المملكة وثوابت السلام

عكست المشاركة الفاعلة للمملكة في قمة شرم الشيخ حضورها المتميز في كل شؤون المنطقة، حيث استطاعت بهذه الفاعلية ضبط ايقاع القمة ليتفق مع ثوابت سياستها وثوابت الموقف العربي من القضية الفلسطينية.
فقد أثارت المطالبة الأمريكية بضرورة القفز مباشرة الى التطبيع حفيظة الوفود العربية، حيث امتنع سمو ولي العهد عن حضور لقاء مع الرئيس الأمريكي خلال القمة الى أن جرى حذف هذه العبارة من بيان كان سيتم القاؤه.
هذا الاصرار والوضوح في الموقف السعودي يجد التقدير من الجانب الآخر. فليس المهم دائماً ان يتفق الجميع في كل شيء، ولكن من المهم أن يعترف الجميع بحق الاختلاف فذلك ادعى لاحترام وجهات النظر المتباينة وأسهل في محاولات تجسير المواقف بدلا من تجاوز الخلافات أو غض الطرف عنها، بما يؤدي إلى بناء سياسات جديدة قد تفاقم من الخلافات.
وسيفيد السلام كثيراً أن تمضي المبادرات بما فيها خارطة الطريق حسب التسلسل المنطقي الذي يكفل الوفاء بالاستحقاقات بطريقة عادلة وأن يعطى كل طرف ما هو مطلوب منه بطريقة تضمن وفاء الجانب الآخر بالتزاماته.. وعلى سبيل المثال فإن القفز مباشرة الى التطبيع أمر غير ممكن، إلا إذا عادت كل الأراضي المحتلة وأقيمت الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس فضلا عن ضمان عودة أكثر من خمسة ملايين لاجئ..
لقد أسهمت قمة شرم الشيخ في اطلاق تفاهمات ينبغي البناء عليها، فإلى جانب التوضيح السعودي بشأن الموقف من التطبيع فقد كان هناك اصرار عربي على التعامل مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وليس تهميشه كما يفعل ذلك كل من الأمريكيين والاسرائيليين، ولا يعني ذلك أن الجانب العربي لا يحبذ التعامل مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس أبو مازن وإنما لا يوجد ما يمنع من التعامل مع رئيس فلسطيني يحظى بالشرعية ومنتخب من شعبه.
ويستفيد السلام كثيراً إذا اعتمد على الوضوح وتقدير الاطراف لمواقف ووجهات نظر بعضها البعض، فمن شأن ذلك المساعدة في الوصول الى آراء متوافقة أو نقاط التقاء يمكن أن تسهم كثيراً في دفع الأمور إلى الأمام، طالما صدقت النوايا في الوصول إلى السلام المنشود.