Sunday 11th may,2003 11182العدد الأحد 10 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأدب المثمن الأدب المثمن
النصح .. والناصح
أحمد عبدالله الدامغ

ونحن إذا ألقينا نظرة عابرة على فلسفة النصح.. ثم اتجهنا الى فهم عقلية الناصح، وجدنا في بعض الحالات تضارباً.. بل تنافراً شديداً بين مفهوم النصيحة وحالة الناصح.. أما كيف ذلك؟. فالاجابة غير القول بأن الدارس لهذا الأمر الذي يجد من المواقف الكثيرة ما يحقق له قناعة بأنه كثيراً ما تجري نصيحة عظيمة على لسان من يحتاج إليها قبل غيره من الناس.. لكن من الذي يستطيع ان يوجد لدى ذلك الناصح قناعة بأنه أحق بنصحه عمن سواه.. أو قل من يجرؤ على ان يقول أنت أحق باتباع ما تقول.
ثم أننا نجد في المقابل لذلك نصيحة ركيكة الأسلوب ومفككة العبارات، لكنها صادرة عن ناصح قد امتلأ قلبه بالرغبة في ان يرى الناس على ما يريد.. وأن يكونوا على ما هو كائن عليه من صفاء العقيدة وسمو الأخلاق. وهذا النوع له علينا حقان.. الأول الانصات لما يقول..
والثاني المشورة بتثقيف نفسه والتعمق في البحث عن كل ما يريد ان يقدمه وينصح به.. بأي أسلوب كان، في أبيات من الشعر أو أسطر من النثر..
وهناك فئة تجهل أسلوب النصح ولا تميز بينه وبين التوبيخ أو العتاب واللوم فتلبس التوبيخ والعتاب لباس النصح. حيناً وحيناً تلبس النصح ثوب اللوم فيحصل لها الازدراء بها والسخرية منها.. بل إنها لتقاس بمقاييس الحمق. وينظر إليها بمنظار التهكم.
والنصيحة يكون لها وقع لدى كثير من الناس إذا جاءت في قول مطرز بالبديع وموشى بالحكمة والبلاغة.
ويحسن بنا ان نعرج في نهاية هذا الموضوع على لون من ألوان النصح لنرى نموذجا من الأسلوب المؤثر وليكن ذلك من أسلوب الشعر..
فهذه قصيدة طويلة للعلاّمة الشيخ عبدالله بن عمر بن عبدالله بن مخرمة المتوفى سنة 972هـ. منها قوله:


واسمع أخي نصيحة من ناصح
إن النصيحة ليس يخفى فضلها
انظر الى الله الكريم ولذبه
واقصده في جلّ الأمور وملّها
وإذا الأمور تضايقت وتعقدت
فاضرع إليه فإنه المرجو له
والصدق فالزم في حديثك كله
والوعد أوفِ به فذاك أجلُّها
واترك مصاحبة الكذوب ومن
تكن عاداته عند النميمة حملها
وتغاض عن عيب الأنام فإن من
يطلب معايبها رماه بنُسلها
واحفظ حقوق الوالدين وقم بها
والأهل والأصحاب واحمل ثقلها
وانصب لكسب المال كي تكفى به
منن اللئام في الاحتياج لذلها.

للتواصل 40138 الرياض 11499

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved