Friday 30th may,2003 11201العدد الجمعة 29 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نايف: عين تحاصر الإرهاب وعين تحصّن الأمن نايف: عين تحاصر الإرهاب وعين تحصّن الأمن

* جدة خالد الفاضلي:
تتقد على مكتب نايف بن عبدالعزيز ملفات حمراء ليس لأنه وزير للداخلية، بل وأيضاً مرجع أمني يمتلك باعاً سياسياً ظهر عندما أصبح الأمن السعودي الداخلي مرتبط بدوائر خارجية، وباتت مطابخ السياسة العالمية تبني مطامعها على ظنون اشتراك سعوديون في إرهاب تناثر حول العالم من عاصمة الموت كابل إلى عاصمة المال نيويورك.
يقاتل نايف منذ سنوات لتوعية الرأي العام العالمي «وربما الداخلي» على ان كل من دنس يديه بدم أبرياء لم يعد سعودياً حتى لو ان مولده بالرياض ويحمل جوازاً أخضر اللون، وانهم خرجوا من دائرة «نقاء الدم السعودي» منذ ان وضعوا جماجمهم بين أنامل «سحرة عنف» أعادوا صياغة بعض مفردات العقيدة والسنة وحولوها إلى طلاسم توهمهم ان أقصر الطرق للجنة هو قتل الأبرياء بدم بارد.
كما وعد نايف بمحاكمة كل من سافر إلى بلدان في الشرق أو الغرب وشارك في ترويع سكانها، وأيضاً شدد نايف على وجود اتصالات أمنية وسياسية من أجل «إعادة مواطنينا إلى بلادهم، ومحاكمتهم محاكمة شرعية عادلة من منطق الرفض التام لكل أشكال الارهاب والظلم، أو تعكير أمن وأمان الناس في أوطانهم».
أدرك نايف منذ عام 1980م ان صانعي التطرف يمشون بيننا ويلبسون ثيابنا، وعندما اتخذ خطوات عملية لتحجيم التطرف تحمل الكثير حينها نوه نايف في أحاديثه الصحفية إلى أن «أرض الجبال البعيدة» تصنع من الشباب الغض المعتدل قساة ومتطرفين يسعون لتنفيذ رغبات أساتذة يتحركون في الظلام لهم أهداف غير معلنة.
نامت الرياض حزينة ليلة الهجوم الإرهابي وازدادت هموم «نايف» ملفاً جديداً لونه أسود هذه المرة لأنه يوحي بدخول الأمن الداخلي السعودي مرحلة جديدة تحتاج إلى ترتيب الأوراق بطريقة مختلفة، فسابقاً كان التطرف «صناعة داخلية للاستهلاك الخارجي»، أما الآن فالأمر «صناعة محلية للاستهلاك المحلي»، رغم وجود إشارات إلى ان جزءاًً مهماً من مكونات «الصنعة» تم إعداده خارجياً، لكن لا يزال في المعادلة عوامل خارجية بعضها في جهة التصنيع والأخرى في جهة المصنوع له بحكم ان «صبية الإرهاب» ركبوا سياراتهم المفخخة وفجروها داخل أو بجوار مبان يسكنها جاليات عربية وغربية غالبيتهم أتوا للسعودية من أجل الوظيفة المتاحة ثم ارتضوا الإسلام دينا قبل موتهم بشكل غادر على يد متطرفين إسلاميين، بعد ان حصدت رشاشاتهم سعوديين كانوا يحرسون بوابات السكن في تلك الساعة.
يحمل «نايف»، كما فعل منذ سنوات عديدة، راية التحذير من صناعة الإرهاب محلياً، كما ان عيونه وكلماته بدأت ترسل إشارات ومخاوف من قيام العناصر الإرهابية باستباحة دماء المواطنين السعوديين في حال عجزهم عن اختراق تحصينات جديدة لمساكن الجاليات الغربية وسفاراتها، لكنه يحمل أيضاً قبضة من حديد تلتف عاجلاً أو آجلاً حول عنق «مصانع الإرهاب» وعناصر الإنتاج الخفية والظاهرة، وكما هو في جميع مؤتمراته الصحفية الأخيرة بدأ «نايف» يحث رجال الإعلام والأمن والفكر المعتدل على التعامل مع الإرهاب كتيار فكري موجود يتوجب محاصرته ودفعه إلى مقابر «مزبلة التاريخ» حتى لو قامت عناصره بأعمال إرهابية من فئة «النزع الأخير» في مرحلة الاحتضار والموت.
يتميز «نايف» بقدرته على تجاوز مخاوف رجال الأمن من وسائل الإعلام، واحتمالية إفسادها لمجريات تحقيق قضية ساخنة، واستطاع خلال السنوات الأخيرة مساعدة وسائل الإعلام السعودية على المشاركة في محاصرة التمدد الإرهابي، كما أنه يمتلك تميزاً مختلفاً من خلال الاستجابة لفضول الصحافة دون افساد مجريات التحقيق، وتأكد ذلك من قدرته على تحمل سعي كل صحيفة للتميز من خلال إجراء لقاء منفصل معه «الأمير» حول قضايا هامة مثل وفاة طالبات سعوديات في مكة المكرمة نتيجة حادث حريق، وبعدها وفاة مجموعة من الحجاج في يوم رمي الجمرات، ثم سلسلة من التفجيرات الصغيرة في الرياض تعرض لها أجانب، وبعدها حوادث قتل غريبة في مدينة الجوف، ثم مقاومات مسلحة في الرياض من مجهولين ضد رجال الشرطة أدت لاحقاً إلى اكتشاف أوكار مخصصة لجمع الأسلحة وإعداد المتفجرات والسيارات المفخخة، وأخيراً هجوم إرهابي على مساكن أجانب في الرياض تلاه وسبقه تهديدات لتكرارها تسببت في اغلاق سفارات أجنبية ورفع درجة القلق الأمني لولا هدوء صوت نايف وهو يؤكد للجميع ان جميع الأجهزة الأمنية تبذل جهداً قادراً على إفشال «صبية الإرهاب».
يحتفظ «نايف» بجانب آخر من حنكة التعامل مع الإعلام في حديثه الدائم على ان الضمانات محصورة فقط في ان كل الأجهزة الأمنية تبذل طاقتها القصوى، لكنه يحافظ دوماً على مصداقية المعلومات المسنودة له ويكرر: «ما يدفعني للتحفظ هو إننا جهة مسؤولة ولسنا صحيفة، أو محطة تلفزيونية، نستطيع ان نظن ظناً او نحدد مصدراً، نحن يجب ان نحدد الحقائق كما هي على الأرض»، كما يستخدم سياقاً آخر «الحقيقة من أجل ان أعطي اجابة حقيقية وصادقة أقول ان مثل هذه التفاصيل لم تردني حتى الآن»، ثم يعود إلى سحب المواطنين إلى خانة رجال الأمن الدائمين مناشداً جميع الضمائر الحية إلى المساعدة في تحصين البلد والعباد من دموية عقول تشبعت بأفكار منحرفة تتربص لأمن المواطن والمقيم بوسائل غادرة يرفضها الدين والفطرة.
يوازن «نايف» منذ أحداث 11 سبتمبر، وربما قبلها، بين معادلة ذات نهايتين مختلفتين الأولى ضرورة وجود تعاون أمني بين أجهزة الأمن السعودية وأجهزة الأمن الأمريكية، ثم ضرورة حفظ سيادة السعودية على أسرارها الأمنية وعدم السماح للآخرين بحشر أنوفهم في كل ملف حتى لو كانوا يملكون حجة بحجم انهيار برجي التجارة العالمية.. واستطاع نايف ان يقود سفينة التعاون الأمني السعودي / الأمريكي دون غرقها نتيجة ألغام استخباراتية، أو تدخلات أجنبية.. كما استطاع «نايف» بعد تفجيرات الرياض ان يضع جميع الحراسات الأمنية التابعة لجهات مختلفة تحت مظلة وزارة الداخلية طالما أنها تهتم بأمن المواطن والمقيم، فيما كانت حراسات التجمعات السكانية تخضع سابقاً لجهات مختلفة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved