Tuesday 29th april,2003 11170العدد الثلاثاء 27 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من المنطق شيء من المنطق
منظمة الأوبك والتحديات الراهنة
د. مفرج بن سعد الحقباني

سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية على العراق بأكمله كما سيطرت على آباره النفطية وكامل مقدراته الوطنية وحققت بذلك هدفاً رئيساً من الأهداف المخفية التي قادت الولايات المتحدة الأمريكية لمخالفة القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية.
ومما لا شك فيه فان سوق النفط العالمية ستكون أول وأكثر المتأثرين بهذه الأحداث والمتقلبات السياسية نتيجة للأهمية الكبيرة التي تحظى بها العراق كمنتج رئيس للنفط وكعضو بارز في منظمة الأوبك وكمستودع مهم للاحتياطي النفطي على مستوى العالم.
وإذا كانت منظمة الأوبك قد لعبت دوراً مهماً في المحافظة على توازن السوق النفطية خلال الحملة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق، فان واقع ومستقبل هذه المنظمة يتوقف على ما تستطيع ان تقوم به في المستقبل من تدابير فاعلة لحماية الأسعار النفطية من الانهيار المتوقع نتيجة للزيادة المتوقعة في إنتاج العراق وفي إنتاج الدول الأخرى من داخل وخارج المنظمة التي ستسعى إلى تجاوز حصصها الحالية لتحقيق مكاسب ملموسة قبل انخفاض الأسعار المتوقع.
وعلى الرغم من منظمة الأوبك قد قررت في اجتماعها الذي عقد بفيينا يوم الخميس الموافق 22 صفر 1424هـ خفض إنتاجها بمقدار مليوني برميل يومياً، إلا أن تداعيات الأحداث السياسية الحالية ربما تحول دون تحقيق المنظمة لهدفها الاستراتيجي القائم على المحافظة على أسعار النفط في محيط الخمسة وعشرين دولاراً للبرميل.
فمن المتوقع أن تسعى وكالة الطاقة الدولية لزيادة شفطها على الدول الأعضاء في المنظمة للحيلولة دون تحقيق الخفض المقرر على أرض الواقع أو على الأقل دفعها في المستقبل القريب لزيادة الإنتاج لمعدل مقبول من الدول الصناعية ذات النفوذ السياسي القوي.
كما ان تسابق الشركات النفطية الأمريكية على الحصول على نصيبها من الكعكة العراقية قبل فوات الأوان قد يؤدي إلى الإسراع في ضخ النفط العراقي وبكميات كبيرة إلى الأسواق العالمية مما قد يؤدي إلى تخفيف أثر خفض الإنتاج الذي قررته المنظمة على الأسعار النفطية.
وإذا أضفنا إلى ذلك برنامج إعادة إعمار العراق وما يتطلبه من أموال هائلة يتم الحصول عليها في الأصل من العوائد النفطية العراقية، فان الشركات الأمريكية والبريطانية التي ستحظى بنصيب الأسد من هذا البرنامج ستعمد إلى الضغط على السلطات السياسية للإسراع في تمويل مشاريع التعمير المتوقعة مما يتطلب زيادة إنتاج العراق بكميات كبيرة لتحقيق هذه الأموال الطائلة.
وأخيراً، فان من المتوقع في ظل السيكولوجية السياسية الأخيرة التي سادت بعد السطو الأمريكي على العراق، ان تضعف درجة مقاومة الدول الأعضاء في المنظمة للضغوط السياسية التي كانت وما تزال الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الأخرى ذات النفوذ السياسي القوي تزاولها للحد من قدرة المنظمة على التأثير على متغيرات السوق النفطية.
في ظل هذه التداعيات الخطيرة، تقف منظمة الأوبك على أعتاب مرحلة تاريخية جديدة ربما تنتهي بنهاية مأساوية كتلك التي آل إليها تاريخ العراق وكتلك التي آلت إليها القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية. فهل تستطيع المنظمة مواجهة الطوفان الأمريكي الجديد؟ أعتقد ان ذلك يتوقف على قدرتها على تقدير البعد السياسي الجديد للنفط كسلعة استراتيجية وعلى قدرتها على تقدير نقاط التقاطع في المصالح مع الشركات النفطية الأمريكية ذات التأثير القوي على صاحب القرار السياسي في البيت الأبيض.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved