الصعب علينا تخيل إرساء الديموقراطية على يد صدام حسين في العراق بأي طريقة أخرى، وبالرغم من أنني أتفهم وجهات نظر المدافعين عن حقوق المرأة وعن القضايا الإنسانية. إلا إنني لا أجد مبررا للحرب سوى تهديد المصالح القومية لبلادي أو لحلفائها، كما لا يمكنني أن أحارب بلدا آخر ذا ثقافة مختلفة من أجل ذلك. ولكني ربما أقوم بإرسال الجنود لوقف مذابح مميتة. حتى لو في أماكن لا أهمية استراتيجية لها بالنسبة لنا مثل البلقان أو إفريقيا. كما أعتقد أن الديموقراطيات الغربية غير ملزمة على إجبار الشعوب الأخرى على أن تعيش في سلام مع جيرانها. فإذا ما وصلوا إلى درجة لا يستطيعون الوصول فيها إلى حل للتعايش مع جيرانهم في منطقة ضيقة من الأرض، فإن ذلك بالطبع شيء سيئ للغاية، فليقاتلوا بعضهم البعض إذا؛ فنحن نستطيع (بل ينبغي علينا) أن ننصح بالسلام. ولكن ليس من واجبنا حماية هؤلاء المتقاتلين من أنفسهم عن طريق التضحية بأرواح أبنائنا وشبابنا. وربما يكون لنا تبريراتنا إذا ما قمنا بإرسال دباباتنا وطائراتنا لتقديم نصائحنا لإرساء الديموقراطية. ولكن فقط إذا ما تطلب الأمر ذلك من الدول ذات الثقافات الأخرى، سواء عن طريق الإرهاب أو عن طريق تطوير أسلحة الدمار الشامل.والأنظمة التي ينطبق عليها شروط التدخل تشمل أي دولة غير مسلحة بأسلحة الدمار الشامل في الوقت الحالي ولكنها تسعى إلى تطوير تلك الأسلحة. وتشمل أيضا الأنظمة التي لديها بالفعل أسلحة دمار شامل إذا ما أظهرت بوادر عدوانية، مثل كوريا الشمالية على سبيل المثال. وبالطبع يشمل ذلك كل الأنظمة أو المذاهب التي ترعى أو تدرب أو تأوي أو تكافئ الإرهابيين. مثلما فعل حزب البعث العراقي ونظام طالبان.

* «ناشيونال بوست» الكندية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved