Friday 6th june,2003 11208العدد الجمعة 6 ,ربيع الثاني 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الانحراف الفكري العدواني الانحراف الفكري العدواني
د. مسعد بن عيد العطوي ( * )

تطرأ ظاهرة الانحراف في التكوين الانساني عامة وتطرأ في تكوينه الذهني، وفي تكوينه السلوكي وفي تكوينه العقائدي وتطرأ على تكوينه الاجتماعي، وتنتمي كلها الى ظاهرة الاختلاف وكل مفكر يدرك ان الاختلاف امر حتمي بل وسيلة للابداع، ووسيلة الى تكوين الرأي الاصلح او المعتدل بل يؤدي الى الوسطية، لكن هذا الاختلاف اذا تواصل تواصلاً ذهنياً وفكرياً وحاول التبرير والبرهنة بالعقل والتفكير وان تكون الوسائل البرهانية هي سبيله الى الغاية فتلك السبل هي الطرائق المدنية والحضارية بل الانسانية بل هي العقل والحصلية التأملية وتلك التي تؤدي الى تلاقح الافكار، وتنامي العلاقات الانسانية، والحرية العقلية، والسلام الانساني والتطور الحضاري بعامة.
اما اذا ما تواصل الانسان مع فكرة محدودة وتوقف عندها واتخذ وسيلة العنف باللسان او اليد او القوة فهنا تكون الطامة على الفرد واذا كانت لمجموعات فتكون مصيبتها على المجتمع.
تلك هي بوادر الانحراف السلوكي والاجتماعي، الذي يخالف الشرع بالخروج عن طاعة ولي الامر، والافساد بسفك الدماء وترويع الامة، ووقف اعمالها الخيرية ووقف البناء الداخلي بل تدميره.
انهم يعملون اعمالاً شريرة لم تخطر على بالهم ولم يتدبروا عاقبتهم فعقولهم محجوبة، وادمغتهم مغسولة وسلوكياتهم منحرفة، وفكرهم مندفع مقتنع بما لايقنع به العقلاء بل عامة الشعب ان هذا الانحراف الفكري والسلوكي مصيبة العالم الاسلامي الاولى لأنها تضرب من الداخل وتبرر البراهين للمتربص الخارجي ان اعظم مصائب الفرد التي تتأتى من ذوي القربى، وكذلك مصائب الامة هي التي تتأتى من بنية مجتمعه او من صرعاتهم ان هذه الفئة القليلة العدد جدا اذت مجتمعنا داخلياً وخارجياً، وكلفتنا اموالاً وساءت الى مكانة الفرد السعودي بل العربي والاسلامي.
فعلينا ان نتدبر واقع الامر، ومستقبله، وندرك ماهيته، ونعالجها بشتى السبل بالحسنى لمن استجاب للحسنى قبل ان يفعل الانحراف وبالقوة لمن تجاوز وظلم وافسد في الارض.
اننا لما نتأمل في ماهية التفكير عند هؤلاء نجدهم يظنون انهم قاموا بأعمال دينية بينما هم قاموا بأعمال ضد الدين ومتعارضة معه ومتعارضة مع النظرة الانسانية، ومع الخاصية العقلية البشرية، ومتعارضة مع السلوكيات ذات القيم الدينية والانسانية بأمور لو قارناها بسيرة الرسول وصحابته، والدول الاسلامية لوجدنا انهم مخالفون الدين نقلاً وعقلاً وتطبيقاً، فإعلان الجهاد لايكون الا تحت لواء قيادة الامة، وهم يخالفون الشرع حين يجنون على اهل الذمة، وهم يسلكون سبيل قطاع الطرق يعتدون على المسلمين الآمنين وهم يعارضون مسيرة العمران حين يتركون العمل والانجاز وهم يخالفون الشرع حين يتركون اسرهم ايتاماً او جياعاً عالة على غيرهم، وهم كذلك يعقون اباءهم وامهاتهم حين يهجرونهم ويعذبونهم بالبحث عنهم وبانتظارهم ثم يفاجؤون بارتكابهم لهذا الاجرام المنحرف الى اعلى درجات الاجرام والانحراف.
لست ادري اين العقول والبراهين التأملية؟
لست ادري اين القيم الانسانية السلوكية؟
لست ادري كيف يكون الضعف العقلي المؤدي للاتباعية؟
لست ادري اين المنهجية الفكرية
انها افعالٌ غابَ خيرُها وحضرَ شرُها
انها امور شابت لها رؤوس الولدان، وتفطرت منها قلوب الشيوخ، واهتز لها كيان العلماء فاللهم نسألك ان يرى شبابنا الحق حقاً وارزقهم اتباعه، وارِهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه، اللهم اهدِ شبابنا صراطك المستقيم، اللهم اجعل هذه آخر فئة منحرفة، واصلح سائر امتنا يا لله.. يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على الحق والخير.

( * ) عضو مجلس الشورى

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved