Saturday 19th april,2003 11160العدد السبت 17 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
الموت البطئ 2/2
رقية الهويريني

تناولت في مقال سابق كيفية التفكير العميق وأخذ النفس بالحزم عند استخدام الثروة الناضبة والتي تحمل بين طياتها شبح العطش حتى أدى الأمر بنا إلى المطالبة بعقد مؤتمرات وأطروحات لمعالجة الخطر المحدق بنا من جراء التهديد بنضوب مياهنا وتطرقنا إلى تحليل استراتيجيات زراعية سابقة والتشجيع على زراعة القمح بكميات كبيرة حتى وصل إلى حد الإسراف والتنويع فيه بطرق مختلفة. وتمت الدعوة إلى الترشيد في استخدام القمح الاستخدام الأمثل، فضلاً عن زراعته، وعدم الدخول في مهاوي البطر في معيشتنا الذي امتد إلى جميع الأصناف حتى وصل إلى زراعة النخيل بأنواعه الذي ينتج بكميات هائلة بينما المستهلك لا يقبل إلا على نوع واحد أو اثنين حيث ثبتت صلاحيته بالتجربة للتجميد والتخزين، أما باقي الأنواع فإن أسعارها زهيدة وقد لا تغطي تكاليف زراعتها وتسويقها! ومعروف ان جميع أنواع النخيل تستنزف كميات هائلة من المياه، وتحتاج لجهد من نوع خاص للعناية بها.لذا كان لابد من الترشيد في الزراعة، والتوجيه إلى زراعة ما يناسب أجواءنا المناخية وما يلائم أجسادنا الصحراوية التي هيأها الله عز وجل لأنواع معينة في أوقات محددة، والاكتفاء بالزراعة الموسمية والتوقف عند تجهيز البيوت المحمية حيث لا يتوفر فيها الغذاء الصحي للإنسان.. والحديث يمتد إلى زراعة الأعلاف والتنافس المحموم بين المزارعين والشركات الزراعية المختصة بتربية الدواجن وتسمين المواشي اللاحمة أو المنتجة للألبان، بكميات تفوق حاجة المستهلك، وما تستهلكه هذه المواشي من أعلاف وما تستنزفه من كميات كبيرة من المياه لتزداد شحوماً ولحوماً مضرة بأجسادنا! أو ما تنتجه من ألبان تزيد عن حاجة الاستهلاك المحلي فتضطر الشركات إلى تسويقه للخارج ومما يؤسف له ان تلك المواشي والدواجن تفتقر إلى الصحة المطلوبة حيث انها لا تتحرك أبداً بل انها قد وُضعت في حظائر وأكنان لا تسعها إلا ان تأكل ثم تأكل دون حركة حتى لا تتمكن من هضم ما تأكله ولا تستنفد طاقتها ليتحول بالتالي إلى دهون تؤهلها للذبح والتسويق.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن استهلاكنا للحوم الحمراء يفوق استهلاك الدول الأخرى التي لديها ثروة حيوانية تعتمد على الرعي، بينما مجتمعنا يتناوله يوميا بشكل ملفت للنظر حيث نادراً ما تجد وجبة غداء أو عشاء خالية من اللحوم بجميع أشكالها، إما «ريش أو كباب، أوصال أو مفروم» هذا عدا المفطحات التي نتبارى في استعراضها على موائدنا على الرغم من النصائح الطبية التي تحذر من أكل اللحوم الحمراء وانه مسبب لأمراض عديدة منها ارتفاع نسبة الكلسترول وأمراض السكر والمفاصل ولعل ما يحصل الآن هو بالحقيقة تنبيه لنا لإعادة النظر في موائدنا وما تحويه، والاقتصار على ما يسد الحاجة لأن أية مبالغة سواء بالأكل أو بغيره يأتي بنتائج سيئة ونأمل ان لا يكون ذلك من باب العقاب لنا من الله عز وجل حين دخلنا مهاوي البطر في معيشتنا. وشريعتنا السمحة لا تعارض أكل اللحوم، ولكنها تدعو إلى عدم الاسراف {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} ولعل عيد الأضحى مناسبة سنوية لأكل اللحم، أما باقي السنة فلعله يكون كافياً لهضمه!!!
لذا فالأمر يستوجب وقف زراعة الأعلاف والتقليل من إنتاج الألبان التي زادت حتى عن التصدير للدول المجاورة ولعلنا نتساءل: كم من الأمتار المائية المكعبة نخسرها لنحصل على كأس من اللبن المعروض اليوم في بقالات منطقة «اليمامة» وغداً مسفوح على نفود «الثمامة»؟؟!!.

ص.ب 260564- الرياض 11342

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved