Wednesday 23rd april,2003 11164العدد الاربعاء 21 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وماذا بعد سقوط بغداد؟! وماذا بعد سقوط بغداد؟!
صالح بن عبدالعزيز البريدي/بريدة

عيون امتلأت محاجرها بالدموع وحناجرها حشرجت بالعبرات وقلوب اعتصرها الألم ونفوس هيمنت عليها الأحزان من جراء ما وقع لبغداد قلعة الأسود ومنار العلم والمعرفة، فكم تكالبت عليها المحن وداهمتها المصائب وتعقبتها الحروب الواحدة تلو الأخرى وهي صامدة صمود جبالها، شامخة شموخ نخيلها فلك الله كم عانيت من حكم جاء لا يرعى للإنسان حرمة ولا يلبي له مطلباً ولا يحقق له رغبة. عاش للحروب ولأجل الحروب خمسةً وثلاثين عاماً لم يهنأ لهذا الشعب بال ولم يحظ برغد العيش عاش بعيداً عن دوره الاجتماعي والإنساني ومشاطرة اخوانه العرب أفراحهم وأتراحهم عاش منزوياً بحكم جائر وحزب مستبد فرض العزلة على العراق وشعبه حتى تشبث المستعمر وتربص المتربصون ووجدوا الفرصة سانحة لاحتلال العراق ونهب خيراته وطمس ترابه جاءوا باسم الإصلاح والحرية والديمقراطية متخفين بأقنعة زائفة سرعان ما انكشف زيفها أمام الملأ بقنابل عنقودية وصواريخ مدمرة ودبابات جارفة أهلكت الرضيع قبل العظيم والصغير قبل الكبير ناهيكم عن تدميرها لبنية العراق وتراثه وتاريخه لقد كان حاكم العراق يلوح بالنصر. وحينما بدأت الحرب رفعنا رؤوسنا للموقف البطولي لشعب العراق الذي جعل أمريكا وحلفاءها تعيد حساباتها وتدعم جيشها بالاحتياط جراء ما لحق بها من دمار وما لاقته من دفاع مستميت وهم الذين يعتقدون أنهم سيلاقون بالورود والزهور.
وانتظرنا موقعة بغداد التي ستكون مقبرة لهؤلاء، لكن ما أبشع تلك الصورة التي انتظرناها.. صورة سقوط بغداد بين عشية وضحاها دون قتال ولا نزال.. فأنكأت فينا الجروح وأسالت منا الدموع وطأطأت منا الرؤوس.. لقد سلموك يا بغداد.. يا قلعة الأسود لقمة سائغة للأعداء.. وفتحوا المجال للسلب والنهب والسطو.
إن علينا ألا نجعل للحزن على نفوسنا سبيلاً فليست بغداد الأولى التي تلاقي مثل هذه النكبات والمصائب ومع ذلك بقيت وستبقى بإذن الله مرفوعة الرأس مهيبة الجانب لا تزيدها المصائب إلا لمعاناً والنكبات إلا إصراراً.. إن بغداد لن تسقط وستعود أشد عوداً وأقوى صلابة من ذي قبل وستعود إلى حضرة الدول العربية والإسلامية بعد ما لاقت من الانغلاق والتفرق الشيء الكثير فهي باقية كنهرها الخالد.. ومائها النمير.. ونخيلها الباسقة الوارفة إن المحن والمصائب التي تصيب الأمة الإسلامية من شأنها أن تدعو إلى المراجعة والمكاشفة وبحث أسباب ما وقع بهم فإن الشدة يتبعها الفرح.


ورب ضائقة يضيق بها الفتى
ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج

إن على الأمة الإسلامية أن تعرف ما يحاك لها وأن تراجع نفسها وتبحث عن الخلل الذي جعل الاعداء يستهينون بها وهو بعدهم عن الله و عن تمسكهم بعقيدتهم.
أرجو الله أن تكون هذه المحنة التي ألمت بشعب العراق محكاً لأمة العرب والمسلمين لمراجعة أنفسهم والانضواء تحت راية التوحيد ونبذ الشحناء فيما شجر بينهم.
وأن يكونوا اخوة متحابين في الله ولأجل الله.. وَفَّق الله المسلمين لكل خير وسدد إلى النور خطاهم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved